22 يناير 2007
دrlm;.rlm; عبد المنعم سعيد
للتاريخ طريقته الخاصة في التدفق حيث تتضافر قوي الطبيعة وطبيعة البشر لكي تنتج في النهاية مشاهد كبري فاصلة تختلف الدنيا بعدها عما قبلها ويصبح الانطلاق إلي آفاق وآمال جديدة واجبا علي جماعة من بني الإنسانrlm;,rlm; بينما يصبح علي الجماعة الأخري أن تلملم الأشلاء وتجمع الحطام ناظرة إلي الغد بالخوف وعلي الأمس بالحسرةrlm;.rlm; شيئ من هذا يجري هذه الأيام حيث تتجمع حاملات الطائرات الأمريكية في مياه الخليج ويتدفقrlm;21rlm; ألف جندي أمريكي جديد إلي العراق ومن المؤكد أنه خلف هذه الخطوة وتلك توجد حركات مكثفة لجماعات المخابرات لاستكشاف الخطوط الخلفية والأمامية لمعركة مرتقبةrlm;.rlm;
ولكن المشهد التاريخي لا يكتمل ما لم نذهب إلي زيارة كوندواليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكيةrlm;-rlm; إلي المنطقة واجتماعها بثمانية وزراء خارجية عرب في الكويتrlm;,rlm; حرص كل منهم بطريقته الخاصة علي القول باتفاقه مع الخطة الأمريكية الجديدةrlm;.rlm; وقبل أن ينفض العقد في الكويت كانت المنطقة كلها معرضة لهجوم دبلوماسي أوروبي شامل وموضوعه هذه المرة تحقيق التسوية العربيةrlm;-rlm; الإسرائيلية الشاملة وكما قال خافيير سولانا ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي ـ أنه إما أن نصل إليrlm;'rlm; نهاية الطريقrlm;'rlm; في القضية المركزية الآن أو سوف ننتظر أعواما أخري حتي تأتي إدارة أمريكية جديدةrlm;.rlm; وبينما كان ذلك يجري هنا وهناك كانت الأوضاع كلها يجري ترتيبها في منطقة القرن الافريقي ووفق تفهم مصري واضح للتحركات الإثيوبيةrlm;,rlm; بينما اختفت تماما القصة اللبنانية من الصورة ولو إلي حينrlm;,rlm; لكن المؤكد أن إلحاح حزب الله علي إسقاط الحكومة صار ناعما للغايةrlm;.rlm;
وببساطة كان الساسة يتحركون كما يتحرك العسكر وكانت الصورة التاريخية مركبة من عناصر محلية وعوامل إقليمية ومفردات كونية ووسط ذلك كله تظهر نجوم لامعة تبقي علي لمعانها لفترةrlm;,rlm; أو لا تلبث أن تمضي شهبا إلي حيث لا يعلم أحدrlm;.rlm; إنه التاريخ بكل تعقيداته وتركيباته ولكنهrlm;,rlm; علي اتساع جغرافيته لكي تشمل الشرق الأوسط كله وعلي عمق تاريخه الذي يعود أحيانا إلي بداية التاريخ وأحيانا أخري إلي يوم ضربت الأبراج المشيدة في نيويورك في مطلع القرنrlm;,rlm; فإن ترجمته الراهنة هي خطة وبؤرةrlm;.rlm; والخطة أنتجها العقل الأمريكي بعد مناقشات ومداولات ومشاكسات شارك فيها الكونجرس بمجلسيه وكل الطامحين إلي الرئاسة الأمريكية وكل مراكز البحوث والرأي وبالطبع لم يتفق كل هؤلاء علي رأيrlm;,rlm; وإنما تراوحوا كما هي العادة ـ بين من يريدون انسحابا أمريكيا فوريا من العراق وهؤلاء الذين لا يريدون انسحابا علي الإطلاقrlm;,rlm;
ومن يريد الحوار مع إيران ومن يرغب في الحرب معها ومن يريدون البحث عن تسوية للقضية الفلسطينية ـ الإسرائيلية ومن يريدون بقاءها إلي الأبدrlm;.rlm; وهكذا كان جوهر النقاش الأمريكي والذي ظهر في الحوار الذي جري حول تقرير بيكرrlm;-rlm; هاملتون عما إذا كان الشرق الأوسط منطقة استراتيجية متشابكة أم أنه يتكون من مسارح استراتيجية وعملياتية مختلفة وعما إذا كانت المهمة المطروحة هي تنظيم عملية الانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط كله أو مواصلة الهجوم الأمريكي والغربي وخلق قوة دفع جديدةrlm;!.rlm;
