السبت 23 ديسمبر2006


د. سعد بن طفلة العجمي

وجهان لعملة واحدة، هذا باختصار، المشترك بين الحزبين الطائفيين في كل من لبنان وفلسطين، فالحزبان قادا إلى انقسام واحتراب داخل الساحتين الفلسطينية بالنسبة لـquot;حماسquot;، واللبنانية بالنسبة لـquot;حزب اللهquot;.

فإن الحزبين تنظيمان دينيان طائفيان quot;خلقهquot;، -أي بالطبيعة وبالفطرة، فـquot;حماسquot; تنظيم ديني لدين واحد ولطائفة واحدة، وquot;حزب اللهquot; تنظيم ديني لطائفة واحدة أيضاً، quot;حماسquot; قادت إلى انقسام المجتمع الفلسطيني، وquot;حزب اللهquot; قسم اللبنانيين إلى فريق الثمانية مقابل فريق الرابع عشر من آذار.

quot;حزب اللهquot; شلَّ الحياة الاقتصادية في لبنان، وquot;حماسquot; قطعت أرزاق الناس بسياساتها الخرقاء. دخلت quot;حماسquot; الانتخابات على أن تتنكر لاتفاقيات quot;أسلوquot; بعد الوصول إلى السلطة، وهي بكل سذاجة تعتقد أن القصة quot;لعبةquot;، ومن أراد أن يخرج منها فهو حُر. وصلت إلى السلطة فتنكرت للاتفاقات التي على أساسها قامت السلطة، ولو لم تخضْ الانتخابات وتشارك فيها لكان أسلَم لها من الدخول في انتخابات لسلطة قامت على أساس تنكَّرت له، وهي بذلك تتنكَّر لشرعيتها ولوجودها في السلطة.

كان quot;حزب اللهquot; يرفض الدخول في الحكومة والمشاركة في الانتخابات، على اعتبار أنه حركة تحرير وجهاد ولا شأن له في السياسة، وكان السيد حسن نصرالله سيد المقاومة بلا منازع، وخصوصاً حين قدم التضحيات الشخصية واستشهد ابنه هادي، ولكن quot;حزب اللهquot; دخل اللعبة السياسية، وشارك في الانتخابات ثم شارك في الحكومة، ويريد أن يبقى حزباً للمقاومة المسلحة لا يساءل ولا ينزع سلاحه. يختار توقيت المواجهة مع إسرائيل وهو مشارك في حكومة شرعية يفترض أن يعترف بقرارها ويخضع له، ولو لم يشارك في الحكومة أصلاً لكان أفضل لـquot;حزب اللهquot;، ولكن quot;حزب اللهquot;-تماماً مثل quot;حماسquot;- يريد الدخول في اللعبة السياسية دون الخضوع لقواعدها.

حزب فقد quot;الهالة القدسيةquot; التي كان يتمتع بها كحركة تحرير بقبوله الدخول في اللعبة السياسية، وأصبح أبو هادي -السيد حسن نصرالله- سياسياً لبنانياً آخر، مثله مثل عون وجنبلاط والسنيورة والحريري وجعجع وأي سياسي لبناني آخر، له مؤيدوه وله معارضوه، سواء كان لون عمامة السيد أبيض أم أسود، فهو اليوم يعتبر حزباً واحداً من ألوان الطيف السياسي اللبناني بمحض إرادته -ولا أريد أن أقول بمحض إرادة الآخرين.

وquot;حماسquot; دخلت اللعبة السياسية بعد تكوين استمر عقدين، يذكر أن الحزبين تشكلا في وقت متزامن تقريباً: quot;حزب اللهquot; 1983 وquot;حماسquot; في 1987. وكانت حركة quot;حماسquot; -مثلما كان quot;حزب اللهquot;- ترفض الدخول في اللعبة السياسية والانتخابات على اعتبار أنها تنظيم مقاومة وانتفاضة وحجارة، وكانت تحظى باحترام العالم أجمع إلى أن دخلت في لعبة الانتحار اختصاراً للوقت وطمعاً في جني الثمرات، فكان ما كان من انهيار تام للعملية السلمية، وقمع وحشي للانتفاضة برره الإسرائيليون على أنه مشروع في مواجهة الانتحاريين، فاتجهت quot;حماسquot; نحو الداخل، وقررت المشاركة في الانتخابات، ووصلت نتيجةَ كفر الناس بفساد quot;الفتحاويةquot;، ولتعثر العملية السلمية التي كانت quot;حماسquot; أحد أسباب تعثرها.

وبالطريقة نفسها تدمر لبنان بسبب حرب quot;حزب اللهquot; بالنيابة عن الآخرين، ثم التفت quot;حزب اللهquot; نحو الداخل ليحارب طواحين الهواء، وليوزع صكوك الغفران والوطنية مغلَّفة بالدولارات الإيرانية، وقاد البلاد إلى حالة الشلل والفوضى التي تعيشها اليوم، وقد يقودها ndash;لاقدر الله- للاقتتال الداخلي ndash;تماماً مثلما جرَّت quot;حماسquot; الساحة الفلسطينية إليه.

من الإنصاف القول بأن خصوم quot;حزب اللهquot; وquot;حماسquot; ليسوا بالضرورة بدائل مناسبة وفعَّالة ونظيفة، ولكن الواحد لا تختلط عليه المفاهيم فيمن قاد الحالة الفلسطينية واللبنانية إلى ما هي عليه اليوم.