نواكشوط - المختار السالم


تحظى النساء في الانتخابات الموريتانية التي باتت على الأبواب بحصة لم يحظين بها منذ الاستقلال حيث يتساءل الرجال في موريتانيا هذه الأيام عن سر هذا الاهتمام المتزايد بالمرأة والذي لم يعد يقتصر على حملات دعائية كان النظام السابق يقوم بها مدعيا تحرير المرأة والرفع من شأنها بوصفها النصف الآخر وهو النظام الذي دخلت في عهده أول امرأة موريتانية الحكومة برتبة وزيرة .

والمرأة الموريتانية هذه المرة ستفوز في الانتخابات بنسبة محددة سلفا، هي 20% وهو ما أثار ليس فقط حفيظة المجتمع ولكن ردة فعل الرجال على هذا القرار أثارت أيضا حفيظة النساء بدورهن فهن يعتبرن النسبة غير كافية ويطالبن بالمساواة مع الرجل في الانتخابات، ويلوحن بأنهن يمثلن نسبة 53% من تعداد السكان.

وتعتبر النساء الموريتانيات بدورهن أن القرار الذي يحدد نسبة النساء في اللوائح الانتخابية يتعامل مع النساء كما لو كن رقيقا يحق لمالكه التصرف في ممتلكاته متى ظهر له ذلك وهن يشددن على حقهن في التمثيل السياسي دون أن يخضع التمثيل لهذا النوع من المضاربات وشبه بعضهن السياسة الحكومية في هذا المجال كمن يقسم تركة انطلاقا من قاعدة ldquo;وللذكور أربعة أخماس وللأنثى خمس واحدrdquo;.

والأحزاب السياسية الموريتانية تعارض في مجملها تحديد نسبة معينة للمرأة بهذه الطريقة، ويرى قادة الأحزاب أن المرأة تستحق أكثر من ذلك لكن فرضها ليس تصرفا ديمقراطيا بالنسبة للناخبين.

فيما دعت قوى اجتماعية محافظة إلى عدم التسرع في إقحام المرأة الموريتانية في شؤون السياسة التي يرون أن الرجال لا يقوون على تحمل أعبائها ومن باب أحرى النساء.

وتختلف رؤية التيارات السياسية الموريتانية حول تمثيل المرأة في الانتخابات المقبلة فالتيارات الأصولية المتشددة تعارض مشاركتها في تسيير شؤون البلاد انطلاقا من قاعدة فقهية تذم أمة ولت قيادتها امرأة، أما التيارات الإسلامية الليبرالية فإنها لا تعارض مشاركة السيدات في صناعة القرار جملة وتفصيلا ولكنها ترى حدودا شرعية للمكان المناسب للمرأة التي تخوض غمار السياسة، ولذلك بادر التيار الإسلامي إلى دفع مجموعة من النساء إلى صفوف قيادة الجماعة، بل ووضع مجموعات أخرى لقيادة لوائحه الانتخابية في بعض الولايات.

واختار التيار الإسلامي من نسائه ldquo;دكتوراتrdquo; لهن مكانة علمية وثقافية معتبرة، وهو بذلك يبعث برسالة مفادها أن التفكير الإسلامي الحركي المعاصر يضع ldquo;سالتrdquo; على الرأس والعين.

بينما ترى باقي الاتجاهات السياسية أن العبرة ليست في تحديد نسبة للمرأة التي يؤيدون إشراكها في العملية السياسية ولكنهم يرون أن تعليم المرأة وحصولها على مستوى من الوعي وحمايتها من الظلم الاجتماعي أولويات قبل إقحامها في تسيير شؤون السياسة وهم يعتقدون أن إرغامها على ذلك يحمل في طياته الكثير من المخاطرة التي لن تسهم في تصحيح الأمور في هذه البلاد وإنما ستسب المزيد من الفساد وتؤدي إلى تعطيل سير مؤسسات كان يمكن أن تقطع أشواطا في التنمية لو أن تسييرها أسند إلى رجال أكفاء.

ومع اقتراب الأجل المحدد لاستقبال ملفات الترشيح والذي حددته وزارة الداخلية الموريتانية يوم 19 سبتمبر أيلول الجاري تجد الأحزاب الموريتانية صعوبة في التعامل مع القرار الذي يتيح لوزارة الداخلية رفض السماح للوائح التي لا تحمل بين طياتها أسماء مؤنثة.

فكل لائحة لا تضم نساء سيتم رفض ترشحها، وبذلك لا تكون المرأة ldquo;شرطاrdquo; لقبول اللائحة الانتخابية فحسب، لا بد أن تحتل فيها المرأة مكانة محددة تسمح بنجاحها، إذ ليس من المقبول وضع المرأة في ldquo;ذيلrdquo; اللائحة حسب المرسوم الحكومي الصادر الأسبوع الماضي.

وتحمل الأحزاب الموريتانية جهات أجنبية وزر هذا القرار الذي أرغمت حكومة المجلس العسكري الحاكم على قبوله دون أن يترك لها هامش للتفاوض أو المناورة مع شركائها في التنمية بشأنه، ويرى أحدهم أن القرار بات في إطار الأمر الواقع تماما وrdquo;علينا قبوله حتى لا تهاجر النساء إلى أحزاب أو جهات أخرى تؤمن بها أكثرrdquo;.