الخميس: 2006.04.06
محطة أخيرة
ساطع نور الدين
لا وجه للمقارنة بين محاولات إقالة الرئيس إميل لحود وبين مساعي إطاحة رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري، لكن ثمة خيطا رفيعا يربط بين الرجلين والحالتين والبلدين قد يجعل من سقوط أحدهما هزيمة حتمية للآخر.
وصل الرئيسان لحود والجعفري الى السلطة في ظروف متشابهة، وخسرا شعبيتهما بناء على حسابات متقاربة، وما زالا يعتمدان للبقاء في الحكم على قوى يكاد يكون تحالفها علنيا.. وهما الآن يتعرضان لحملة يمكن الزعم انها تنتمي الى مصدر واحد، او على الاقل الى اتجاه واحد.
حتى الآن يصر لحود والجعفري على انهما لن يستقيلا من منصبيهما، مع ان الاول شهد في عهده الممدد من الاغتيالات والتصفيات والتوترات ما لم يشهده أي رئيس آخر للجمهورية، وقارب التحقيق في هذه الجرائم حدود مكتبه الخاص... ومع ان الثاني تحول الى شاهد على واحدة من أسوأ وأخطر حرب اهلية في تاريخ العراق، ولامست الاتهامات حلفاءه وشركاءه في الحكومة!
ولا يوحي لحود والجعفري انهما يشعران بأي قدر من المسؤولية عن هذه المحصلة البائسة التي أوصلا بلديهما اليها، بل هما يلقيانها من دون تردد على الآخرين، ويعتبران ان المطالبة بخروجهما اليوم من الحكم هي سبب اضافي لتعميق الازمة في لبنان وفي العراق وليس مدخلا لحلها.. برغم انهما يعبران بين الحين والآخر عن زهد في السلطة وعن توق الى التخلي عنها.. في اقرب فرصة ممكنة.
يمكن القول ان الانهيار اللبناني والعراقي كان خارجا عن ارادة الرجلين بل انه جرى بمعزل عنهما وربما من دون معرفتهما الى حد بعيد. لكن النتيجة كانت واحدة وهي ان خصومهما تمكنا من عزلهما في مقريهما الرئاسيين، ومن تشكيل تحالف واسع يحظى بما يشبه الاجماع الدولي، او يعبر عن مثل هذا الاجماع.
في لبنان اجتمعت الغالبية السياسية والشعبية على المطالبة بتنحي الرئيس لحود، وفي العراق تبلورت غالبية سياسية وشعبية ايضا تطالب برحيل الجعفري. وفي الحالتين كانت السمات الطائفية واضحة، ومتطابقة الى حد بعيد. ولعلها ليست صدفة ان حزب الله وتيار مقتدى الصدر هما الوحيدان اللذان يقودان معركة الدفاع عن الرجلين.. ويفترضان انها معركة السيادة والاستقلال والقرار الوطني الحر.
ثمة قاسم مشترك جوهري بين حالة الرجلين هو ان لحود والجعفري ما زالا يتمتعان بتغطية كاملة من جهة خارجية واحدة على الاقل، ما زالت مستعدة للقتال من اجلهما او على الاقل ما زالت تعتمدهما حليفين او شريكين في حماية مصالحها.. برغم أنها توحي بين الحين والآخر برغبتها في التفاوض حول التضحية بهما، مقابل ثمن معقول ومقبول: وقد لقي عرض إيران للتفاوض استجابة أميركية مباشرة، فيما لا تزال سوريا تنتظر..
ولهذا السبب بالذات يبدو أن مصير الجعفري سيحسم قبل مصير لحود... لكنه سيساهم في تقديم موعد التغيير اللبناني المنشود.
التعليقات