27 يناير 2007


وثائق quot;الملف الرماديquot; للمفاوضات السورية ndash; quot;الإسرائيليةquot;

كشفت صحيفة ldquo;يديعوت احرونوتrdquo; في وثائق نشرتها أمس، النقاب عن أن رئيس الوزراء ldquo;الإسرائيليrdquo; الأسبق اسحق رابين تعهد للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في منتصف العام 1995 بانسحاب ldquo;إسرائيلrdquo; من مرتفعات الجولان كلها. وتوضح الوثائق أن رابين أبلغ المفاوض ldquo;الإسرائيليrdquo; آنذاك ايتمار رابينوفيتش قبيل ساعات من اغتياله أنه سيكون بالإمكان التوصل إلى سلام كامل مع سوريا في فترة ولايته الثانية، كما أن رابين طلب من المبعوثين الأمريكيين مارتن انديك ودينس روس أن يبلغا الأسد أنه ldquo;مستعد للتنازل، وتعالوا ننوه الصفقةrdquo;.

وأشارت الصحيفة إلى أن جميع الوثائق المتعلقة بالمفاوضات مع سوريا موجودة في ملف واحد معروف باسم ldquo;الملف الرماديrdquo; ويشمل التفاهمات التي توصل إليها الجانبان وتقييمات حول هذه الوثائق. وقالت إن رابين أودع بيدي وزير الخارجية الأمريكي في حينه وارن كريستوفر تعهدا بالانسحاب من كل هضبة الجولان ldquo;إذا تمت تلبية كل احتياجات ldquo;إسرائيلrdquo;rdquo;.

وأفادت الصحيفة ldquo;الإسرائيليةrdquo; بأنه بعد تعثر المفاوضات ldquo;الإسرائيليةrdquo; السورية التي جرت في الولايات المتحدة فإن الدبلوماسيين الأمريكيين رفيعي المستوى مارتن إنديك ودنيس روس وصلا إلى ldquo;إسرائيلrdquo; بعد زيارة إلى دمشق في أكتوبر/تشرين الأول 1995 وطلبا الاجتماع إلى رابين على انفراد، لكن رابين أصر على حضور مستشاره الأمني داني ياتوم في اللقاء.

وقال ياتوم إن هذا الاجتماع عُقد قبل أسبوعين من اغتيال رابين في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، وقال إنديك وروس إن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد ldquo;يريد تجديد المحادثات والتوصل إلى صفقةrdquo;.

وأضاف ياتوم ldquo;لقد فوجئنا لأنه لم تكن لدى المخابرات ldquo;الإسرائيليةrdquo; تقييمات حول حدوث تغيير في الموقف السوري، غير أن الشكل الذي تحدث فيه الأمريكيان انطوى على جدية بالغةrdquo;. وتابع ياتوم أن رابين رد على المبعوثين الأمريكيين إنديك وروس ldquo;علي الآن تمرير الموازنة (العامة لrdquo;إسرائيلrdquo;) ولا يمكنني الانشغال بهذا وتجديد المفاوضات معا، والتوقيت السياسي ليس مريحا لي. عودا إلى الأسد وأبلغاه باسمي أننا سنجدد المفاوضات في يناير/كانون الثاني 1996 وسننهيها باتفاق سلام كامل وأبلغاه بأنني مستعد للتنازل وتعالوا ننهِ الصفقةrdquo;.

وأكد السفير ldquo;الإسرائيليrdquo; في واشنطن في حينه ايتمار رابينوفيتش الذي بدأ المفاوضات مع سوريا أنه هاتف رابين صباح يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني ldquo;ونسقنا لقاءه القريب مع طاقم المفاوضات الأمريكي الذي كان يفترض عقده بعد ستة أيام، وقال رابين لي إنه يعتقد بأنه سيكون بالإمكان التوصل إلى سلام كامل مع سوريا في فترة ولايته الثانية في رئاسة الوزراء، وفي المساء قُتلrdquo;.

وكانت المفاوضات ldquo;الإسرائيليةrdquo; - السورية بدأت في 29 يوليو/تموز 1994 في واشنطن من خلال ldquo;قناة السفراءrdquo; وشارك فيها رابينوفيتش عن الجانب ldquo;الإسرائيليrdquo; ووزير الخارجية السوري الحالي وليد المعلم الذي كان سفيرا لبلاده في واشنطن حينها.

وقادت هذه المباحثات إلى لقاءات بين عسكريين من الجانبين أهمها اللقاء السري في 21 ديسمبر/كانون الأول 1994 بمشاركة رئيس الأركان ايهود باراك وقائد الجيش السوري اللواء حكمت الشهابي في مكتب الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في البيت الأبيض.

