السبت: 2006.03.025
تشارلي ريس
كاتب ومحلل سياسي أمريكي
سأحدثكم عن حقيقة سياسية إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وليس لدي أدلة تصلح لعرضها على المحكمة، ولا أحد يملك مثل هذه الأدلة، لأن الإدارة لا تقول الحقيقة وتنتهج السرية البالغة.
ولكن، ومن المناقشات التي أجريتها مع أشخاص من الشرق الأوسط، واستناداً إلى قراءات كثيرة، استنتج أن سياسة إدارة بوش تشتمل على ثلاثة أهداف:
وأحد هذه الأهداف هو استبدال الحكومة السورية الحالية بحكومة تأمل الإدارة في أن تكون ألين عريكة في سياستها تجاه ldquo;إسرائيلrdquo;، والهدف الثاني أن تبني أربع قواعد عسكرية دائمة في العراق، ويعني هذا أن الإدارة لا تنوي أبداً سحب كل القوات الأمريكية من هناك. والهدف الثالث هو أن تهاجم منشآت إيران النووية من الجو. وقد بدأت بالفعل حملة الدعاية الرامية لتبرير هذا الهجوم.
ولقد كذبت الحكومة الأمريكية كثيراً في ما يتعلق بسوريا، حيث أوحت بأن سوريا تساعد رجال المقاومة على التسلل إلى العراق، وزعم بعض المحافظين الجدد أن العراق أخفى أسلحة المدار الشامل المزعومة، والتي لا وجود لها، في سوريا، وتنضم الإدارة الأمريكية حالياً إلى الأطراف التي تتهم حكومة سوريا باغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، ووصل بها الأمر إلى اختيار خليفة للرئيس السوري الحالي. وأخيراً، اتهمت الإدارة سوريا بتحريض غوغاء لإحراق سفارة أجنبية في دمشق خلال تظاهرات نددت بالرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي الحقيقة أن حكومة سوريا بعثية، أي أنها علمانية واشتراكية ووطنية وتعارض المتطرفين الدينيين سواء كانوا من الشيعة أو السنّة. ولا يوجد أي دليل على أن سوريا حرضت الغوغاء على إحراق سفارة أجنبية في دمشق. وقد بحث البروفيسور خوان كول في قاعدة بيانات الصحف والإذاعات العربية التي ترصدها وتترجمها حكومة الولايات المتحدة وهيئة الإذاعة البريطانية ldquo;بي بي سيrdquo; ولم يعثر على أي إشارة عن تحريض حكومي سوري.
وحدثني السفير السوري لدى الولايات المتحدة عن نموذج آخر لكذب الإدارة الأمريكية. فقد طلبت حكومتنا من الحكومة السورية مساعدتها على القبض على عراقي يختبئ في منطقة قبلية تمتد عبر الحدود بين سوريا والعراق، ووافقت الحكومة السورية واعتقلت الرجل و32 من أتباعه وتم تسليمهم جميعاً إلى الولايات المتحدة. وطلبت سوريا من الولايات المتحدة شيئاً واحداً مقابل ذلك وهو: قولوا للعالم إننا تعاونا معكم.
فهل فعلت الولايات المتحدة ذلك؟ كلا، لقد كذبت وقالت: إن السوريين آووا العراقي الهارب. وأما عن إخفاء الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة في سوريا، فالمعروف أن حزبي البعث العراقي والسوري بينهما خلافات منذ عقود. ويبدو أن الأشخاص الذين يطلقون إشاعات كهذه نسوا أن الجنود السوريين حاربوا مع القوات الأمريكية خلال حرب الخليج الأولى ضد العراق عام 1991. ويستطيع المرء أن يكون واثقاً بأن صدام حسين لم ينس ذلك.
وبالنسبة للقواعد العسكرية الأمريكية الضخمة في العراق فهي موجودة بالفعل، ويجري تطويرها. وتبلغ تكاليف هذه المنشآت مبلغاً يفوق المليار دولار أمريكي، ويمكن ببساطة المراهنة على أن إدارة بوش لا تنوي تسليمها للعراقيين. وعلى الجميع الانتباه إلى اللغة المستخدمة عندما يتحدث مساعدو بوش العسكريون والمدنيون عن ldquo;الانسحابrdquo;، حيث يرد ذكره دائماً مصحوباً بشروط، وليس في نية مسؤولي إدارة بوش الانسحاب من العراق، ولكن هذا لا يعني أن الحكومة العراقية الجديدة ربما لا تجبرهم على الخروج. وعلينا أن ننتظر ونرى ما يحدث.
وفي ما يتعلق بقصف منشآت إيران النووية، فنحن نملك القدرة، وليس لدى الإيرانيين الكثير الذي يمكنهم القيام به لإيقافنا. ولا جدال أن قصف إيران سيكون غباءً وحماقة بما أنه لا يوجد في الوقت الحاضر أدلة على أن إيران تنوي صنع قنبلة نووية. ولكننا نعرف بعد تجربة غزو العراق أن هذه الإدارة قادرة على أن ترتكب الكثير من الأفعال الغبية والحمقاء والطائشة.
ولا يعني عدم قدرة إيران على منعنا من قصفها أن الإيرانيين لا يستطيعون الرد. فالإيرانيون يملكون على الأرجح القدرة على أن يشعلوا حرباً في الشرق الأوسط برمته تؤدي إلى وقف إمدادات النفط وتدمير معظم الاقتصاد العالمي.
ومن سوء الطالع، أن التاريخ يوضح أن الذين يراهنون على أن القيادة السياسية الحكيمة تتفادى شن الحرب ينتهي بهم الأمر بفقدان ما يملكون ويخسرون في كثير من الأحيان أرواحهم وثرواتهم.
التعليقات