17 يناير 2007
أبو خلدون
لا عزاء للسيدات، فقد فتحت كل دول العالم أبوابها واسعة أمام المرأة لكي تشارك الرجل في كل المجالات، وبعض الدول وصلت فيها المرأة إلى أرفع المناصب، فالهند كانت تحكمها امرأة هي أنديرا غاندي، وسيريلانكا كانت تحكمها باندرانايكه، وبريطانيا خضعت لحكم المرأة الحديدية مارجريت تاتشر، وفي ألمانيا تحتل أنجيلا ميركل الآن الكرسي ذاته الذي احتله من قبلها كونراد اديناور صانع المعجزة الألمانية، وبرلمانات العالم في كل مكان باتت تعج بصاحبات الوجوه الناعمة المصبوغة بالألوان، والشعر المميش، والأظافر الملونة بالمانيكير، وعندما أطلق الاتحاد السوفييتي كبسولته الفضائية المأهولة الأولى للفضاء وضع فيها كلبة أنثى اسمها ldquo;لايكاrdquo; ولم يضع فيها كلبا ذكرا اسمه ldquo;لايكrdquo;، وبعدما لف جاجارين حول الكرة الأرضية بضع ساعات ودخل التاريخ باعتباره أول إنسان يرى الأرض من الفضاء تبعته فالنتينا تيرشيكوفا على الأثر بجولة فضائية أطول حطمت فيها الرقم الذي سجله جاجارين في الفضاء.
ومن الافتراء أن نقول إن الرجل لا يزال يظلم المرأة ويسلبها حقوقها، ويعتبرها دونه منزلة وكفاءة، فقد أثبتت الدراسات أن المرأة هي التي تفعل ذلك، وإنها هي التي تعتبر الرجل أكثر كفاءة ومقدرة منها، وإذا تقدم اثنان بنفس الكفاءة لوظيفة شاغرة، أحدهما ذكر والآخر انثى، وكانت مديرة الشركة امرأة، فإنها تختار الرجل، أما إذا كان المدير رجلا فإنه غالباً ما يختار المرأة.
ويتحدث علماء النفس عما يطلقون عليه اسم ldquo;عارض ملكة النحلrdquo;، وهذا العارض يصيب المرأة العاملة، خصوصا إذا كانت تحتل مركزا مسؤولا، ويدفعها للشعور بعدم الاطمئنان لوجود امرأة أخرى إلى جانبها في العمل، ولذلك فإنها تسعى لكي تظل الأنثى الوحيدة بين الرجال. وقبل مدة أجرت البروفيسورة جارسيا ريتامارو وزميلتها البروفيسورة إستر لوبير زفرا دراسة نشرتها مجلة ldquo;أدوار الجنسينrdquo; المختصة حول تجربة المرأة في العمل، وشملت ما يزيد على 705 نساء ورجال يحتلون مراكز قيادية في شركات ومؤسسات رسمية في مختلف العواصم الأوروبية، وفي الدراسة عرض على هؤلاء طلبات لترقية عدد من الموظفين إلى منصب قيادي هو ldquo;مدير إنتاجrdquo;. ودرس المشاركون البيانات الخاصة بكل صاحب طلب، إلى جانب كفاءته وخبراته والخدمات التي قدمها للشركة، وامكانات تطوير نفسه في المستقبل ليحتل مركزا أعلى، ثم اختاروا الأشخاص الذين يرونهم مناسبين لهذا العمل، والغريب ان القسم الأكبر من الرجال لم يأبه كثيراً لجنس المرشح، ولكنه حابى النساء، واختار مرشحات من الجنس اللطيف، بينما القسم الأكبر من النساء كان يختار على أساس الجنس ووقع اختيارهن على مرشحين من الرجال، وبررن اختيارهن بالقول: ldquo;إن الصفات القيادية لدى الرجل أكثر أصالة وبروزا من تلك لدى المرأةrdquo;. وتقول البروفيسورة جارسيا والبروفيسورة استر في دراستهما: ldquo;كشفت الدراسة ان القياديات النساء أكثر ميلا للنظر إلى المرأة باعتبارها أقل كفاءة من الرجل، كما انهن يرين إن أداء المرأة في العمل سيصبح أكثر سوءا بكثير في المستقبلrdquo;.
طبعا، الجمعيات النسائية لم تعجبها نتائج الدراسة، وقالت كاثرين ريك، مديرة جمعية فاوست للمساواة بين الجنسين إن القيم التي يؤمن بها المجتمع الذكوري بأن الرجل أكثر كفاءة من المرأة لا تزال راسخة وعميقة الجذور حتى في أذهان النساء، وقال غيرها إن السبب الذي يدفع المرأة المسؤولة إلى تفضيل الذكر على الأنثى يعود لأسباب طبيعية لا علاقة لها بالكفاءة والقدرة وهي: الغيرة .. فالمرأة تغار من أية امرأة أخرى، بينما هي لا تغار من الرجل.
وحتى لو كان ذلك صحيحا، ألا يعني ظهور الغيرة في قضايا تتعلق باختيار الشخص المناسب لوظيفة ان المرأة، فطريا، غير مؤهلة للحكم؟













التعليقات