وقال بارك خلال هذا اللقاء إن ldquo;إسرائيلrdquo; ستنسحب من الجولان مقابل إنشاء منطقة سورية ldquo;عميقةrdquo; تكون منزوعة السلاح. وبرر ياتوم الغاية من هذا الطلب بأنه في حال نشوب حرب سيبدأ السباق بين ldquo;إسرائيلrdquo; وسوريا على من يصل أولاً إلى هضبة الجولان ldquo;ولذلك طلبنا إبقاء فرقة عسكرية واحدة بين دمشق والهضبة وفرقة أخرى لحماية السلطة (في دمشق) وأن تتم إعادة جميع القوات السورية شمالا إلى خلف جبال السوادrdquo;.

وبحسب ldquo;يديعوتrdquo; فإن انطباع ldquo;الإسرائيليينrdquo; وكلينتون كان أن المحادثات بين العسكريين تسير بشكل جيد، لكنه كان انطباعا خاطئا إذ سرّب السوريون معلومات لوسائل الإعلام حول اللقاء، ذلك لأن الأسد رفض أن يملي عليه أحد أين ينشر الجيش السوري.

ورأى الأسد أن ldquo;إسرائيلrdquo; وحدها حصدت ثمار هذه المحادثات لأنها حصلت على الشرعية لدى الدول العربية واستغلتها للتغلغل الاقتصادي فيما لم تحصل سوريا على شيء في المقابل.

وفي الوقت ذاته لم يشأ الأسد ldquo;كسر القوالبrdquo; وسمح باستمرار ldquo;قناة السفراءrdquo; واتصالات أخرى أجراها روس وإنديك من خلال جولات مكوكية بين ldquo;إسرائيلrdquo; وسوريا أسفرت في نهايتها عن صياغة رابينوفيتش والمعلم ldquo;وثيقة تفاهماتrdquo; وقعا عليها بعد مصادقة رابين والأسد، ldquo;لا تزال سوريا ترى فيها حتى اليوم أساسا لمحادثات سلامrdquo;.

ومن بين الوثائق التي شملها ldquo;الملف الرماديrdquo; وثيقة حول شخصية الشهابي أعدها رئيس اللواء الاستراتيجي في شعبة التخطيط في الجيش ldquo;الإسرائيليrdquo; العميد تسفي شتاوبر الذي صاغ وثائق المفاوضات السرية مع سوريا، وجاء فيها أن الشهابي ldquo;شخص مؤيد للغرب نسبياً وعملي بشكل كبيرrdquo;.

من جهة ثانية، كتب شتاوبر وثيقة أخرى شملها ldquo;الملف الرماديrdquo; تضمنت انتقادات ل ldquo;وثيقة التفاهماتrdquo; بين السفيرين مررها له رئيس الأركان في حينه أمنون ليبكين شاحاك عشية توجهه لواشنطن لالتقاء الشهابي.

وكتب شتاوبر في الوثيقة، التي يكشف عنها لأول مرة أيضاً، أن ldquo;الوثيقة مؤلفة من قسمين، الأول (يتناول) غايات الترتيبات الأمنية التي تخدم صياغتها المطالب ldquo;الإسرائيليةrdquo; فيما القسم الثاني يتناول مبادئ الترتيبات الأمنية التي تخدم بالأساس الموقف السوري المعروف وتضع فرامل وعوائق أمام بنود القسم الأولrdquo;.

وأضاف ldquo;رغم أن الوثيقة تشكل أساساً متفقاً عليه لمباحثات حول ترتيبات أمنية لكن صياغتها تسمح بوجود تفسيرات مختلفة ومتناقضة وبإمكان كل طرف العثور فيها على دعم لمواقفهrdquo;.

وأعرب شتاوبر خصوصاً عن قلقه من المبدأ القائل إن الترتيبات الأمنية ستكون ldquo;متساوية ومتبادلة من جانب كلا الطرفينrdquo;، ورأى أن النص ldquo;في مصلحة المطالب السورية كونه يمنح في الظاهر تبريرا لشمل موضوع العلاقات مع الولايات المتحدة في معادلة التوازن الاستراتيجي (الذي يتعلق) بنوعية الأسلحة وسلاح الجو والأسلحة الاستراتيجيةrdquo;.

وتوجه وفد ldquo;إسرائيليrdquo; برئاسة شاحاك إلى الولايات المتحدة في 26 يونيو/حزيران ليلتقي الوفد السوري برئاسة الشهابي وبحضور وزير الخارجية الأمريكي كريستوفر.

وخلال هذا اللقاء الذي عقد في القاعدة العسكرية بورت ماك ناير طالب شاحاك بأن تكون للجيش ldquo;الإسرائيليrdquo; نقطة مراقبة في جبل الشيخ وبالمقابل عرض على السوريين نقطة مراقبة للجيش السوري في أعالي أحد جبال الجليل في شمال فلسطين المحتلة وربما على قمة جبل الجرمق. لكن الوثيقة التي شملت تفاصيل هذا اللقاء والموجودة في ldquo;الملف الرماديrdquo; تحدثت عن أنه ldquo;ستكون بمقدور ldquo;إسرائيلrdquo; مراقبة ما يجري في الموقع السوري (في الجليل) بواسطة وسائل متطورة وحتى أنه إذا دعت الحاجة ستتمكن من مراقبة قدرات السوريين الموجودة في الموقعrdquo;.

