بقلم : دrlm;.rlm; زاهي حواس

مما لاشك فيه أن هناك علامات استفهام كثيرة حول أسباب كل هذا الصخب الاعلامي المثار حول موضوع الضبعة علي صفحات الجرائد وتناوله كبار الكتاب في اعمدتهم بل وفي مجلس الشعبrlm;,rlm; واذا كنا لاننفي اهمية الموضوع الذي يتصل باقامة مشروع قوميrlm;,rlm; وهو بناء يتعلق بإقامة المحطة النووية فهذا لايبرر كل هذه الافتراءات علي المجلس الاعلي للاثار والعاملين بهrlm;,rlm; ففي البداية اتهمنا بأننا نعمل لحساب البدو المقيمين بجوار الموقعrlm;,rlm; ومرة اخري قيل اننا نعمل لحساب رجال الاعمال الذين من مصلحتهم ايقاف مشروع المحطة من اجل اقامة مشروعات سياحيةrlm;,rlm; اما اخر الافتراءات واعجبها فهو اننا نعمل لحساب الحكومة والتي لاتريد استكمال العمل في مشروع المحطة النووية ولجأت الي المجلس الاعلي لايجاد مبرر لايقاف المشروعrlm;.rlm;

وهنا لابد من توضيح الحقيقة التالية وهي أن آثارنا هي ذاكرة مصر وتاريخها وهي بالتالي جزء لايتجزأ من الهوية المصرية ان لم تكن هي هويتنا التي يتفنن البعض في محاولة محوهاrlm;,rlm; وبالتالي فان واجبنا جميعا ـ وليس فقط القائمين علي الاثار ـ هو الحفاظ علي تراثنا بكل ما نملك من علم وأدواتrlm;.rlm;

وعلي الجانب الآخر يجب ان نعترف ان اقامة محطة نووية ودخول مصر عصر انتاج الطاقة النووية بات امرا لابد منه في ظل الظروف العالمية وحركة الصناعة النشيطة ومستقبل مصادر الطاقة الاخريrlm;,rlm; وبالتالي فنحن حين نتناول هذا المشروع نتناوله علي انه مشروع قومي يخص مستقبل مصر التي لم تستفد للاسف حتي الان بعقول علمائها في مجال انتاج الطاقة النووية رغم اعتراف العالم كله بنبوغهم في هذا المجال وان لم يكن هذا هو مجال حديثنا وانما نسوق هذه المقدمة للتأكيد علي اننا في تناولنا لمشروع المحطة النووية نتخذ كل الاجراءات والوسائل التي تساعدنا علي الحفاظ علي الاثار في الوقت نفسه عدم الغاء هذا المشروع القومي المهمrlm;.rlm;

وفي اعتقادي ان مصدر هذا الصخب وتلك الاشاعات هو للأسف بعض العاملين في كل من وزارة الكهرباء والآثارrlm;,rlm; وبالطبع غرض هؤلاء هو إحداث الوقيعة بين قيادات كلتا الجهتين واعتقد انهم فقط نجحوا في اثارة الموضوع وجعله حديث العامة والخاصة في كل مكانrlm;.rlm;

واذا أجبنا عن السؤال الذي يتردد الانrlm;,rlm; وهوrlm;:rlm; اين كان المسئولون عن الاثار عندما صدر القرار الجمهوري بتخصيص هذا الموقع لهيئة الطاقة النووية التابعة لوزارة الكهرباء في عامrlm;1982,rlm; واصبح الموقع يخص جهة سيادية واقيمت الاسوار حول الموقع واعتبرت منطقة محظور الاقتراب منها؟