وكما هي العادة في المجتمعات الديمقراطية فإن الخطط تكون نتيجة الحوار وقد كانت نتيجة ما جري خلال الأشهر والأسابيع القليلة الماضية هي ما عرف بخطة جورج بوش الجديدة والتي عرف منها شقها العسكري الخاص باستئناف الهجومrlm;,rlm; أما شقها السياسي فقد اختلف مع تقرير بيكر في الحوار مع إيران وسوريا ولكنه اتفق معه بأن الحركة علي طريق التسوية للصراع العربيrlm;-rlm; الإسرائيلي مسألة ضرورية لتوفير البيئة المناسبة للحركة في العراقrlm;,rlm; كما اتفق معه أيضا في أنrlm;'rlm; مسيرة الديمقراطيةrlm;'rlm; كانت سببا في خلق فجوة بين واشنطن وعواصم عربية متنوعة أثرت سلبا علي القدرة الأمريكيةrlm;.rlm;
وبشكل ما فإن المرحلة السابقة كانت مرحلة تقييم وإعادة استعداد وتحضير سياسي ودبلوماسي وعسكري وكلها اتفقت في النهاية علي أن بؤرة ومركز الأحداث والتحولات الاستراتيجية سوف يكون حول معركة بغداد القادمةrlm;.rlm; فبقدر ما كان الدخول الأمريكي إلي العاصمة العراقية إيذانا بالإعلان عن عصر أمريكي جديد في الشرق الأوسط تصورت الولايات المتحدة أنها يمكنها هندسته وتصنيعه وتغليفه بالديمقراطية والعولمة وبقدر ما كان العجز الأمريكي عن السيطرة علي بغداد ومن بعدها العراق كله إشهارا بسقوط دولة واستراتيجية وحصارها فيrlm;'rlm; المنطقة الخضراءrlm;'rlm; وظهور مد أصولي يهز مكانة الغرب في المنطقة كلها ويهز معها دولا ونظما فإن المعركة القادمة سوف تكون هي المعركة الفاصلة التي ستحدد مسار الشرق الأوسط لسنوات مقبلةrlm;.rlm;
ومن الناحية العسكرية البحتة فإن الولايات المتحدة تريد أن تحقق في معركة بغداد ما لم تحققه منذ احتلالها للعراق وهو تحقيق ما يكفي من الاستقرار الذي يجعلها تقيم بلدا حليفا من ناحية ومن ناحية أخري تستطيع الانسحابrlm;.rlm; فقد بات واضحا للقادة العسكريين الأمريكيين أن الاستراتيجية التي وضعها وزير الدفاع الأمريكي السابق دونالد رامسفيلد القائمة علي استخدام قوات عسكرية محدودة ـ لا تزيد عليrlm;130rlm; ألف جندي ـ لتحقيق أهداف استراتيجية كبري ـ غزو العراق ومن بعده إعادة تشكيل الشرق الأوسطrlm;-rlm; لم تكن إلا أضغاث أحلام انتهت مع اليقظة علي الرمال الحارة في بلاد الرافدينrlm;.rlm; كما بات واضحا أنه لم يعد هناك مجال لتطبيق الاستراتيجية التي اقترحها كولين باولrlm;-rlm; رئيس هيئة الأركان الأمريكية ووزير الخارجية السابقrlm;-rlm; التي قالت علي العكسrlm;-rlm; بضرورة الاستخدام الكثيف للقوة العسكرية بحيث لا يقل حجم القوات عن نصف المليون مع إنفاق تريليون دولار خلال العام الأول للاحتلالrlm;.rlm; لقد فات الوقت علي هذه الاستراتيجية أيضا لأنه لم يعد هناك أحد في واشنطن علي استعداد لرفع عدد القوات بشكل جذري أو للإنفاق إلي ما لا نهاية علي حرب لم يعد أحد متأكدا من إمكانية كسبهاrlm;.rlm;
