الأثنين 8 يناير 2007
من يفجّر القرن الإفريقي؟ (2)
سعد محيو
إذا كنت تريد ان تعرف ماذا يجري في الصومال والقرن الإفريقي، فعليك ان تعرف ماذا يجري في تركمانستان ومنطقة قزوين-آسيا الوسطى؟
لماذا؟
لأن هاتين المنطقتين جزء من لعبة شطرنج كبرى واحدة تدور رحاها بين الدول الكبرى حول النفط والموارد الطبيعية الأخرى، في مثلث جغرافي استراتيجي يضم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والقرن الإفريقي.
إنه المثلث الذي يتضمن نحو ثلثي احتياطي النفط والغاز في العالم، والذي يحب البعض أن يطلق عليه اسم إقليم ldquo;أنابيبستانrdquo; (من انابيب). ومن يهيمن عليه، في ظل وصول الإنتاج النفطي العالمي إلى ذروة الإنتاج وبالتالي بدء حقبة انحداره وندرته، يمسك بالعالم من خناقه.
هذا ما قد يفسر الترابط بين دولتين قد لا تعرفان بعضهما البعض كتركمانستان والصومال. فالأولى تعتبر واسطة العقد في حرب الغاز التي تجري في آسيا الوسطى بين امريكا واوروبا وروسيا والصين، والتي يتوقع لها ان تتصاعد الآن مع فراغ السلطة الذي تركته وفاة الرئيس التركمانستاني نيازوف. والثانية مرشحة للعب الدور نفسه في القرن الإفريقي. أي ان تكون المدخل إلى حرب إقليمية شاملة لتقرير مصير الطاقة وطرقها وممراتها في هذه البقعة من العالم.
الفائز بالسباق على تركمانستان سيحكم قبضته على مفتاح قارة أور-آسيا. والمنتصر في سباق الصومال سيتحكم بمفترق طرق آسيا- إفريقيا. وفي كلا الحالين، امريكا تحتل رتبة اللاعب الأكبر والأكثر نشاطاً.
الآن، إذا ما كانت هذه هي الصورة الحقيقية لطبيعة الصراع، فهل ثمة مجال بعد لتصديق الروايات الامريكية التي أشرنا إليها بالأمس في هذه الزاوية، والتي تصفه (الصراع) بأنه جزء من الحرب العالمية الشاملة ضد الإرهاب؟
لو كان الأمر على هذا النحو، لتوجب علينا شطب الحقائق الآتية:
القرن الإفريقي، وعلى رأسه السودان (وعلى رأس السودان دارفور والجنوب)، يتضمن احتياطياً نفطياً كبيراً، بعضه معروف ومعلن، وبعضه الآخر معروف ومستور لأسباب استراتيجية.
هذه المنطقة، التي تضم زهاء 90 مليون نسمة، بدأت تتحوّل إلى نقطة جذب كبيرة للاستثمارات الاقتصادية والعسكرية وللأموال السياسية في آن. في الخرطوم وحدها يتم بناء مركز تجاري جديد بقيمة 4 مليارات دولار.
القرن يسيطر على مداخل ومخارج كل ناقلات النفط المتجولة بين آسيا- إفريقيا- الشرق الأوسط، وهو على مرمى حجر من شبه جزيرة النفط العربية الكبرى.
كتب مايكل تشوسودفكسي، في مؤلفه الجديد ldquo;الحرب على الإرهابrdquo;: ldquo;السياسة الخارجية الامريكية طيلة العقد الماضي كانت ثابتة من دون تغيير. وهي استندت إلى العمل على تحييد أو شطب كل منافسيها في حروب الموارد في آسيا وإفريقيا، سواء أكانوا صينيين أو روساً او حتى شركات غربية أخرى. إنها حرب طاقة مكشوفة، لكن الولايات المتحدة مع ذلك تفضل ان تسميها حرب إرهابrdquo;.
لماذا تفضّل ذلك؟
لسببين متلازمين على الأرجح: الاول، أن شعار الإرهاب صيغة ممتازة لإقناع الشعب الامريكي (والعالم) بشن الحروب في كل مناطق مثلث الطاقة الاستراتيجي. والثاني، أن هذا الشعار نفسه يمكن واشنطن من تمديد هذه الحروب إلى 40 او 50 سنة، أو حتى إلى حين انتهاء آخر قطرة نفط في العالم.
هل ثمة ضرورة بعد للتساؤل عمن يفجّر القرن الإفريقي؟ ولماذا؟













التعليقات