والاجابة انه في حالة تخصيص أي قطعة ارض لاقامة مشروع ما بغض النظر عن الجهة التي ستخصص لها هذه الارض فإن قانون حماية الآثار ينص علي ضرورة الحصول علي موافقة الاثار حتي وان كانت هذه الارض خالية من أي شواهد اثريةrlm;,rlm; حيث يتم وضع مراقبين من قبل المجلس الاعلي للاثار لمراقبة اعمال الحفر اثناء إقامة المشروع للتأكد من خلو الارض من الاثارrlm;,rlm; اما في حالة وجود شواهد أثرية بالارض فيقوم الاثريون قبل البدء في اقامة المشروع باجراء المجسات واعمال الحفر وذلك للكشف عما بها من اثار وتحديدهاrlm;,rlm; فاذا كانت الاثار منقولةrlm;,rlm; اي اثار لاترتبط ببناء ثابت بالارض كالمعبد او المنزل او المقبرة فيتم نقلها الي مخازن الاثار ويتم تسليم الارض للانتفاع بها بعد التأكد تماما من عدم وجود آثار بهاrlm;.rlm; اما اذا كانت الاثار ثابتة كما ذكرنا من قبل فان الارض توضع وتصنف كارض اثرية لايجوز التصرف فيهاrlm;,rlm; حيث ان الاثار الثابتة لايمكن نقلها إلا في حالات معينة كوجود اخطار تهدد بقاءها بمكانها كالغرق في المياه الجوفية او ما الي ذلكrlm;,rlm; وحتي في هذه الحالات فالقرار دائما بتفكيك الاثر واعادة بنائه بالقرب من مكانه بعد عمل أساسات واعمال عزل خاصة به لرفعه عن الارضrlm;.rlm;

ويعد مشروع بناء السد العالي ابرز الامثلة حيث قام الاثريون وعلماء المصريات من كل مكان بالتعاون مع هيئة اليونسكو بإنقاذ المعابد التي كانت منتشرة علي ضفاف النيل من جنوب اسوان وحتي الشلال الرابع مرورا بابوسمبل ليس المعابد فقط وانما جميع الاثار ومن عصور مختلفة والتي وجدت بالمنطقة قبل البدء في المشروعrlm;.rlm;

لقد ظهر اهتمام العالم كله بالاثار المصريةrlm;,rlm; واعلن ان الاثار المصرية لاتخص مصر فقط بل تخص الانسانية كلها باعتبارها تراثا انسانيا عظيما وقد كانت ملحمة رائعة في إنقاذ آثار مصر دون الحيلولة عن اقامة مشروع وطني اثبت بالفعل اهميته القومية لمصرrlm;.rlm; وهناك ايضا المشروع القومي الخاص بترعة السلام بسيناء حيث قام المجلس الاعلي للاثار بحفر مسار الترعة وتم الكشف عن العديد من الاثار المهمة التي تخص مصر وسيناءrlm;,rlm; والامر نفسه حدث مع مشروع توشكي حيث عثر في العديد من مواقع المشروع علي آثار مهمة ترجع لعصور ما قبل التاريخ وهي بحق دلائل علي الخطوات الاولي للانسان المصري نحو بناء حضارة عظيمة علي ارض الحب والسلامrlm;..rlm; مصرrlm;.rlm;

واخيرا كان هناك مشروع تنمية الساحل الشمالي الذي اتضح بمعاينة المنطقة وجود آثار مهمة بجزء من ماريناrlm;,rlm; وكشف الاثريون عن منطقة مهمة بها العديد من المقابر الاثرية ولذلك تم التحفظ علي الارض ولم تسلم لوزارة الاسكان ولابد هنا من الاشادة بالموقف النبيل للوزير احمد المغربي عندما طلب أن يسير خط مواسير مياه داخل احدي المناطق ولكن بعد ان عاينتها لجنة من الاثار اتضح ان بالمنطقة اثارا مهمة وبالتالي تم رفض المشروعrlm;,rlm; وقد تقدم المهندس فؤاد مدبولي بتقرير للوزير احمد المغربي يذكر به وصفا كاملا للمقابر المنحوتة في الصخر مما يؤكد اهمية المنطقة من الناحية الاثرية فما كان من الوزير المغربي الا ان رفض تماما استكمال العمل بالمشروع بل وعرض علينا مساعدة الوزارة في تمويل اي مشروع لتحويل الموقع الي مزار سياحي يليق باهميتهrlm;.rlm;