وهكذا ولدت الخطة الجديدة وقوامها تحديد المهمة بأن تكون إخضاع بغداد وحدها نحو ثلاثين كيلو مترا مربعاrlm;-rlm; لأنها من ناحية تحتوي علي قرابة ربع سكان العراقrlm;,rlm; كما أن فيها كل الجماعات العرقية والدينية فإذا ما صلح الحال فيها واستتب الأمن فإن الدولة كلها سيمكن إنقاذهاrlm;.rlm; ومع تخفيض الهدف من السيطرة علي العراق إلي السيطرة علي بغداد فقد أصبح ممكنا حشدrlm;21rlm; ألف جندي إضافي فقط للقيام بالمهمة ومعهم قوات عراقية منتقاة سنية وكردية وشيعية لكيلا يتم فقط طرد جماعاتrlm;'rlm; المقاومةrlm;'rlm; وrlm;'rlm; الإرهابrlm;'rlm; المختلفة وإنما أيضا إبقاء المناطقrlm;'rlm; المحررةrlm;'rlm; نظيفة من هذه العناصر ومن ثم تستطيع الحكومة المركزية القيام بمهمتها في تحقيق المصالحة الوطنية واستئناف عملية التنميةrlm;.rlm;
معركة بغداد بعد ذلك لها شقان سياسيانrlm;:rlm; أولهما داخل العراق نفسها حيث تطلب الولايات المتحدة وحلفاؤها من الساسة العراقيين الحفاظ علي وحدة العراق من خلال التوزيع العادل للثروةrlm;,rlm; فيكون البترول للجميعrlm;,rlm; والتوزيع العادل للسلطة من خلال إعادة النظر في الدستورrlm;.rlm; وثانيهما خارج العراق حيث يتم حشد الأصدقاء والحلفاء بعد إزالة الجفاء ورفع الحرج ودفع المصالح المشتركة القائمة علي الاستقرار من خلال تسوية للصراع العربيrlm;-rlm; الإسرائيلي وحيث يتم وضع الخصوم موقع الدفاع أو التراجع فتعزل إيران من خلال مجلس الأمن وتوقع الهزيمة بالمحاكم الشرعية في الصومال ووضع سوريا وحزب الله وحماس موضع الانتظار والترقب وببساطة العجز عن المبادأةrlm;.rlm;
فهل تنجح الخطة الأمريكية الجديدة فيما فشلت فيه الخطط السابقة؟ هو سؤال مفتوح لمن يستطيع الإجابة ولا يعلم أحد إلا الخبراء بالطبع كيف يمكن لواحد وعشرين ألف جندي تحقيق ما لم يحققه مائة وثلاثون ولكن المؤكد من السوابق أن المعارك لا تكون أبدا في اتجاه واحدrlm;.rlm; وربما كان الفارق بين الولايات المتحدة وخصومها هو أن النظام الأمريكي يعلن عن خططه الفاشلة والناجحةrlm;,rlm; أما النظم السياسية لخصوم أمريكا فإن خططها لا تعلم إلا بعد وضعها موضع التطبيقrlm;.rlm; وفي معركة بغداد فإن الفيصل في السيطرة علي المدينة سوف يكون موقف السكان المحليين ومدي تعاطفهم مع جماعاتrlm;'rlm; المقاومةrlm;'rlm; أما إذا خذلوها فإنه من المرجح أن يخرجrlm;'rlm; المقاومونrlm;'rlm; ويشنوا الحرب من مناطق أخريrlm;.rlm;
الخلاصة أن العراق سوف يدخل في مرحلة حرجة تدور فيها معارك فاصلة بالمعني التاريخي للكلمة وفي مثل هذه الحالات فإن الأمر يحتاج تحديدا دقيقا للمصالح المصرية العليا فنحن نريد جلاء أمريكيا عن العراقrlm;,rlm; ولكننا من جانب آخر نريد عراقا موحدا لا يكون مصدر إرهاب وعدم استقرار للمنطقة كلها وفي الوقت نفسه الذي لا نريد فيه هيمنة أمريكية علي أقدار المنطقة فإننا نرغب في حل للصراع العربي الإسرائيلي لا يكون إلا بمساعدة أمريكية وفي الوقت الذي نريد فيه أن نبيع بترولنا بأعلي الأسعارrlm;,rlm; فإننا نريد المشتري الذي هو علي استعداد للشراء بهذا السعرrlm;.rlm; هذه المصالح المختلفة ليست منسجمة بالضرورة مع بعضها بعضا وفي داخلها توجد تناقضات شتي والمعضلة أنه في وقت المعارك الفاصلة فإنه لا توجد دائما فرصة كافية للتفكير وعلي أي الأحوال فقد دقت طبول المعركةrlm;,rlm; فتعالوا نراقب مشاهد القتال فربما يكون هو الذي يقرر مصيرنا لسنوات قادمةrlm;!!rlm;













التعليقات