خالد بن حمد المالك
إذا كان الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث على الملأ بأن سوريا لن تصدِّر العنف إلى إسرائيل، وأنه يلتزم تماماً بعدم إطلاق رصاصة على الإسرائيليين، فما هي حجة إسرائيل لمواصلة احتلالها وضرباتها للأراضي السورية، غير أنه إيذاء، ومحاولة جر سوريا إلى حروب تستكمل بها إسرائيل حروبها في المنطقة.
* *
وما تفعله إسرائيل من جرائم ضد سوريا كشفت عن أن سبب ذلك إلزام الدولة السورية بالموافقة على إقامة منطقة منزوعة السلاح داخل الأراضي السورية، فيما يرى السوريون أن الموافقة على طلب إسرائيل يعني تعريض دولتهم للخطر، ما يجعل مثل هذا الطلب غير ممكن لدمشق الموافقة عليه.
* *
ومع أن تمرير الطلب بالموافقة عليه من الجانب السوري لو تم ذلك -وهو غير ممكن وغير وارد- لدى السوريين، فإن إسرائيل لن تتخلَّى عن عدوانها وأطماعها، فالسياسة الإسرائيلية تقوم على احتل وزد، واجعل سلاحك مصوباً على جيرانك، بمعنى أنهكه، ولا تترك أمامه مساحة للتأمل والتفكير، وضمان السلام.
* *
إسرائيل مكشوفة، وأوراقها معلنة، وتوجهاتها لا تخفى على القريب والبعيد منها، وعلى كثرة حروبها، واستمرار اعتداءاتها، فهي لا تمل ولا تشبع، ولا تأخذ حتى نفساً كاستراحة لعدواني ومتسلِّط على جيرانه.
* *
في كل هذه الأجواء، فإن المعتدى عليهم -وبينهم سوريا وفلسطين ولبنان- تعبوا من الشكوى، ومن الظلم الذي يقاسونه، ومن قلة الحيلة والقدرة على مواجهة هذا العدو، والغضب من انحياز العالم واصطفافه مع إسرائيل في كل حروبها في المنطقة.
* *
ومع أن لأحداث السابع من أكتوبر أسبابها، وردود فعلها على التطورات في الأراضي الفلسطينية تحديداً، وما يعانيه سكانها من جور وتسلُّط وحرمان، إلا أنه لا يمكن القبول بما فعلته إسرائيل من حرث للأرض، وقتل للنفس، وفي النهاية استلامها للرهائن لدى حماس دون ثمن.
* *
وإذا كان في هذا العالم من أدان حماس على ما فعلته في أكتوبر، فإن إسرائيل هي الأولى بالإدانة، فهي تعذِّب الفلسطينيين منذ 1948م، وتطردهم من بيوتهم، وتُهجرهم من أراضيهم ومزارعهم، وتحرمهم من حقوقهم، وترفض إقامة دولة لهم.
* *
ولهذا رأينا في حرب قطاع غزة ما لم نره في حروب أخرى، حيث لم يبق من معالم القطاع شيئاً، ومئات الآلاف بين قتيل ومصاب ومفقود، بينما تلتزم الدول الكبرى بدعم إسرائيل، أو التغافل عمَّا يجري، وإذا ما فكرت بتطويق العدوان فهو من خلال مبادرات لصالح إسرائيل، أو لا تنفذ.
* *
ولم يبق بيد الفلسطينيين إلا الدعاء، والرجاء، والأمل في الله الواحد الأحد، بانتظار نصره الذي وعد به المتقين، الصادقين، المخلصين، ممن لا يخلف وعده، ولا يخذل جنده، بعد أن خذل العالم هذا الشعب المنكوب، وتخلَّى عنه، وانتصر لإسرائيل.
* *
إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيِّروا ما بأنفسهم، وهذا زمن الفلسطينيين، أن يراجعوا أنفسهم، وسياساتهم، ويتجنوا الخلافات فيما بينهم، فقد كانت هي السوسة التي نخرت قدراتهم، وزادت من وهن قوتهم، ومكَّنت العدو من السيطرة عليهم، فإلى الله المشتكى.















التعليقات