وجار فعلا الان عمل مشروع متكامل لتحويل منطقة مارينا العلمين الي موقع سياحي فريدrlm;.rlm; ونعود الي موقع الضبعة فهو من المواقع الاثرية المهمة وهو جزء من مدينة كانت تسمي زيفيريوم القديمة وذلك طبقا للنص الذي تركه المؤرخ الروماني استرابو وكذلك موقع المدينة الذي ورد علي الخريطة الاثرية المعروفة بخريطة بوميتينجر الرومانية والتي وقعت عليها طرق مصر الرئيسية خلال القرنين الثالث والرابع الميلاديrlm;.rlm; الامر الذي يعني ان هناك تسجيلا علميا لأهمية هذه المدينة خلال العصر اليوناني الروماني حيث انه يحوي جزءا من تراث مصر خلال ما يقرب من الالف عامrlm;.rlm;

أما الاثار الموجودة بموقع الضبعة الان وذلك طبقا لمحضر المعاينة المؤرخ بتاريخrlm;1rlm; اغسطسrlm;2006rlm; من قبل لجنة اثرية عليا وبحضور مدير المشروع فقد ثبت وجود عشرة تلال اثرية ترتفع بحوالي متر الي متر ونصف المترrlm;,rlm; وهذه التلال مغطاة بكميات كبيرة من الفخار المحلي وكذلك الفخار المستوردrlm;,rlm; أي الفخار المجلوب من خارج مصر من بلاد سوريا وفلسطين وقبرص وغيرها من المناطق التي كانت خاضعة لحكم الامبراطورية الرومانية في ذلك الوقتrlm;,rlm; ويؤكد وجود الفخار المستورد علي اهمية ميناء رأس الضبعة الاقتصادي في ذلك الوقت وهو م ن الموانئ القديمة المهمةrlm;.rlm; وقد عثر بالمنطقة علي صهاريج اثرية للمياه ترجع للعصر اليوناني الروماني بعضها دائري الشكل والاخر مستطيلrlm;.rlm;

وقد تم تسجيل نحوrlm;6rlm; صهاريجrlm;,rlm; كما عثر بالموقع ايضا علي معاصر للنبيذ ترجع الي القرن الثالث الميلادي وحتي العصر البيزنطي وتتكون عناصرها المعمارية من حوض رئيسي لعصر النبيذ ليتم استقبال العصير في احواض اخري فرعيةrlm;.rlm;

وهناك ايضا العديد من المقابر الصخرية التي تقع داخل السور الحالي المقام حول موقع المشروعrlm;.rlm;

هذه المقابر من نوعية المقابر المعروفة باسمrlm;HYPOgeumrlm; وتظهر بها الصالة المفتوحة في كل مقبرةrlm;,rlm; وهناك بعض المقابر تتشابه تماما في الشكل مع المقابر التي عثر عليها في مارينا وتوجد بها حجرات للدفنrlm;.rlm; كما يوجد بالموقع أطلال مبني يقع علي تل أثري مرتفع عن سطح الماء بحوالي عشرة امتار وقد يكون هذا المبني عبارة عن نقطة مراقبة وإرشاد للسفن القادمة لميناء رأس الضبعةrlm;.rlm; واخيرا عثر الي الغرب من المقابر الصخرية علي تل صخري بارتفاع نحوrlm;12rlm; مترا ويطل مباشرة علي الميناء ويرجح كونه جزءا من فنار لإرشاد السفنrlm;.rlm;

وقد استطاع العلماء ان يحددوا ماهية هذا الموقع بأنه كان عبارة عن مدينة اثرية مهمة خلال العصر اليوناني الروماني اكتسبت اهميتها من كونها مدينة تجارية وصناعية وذلك من خلال الشواهد الاثرية الظاهرة علي سطح الارض بل من المرجح كذلك وجود جزء من هذه المدينة غارق تحت مياه البحرrlm;.rlm; وقد اعتمدنا مبلغrlm;50rlm; ألف جنيه بصفة مبدئية للحفر عن الآثار وتسجيلها وفي نفس الوقت سوف يجري استكمال المشروع دون اي أعاقةrlm;.rlm; وفي حالة الكشف عن هذه الاثار سوف تسجل وتصور وبعد ذلك سيقوم الاثريون بنقل هذه الاثار الي مواقع اخريrlm;.rlm; وقد اتفقت مع دrlm;.rlm; ياسين محمد رئيس هيئة الطاقة النووية بأن المجلس الاعلي للآثار لن يعلن عن أي اخبار خاصة بالموقع إلا بعد الانتهاء من الحفائرrlm;.rlm; هذه هي حقيقة موضوع الضبعةrlm;.rlm;