عبد الرحمن الراشد

حتى حماس نفسها صدمت بالنتيجة الضخمة لفوزها في الانتخابات ولذا تبدو مرتبكة تجاه الخطوة التالية، فالحركة لم تكن مستعدة لنتيجة الخامس وعشرين من يناير، وبطبيعة الحال السلطة نفسها، والبقية الباقية من المتفرجين المعنيين. فاسرائيل قررت فتح تحقيق مع اجهزتها متسائلة لماذا لم يتوقعوا النتيجة الباهرة لأكثر خصومها عداوة. الاوروبيون قالوا انهم ينظرون في وضع المليار دولار مساعدة للسلطة الفلسطينية لانهم لم يضعوا في حسبانهم وصول حماس. الولايات المتحدة تعتقد انها ارتكبت غلطة كبيرة بدعم تدريب قوات الأمن الفلسطينية وتجهيزها. وردود الفعل المندهشة مستمرة.

نتذكر ان اكثر الاشارات مبالغة التي وصلتنا لم تبلغ الرقم الحقيقي. فآخر استطلاع اجري على ابواب الصناديق مباشرة اعطى حماس 58 مقعدا واكد على فوز متواضع لفتح بـ63 مقعدا، من أصل اجمالي مقاعد المجلس التشريعي وعددها 132. وفي اليوم التالي ظهرت النتيجة المفاجأة، حماس 76 مقعدا اما فتح فلم تحصل الا على 43 مقعدا فقط.

اليوم حماس في حيرة، وفتح في صدمة، والجميع يراجعون حساباتهم، وستستمر المراجعة في الاشهر المقبلة الى ان تمتحن حماس الاحداث المقبلة. فان قبلت فتح مساعدة حماس بمشاركتها في حكومة وطنية سيدفع ذلك الى التهدئة وستجد الحركة صاحبة المواقف الرافضة محللا مع اسرائيل يبرر ما ستتخذه من مواقف جديدة مرتبطة بالتفاوض مع الاسرائيليين، واستكمال الترتيبات الضرورية لحركة الناس. اما اذا رفض الفتحاويون المشاركة من قبيل احراج حماس ودفعها لارتكاب اخطاء اساسية ترمي بها خارج السلطة بالقوة الاسرائيلية في حال وقوع اشتباكات او بانتفاضة شعبية ان قوطعت ماليا ووجدت الحكومة نفسها مفلسة لا تقدر على دفع مرتبات الموظفين.

لذا تبدو حماس مصدومة من النتيجة اكثر من الخاسرين انفسهم ولا نتوقع منها قرارات سريعة، ويفترض الا تتعجل بالتبرع بالتصريحات حول مواقفها قبل ان تدرس في اي اتجاه ستضع خطوتها الأولى. هي تواجه وضعا محرجا جدا امام العالم لأنها صارت مسؤولة مباشرة عن القول والقرار والفعل.

اعتقد اننا سنرى انعكاسا صعبا على حماس بسبب فوزها لأن أي قرار ستتخذه او تسير في ركابه سيحدث ضجة في محيطها، وغالبا سيقسم حماس الى فريقين، واحد براغماتي يرى ان امام حماس فرصة تاريخية في قيادة الشأن الفلسطيني وعلى الحركة ان ترتقي الى مستوى المسؤولية، وان حماس الحركة غير حماس الحكومة، وفريق سيعتبر ان أي تراجع عن مواقف حماس المعلنة فيه خذلان لجمهورها ونكوص عن برامجها وان الافضل ان تخرج حماس من الحكم على ان تبيع شرفها السياسي.

سنرى انقساما في داخلها وقد يكون فيه الحل المناسب للجميع. انشقاق حماس، كما انشقت فتح على نفسها عدة مرات في ظروف مشابهة، فيه حل مريح لأنه سيهيئ للرافضين من حماس الاستمرار وسيمنح البراغماتيين فرصة ادارة الحكومة، وستمني فتح نفسها بأن حماس صارت اضعف في انتخابات مقبلة.


[email protected]