الجمعة: 2006.09.22




عبد العزيز بوتفليقة


الجزائر ـمحمد مسلم، اذاعة هولندا العالمية

أخذت مساعي إنشاء حزب جديد بديل للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في الجزائر أشواطا متقدمة منذ عودة رئيس البعثة البرلمانية بالخارج quot;رابح كبيرquot; من منفاه بألمانيا برفقة قياديين آخرين. وأفادت مصادر quot;مطلعةquot; بأن لقاء تم تنظيمه بمقر إقامة الرئيس الجزائري الأسبق quot;أحمد بن بلةquot; في العاصمة الجزائرية، بعد عودة quot;رابح كبيرquot; ـ يوم الأحد 17 سبتمبر الأخير ـ ضم عددًا من قيادات الجبهة، يتقدمهم رئيس الجناح العسكري السابق لنفس الحزب quot;مدني مزراقquot; وبعض مساعديه، فضلا عن بعض القيادات غير المشهورة من الجيل الجديد للجبهة. وحضر هذا اللقاء أيضا رئيس الحكومة الحالي والأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني quot;عبد العزيز بلخادمquot;.

وعلم من المصادر ذاتها أن اللقاء تناول بالنقاش فكرة تأسيس حزب جديد يؤطر مستقبلا بقايا الجبهة الإسلامية للإنقاذ؛ التي حلت بقرار قضائي في مارس 2002.

وقالت المصادر ذاتها: إن المشاورات بشأن هذا الموضوع ستتكثف في الأيام القليلة المقبلة، لا سيما خلال شهر رمضان المعظم؛ لتشمل مختلف قيادات هذا الحزب في الداخل والخارج؛ من أجل الوصول إلى وفاق يسمح بتأسيس حزب سياسي بديل للجبهة.. يضم جميع الحساسيات التي تنتمي لهذا التنظيم.

وأفادت الجهة نفسها بأن النقاش أخذ طابع الجدية، وأن حضور كل من الرئيس quot;أحمد بن بلةquot; ورئيس الحكومة quot;عبد العزيز بلخادمquot; اللقاء أعطى دفعا قويا للمبادرة وشجع القائمين عليها، نظرا للوزن التاريخي والحضور السياسي للأول، وكذا الموقع الذي يحتله الثاني في هرم السلطة التنفيذية، باعتباره واحدًا من أقرب المقربين للرئيس quot;عبد العزيز بوتفليقةquot;.

ورجّحت شخصية quot;مقربة جداquot; من رابح كبير، سبق لها أن لعبت أدوار وساطة ناجحة بين الإسلاميين من مسلحين وسياسيين من جهة، والسلطة الجزائرية من جهة أخرى، خلال أزمة التسعينيات.. انتهت بنزول الآلاف من المنتمين للجناح العسكري للجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة من الجبال ـ رجّحت أن يتم الإعلان الرسمي عن الحزب الجديد بعد عيد الفطر، وقبل حلول عيد الأضحى على أقصى تقدير، عندما تكون quot;المبادرة قد نضجت والفكرة قد تبلورتquot;، على حد تعبير نفس الشخصية.

وتشير المعلومات المسربة من هذا اللقاء إلى أن الرجل الثاني في الجبهة quot;علي بلحاجquot; بارك المبادرة من حيث المبدأ؛ إلا أنه اشترط الانخراط في هذا المسعى بالاحتكام إلى مؤتمر جامع يحدد تاريخه باتفاق الجميع، ويضم مختلف قيادات الحزب في جميع مراحل الأزمة.. تنبثق عنه القيادة الجديدة التي تضطلع بمهة تسيير شؤون الحزب الجديد، وتحضيره للمواعيد الانتخابية المقبلة؛ التي في مقدمتها الانتخابات التشريعية (النيابية) المرتقبة مع حلول شهر مايو 2007، والمحلية في خريف نفس السنة.