ويتحدث تقرير ldquo;يديعوتrdquo; أيضاً عن ldquo;أسوار عكاrdquo; وهو الاسم الكودي لأهم جاسوس ldquo;إسرائيليrdquo; في دمشق، والذي أرسل تلميحات ل ldquo;إسرائيلrdquo; في النصف الثاني من العام 1996 عن وجود استعدادات عسكرية في سوريا وأن سوريا سحبت الفرقة ال 14 من لبنان وأعادتها إلى أراضيها.

وتم تفسير هذه المعلومات في ldquo;إسرائيلrdquo;، التي أصبح نتنياهو رئيس وزرائها، أن السوريين ينوون تنفيذ هجوم عسكري لكن تبين لاحقا أن كل هذه المعلومات اختلقها المسؤول في الموساد يهودا غيل.

بعد مقتل رابين لم تتقدم المفاوضات في فترة حكومتي بيريز ونتنياهو فيما حاول باراك عندما تولى رئاسة الوزراء دفع هذه المفاوضات والتقى في يوليو/تموز 1999 مع وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الذي خرج متفائلا من اللقاء وأقنع الأسد بإجراء مفاوضات مكثفة بدأت في واشنطن.

لكن شاحاك قال ل ldquo;يديعوتrdquo; إنه بعد ذلك بفترة قصيرة ldquo;قال الشرع لي إن تفاؤله من اللقاء مع باراك كان كاذباً وإنه عمليا ضلل رئيسهrdquo;. بعد ذلك، اجتمع باراك وشتاوبر وياتوم وإنديك الذي كان سفير الولايات المتحدة في ldquo;إسرائيلrdquo; وحاولوا صياغة خطة عمل سياسية.

وقال ياتوم ldquo;لقد أخذنا صوراً لهضبة الجولان التقطت من الجو في 4 يونيو 1967 وصورا التقطت حديثا، واتضح أن (مياه) بحيرة طبرية تراجعت 200 متر إلى الوراء ورسمنا خط الحدود الجديد ليشمل قرى الصيادين السوريين الخمس التي كانت موجودة في شمال شرق البحيرة ليتسنى للأسد بهذا الشكل القول إن بإمكان كل سوري العودة إلى بيته الذي كان قبل الحربrdquo; في 1967.

وأضاف ياتوم ldquo;لقد تذاكينا وبدلاً من إرجاع المنطقة الواقعة في بحيرة طبرية أرجعنا أجزاء من الحمّة والجبال الواقعة شمالها التي كانت أصلا تحت سيادة ldquo;إسرائيلrdquo; قبل الحرب لكن من ناحية الكيلومترات المربعة فقد حصل السوريون على مساحة أكبرrdquo;.

وعندما التقى كلينتون مع الأسد في 26 مارس/آذار 2000 في جنيف عرض عليه الخريطة الجديدة التي أظهرت خط الانسحاب ldquo;الإسرائيليrdquo; وقال كلينتون إن هذا عرض أمريكي وإن أمريكا ستفرضه على ldquo;إسرائيلrdquo;، لكن الأسد رفض.

ونقلت ldquo;يديعوتrdquo; عن رئيس قسم الدراسات في شعبة الاستخبارات العسكرية ldquo;الإسرائيليةrdquo; يعقوب عميدرور قوله إن ldquo;مسؤولاً أمريكياً رفيعاً جداً حضر اللقاء (بين كلينتون والأسد) قال لي إن ldquo;إسرائيلrdquo; ضللت الأمريكيين وهذا كان سبب الفشل، فقد عرضت ldquo;إسرائيلrdquo; أمام الأمريكيين صورة متفائلة في ما يتعلق بما سيوافق السوريون على قبوله والتنازل عنهrdquo;.

وتوقفت المحادثات ldquo;الإسرائيليةrdquo; - السورية بعد ذلك مع صعود أرييل شارون إلى الحكم وتصاعد الانتفاضة الفلسطينية. لكن في العام 2004 أجرى شارون بواسطة ldquo;مسؤول في مخابرات دولة عربيةrdquo; اتصالات مع مندوبين سوريين بمستوى متوسط في جنيف الذين نقلوا مطلب الرئيس السوري بشار الأسد بتجديد المفاوضات من النقطة التي توقفت فيها في فترة رابين،أي تنفيذ وعد رابين لكريستوفر بالانسحاب من كل هضبة الجولان، لكن شارون رفض ذلك.