علي بلحاج


وتؤكد المصادر ذاتها أن quot;علي بلحاجquot; شدد ـ عند قبوله ـ فكرة تأسيس حزب بديل للجبهة المحظورة من النشاط السياسي في الجزائر، على أن يستمد هذا الحزب مشروعه السياسي من الأهداف التي سطرت عند إنشاء الجبهة، وألا يكون فاقدا للإرادة السياسية، وألا يمارس المعارضة على شاكلة بعض الأحزاب الإسلامية الناشطة في الساحة، فيما لم يعرف بعد موقف الرجل الأول والزعيم التاريخي للحزب quot;عباسي مدنيquot;؛ الذي يعيش برفقة عائلته في دولة قطر بالخليج العربي.

أما القيادات التاريخية الأخرى الموجودة بالداخل، وفي مقدمتهم quot;عبد القادر بوخمخمquot; وquot;كما قمازيquot; وquot;علي جديquot; فينظرون بعيون الريبة إلى ما يقوم به quot;رابح كبيرquot;، ويرون أنه ـ على الرغم من أن مواقف الرجل quot;تتميز بالاعتدالquot; ـ إلا أن ما يقوم به quot;غير سليم، ولا يخدم ما تؤمن به الكثير من قيادات الجبهةquot;، على حد تعبير quot;عبد القادر بوخمخمquot;؛ الذي نفى أيضا أن يكون حضور الرجل الثاني في القيادة التاريخية quot;علي بلحاجquot; في الندوة الصحفية التي عقدها رابح كبير غداة عودته إلى الجزائر، يعني أنه يوافقه الرأي فيما قاله.

وشكك quot;بوخمخمquot; ـ في تصريح لصحيفة جزائرية ـ في لجوء السلطة إلى الحوار مع من كانوا في الخارج، في إشارة إلى جماعة رابح كبير، ومن كانوا في الجبال في تلميح إلى الجناح العسكري للجبهة أو ما يعرف بـquot;الجيش الإسلامي للإنقاذquot; بزعامة quot;مدني مزراقquot; ومساعده شقيق quot;رابح كبيرquot; المدعو quot;مصطفى كبيرquot;، في الوقت الذي ترفض فيه السلطة الحوار مع من لا يبعد عنها إلا ببضعة أمتار، في إشارة للقيادات التاريخية الموجودة بالداخل، نافيًا أن يكون ذلك انشقاقًا، وإنما quot;مجرد تباين في وجهات النظرquot;.

أما quot;رابح كبيرquot; فلا يبدو أنه يعير الكثير من الاعتبار لمسألة الشرعية بالنسبة للقيادة التاريخية، فيما يعتزم القيام به..



رابح كبير


quot;أنا لا أفرض شيئا على أحد؛ فمن يعتقد أنه ينتمي معي إلى نفس الخندق، أهلا وسهلا بهquot;، بل إن ما يصدر من الرجل من تصريحات يصب في خانة أنه هو القائد، وغيره من القياديين تابعون.. quot;وإن كنت متأكدا أن أفكار مشروعي ستصلهم مثل باقي مناضلي الجبهة الإسلامية للانقاذquot;.

ويبدو أن الكثير من قناعات الرجل قد تغيرت؛ لكنه يصر ويؤكد على أنها تطورت، ويرجع ذلك إلى التحولات التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة.

ويسعى رابح كبير ـ في مشروعه الجديد؛ الذي قال: إنه quot;موجه لمناضلي الجبهة من الشباب وتحديدا الذين يجدون أن فكرهم قد تطورquot; ـ يسعى إلى استثمار ما أمكن، موقفه المؤيد للميثاق من أجل السلم والمصالحة الوطنية، على عكس بقية القيادات التاريخية؛ التي وقفت موقف الرفض من طبخة المصالحة التي أعدتها السلطة ووافق عليها الشعب في استفتاء سبتمبر 2005م.