30 يناير 2007
د. محمد السعيد إدريس
قطعاً لم تكن مصادفة أن توفد الرياض الأمير بندر بن سلطان الأمين العام لمجلس الأمن الوطني السعودي إلى طهران حاملاً رسالة من الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز بدلاً من أن توفد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية للقيام بهذه المهمة. قد يكون السبب في ذلك أن الأمير سعود كان يمثل بلاده في ذلك الوقت، بمؤتمر ldquo;باريس 3rdquo; الخاص بدعم لبنان في العاصمة الفرنسية، وقد يكون السبب هو الرد على المستوى نفسه، لمبادرة سابقة للسيد علي خامنئي المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، عندما أرسل علي لاريجاني الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني حاملاً رسالة منه إلى الملك عبدالله، ولم يرسل وزير الخارجية منو شهر متقي. وقد يكون هناك سبب ثالث وهو الأهم وهو أن أوراق الملفات الساخنة بين الرياض وطهران وخاصة الملف اللبناني والملف العراقي والملف النووي الإيراني أضحت مسؤولية مجلس الأمن الوطني السعودي وليس وزارة الخارجية، وهنا يمكن أن نشير إلى قدر من التشابه بين الموقفين الإيراني والسعودي بهذا الخصوص.
ومعنى ذلك أن هذه الملفات أضحت لها علاقة مباشرة بالأمن، بمفهومه الاستراتيجي للبلدين. وهذا له دلالة إذ إن نجاح أو فشل التنسيق الإيراني السعودي الراهن في هذه الملفات يمكن أن يؤدي إلى أحد احتمالين: إما إلى تقارب إيراني سعودي في حال نجاح هذه المساعي، وإما إلى تباعد إيراني سعودي في حال فشلها ولكلا الاحتمالين تداعياتهما شديدة الأهمية.
اللافت للانتباه هنا أن باريس دخلت على الخط بين طهران والرياض ابتداء بالملف اللبناني، وقد يتطور هذا الدور الفرنسي إذا نجح هذه المرة نتيجة تدعيم تفاهم إيراني سعودي بالنسبة للأزمة العراقية وبما يتعارض مع التوجهات الأمريكية الجديدة. واللافت أيضاً أن الأمير بندر بن سلطان كان قريباً من هذه المساعي الفرنسية، وفق معلومات تشير إلى أنه ldquo;يقوم بدور أساسي بين فرنسا وإيرانrdquo;، وأنه زار باريس منذ أكثر من شهر بالتزامن مع تحرك المعارضة اللبنانية في الشارع. الدور الفرنسي الجديد مع إيران، وبدعم سعودي، كان يستهدف خلق إجماع وطني لبناني لإنجاح ldquo;مؤتمر باريس 3rdquo; الذي رعته فرنسا.
من جهته حرص وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل على نفي وجود أي مبادرة سعودية باتجاه إيران تخص لبنان أو أي قضية أخرى. وقال إن رسالة خامنئي حملت عرضاً للتعاون تحقيقاً للتضامن بين المسلمين، وجاء الرد السعودي ليقول ldquo;إذا كانت هذه هي النية، فإن الأفعال هي التي يجب أن تتحدث وليس الأقوال، وأنه إذا كانت إيران تستطيع عمل أي شيء، لتهدئة أنصارها في المنطقة فإن هذا سيكون أفضل خدمة يمكن أن تؤديها من أجل التضامن بين المسلمينrdquo;.
قد لا تكون هذه الخلافات في الرؤى هي العائق الوحيد أمام إمكانية حدوث تقارب إيراني سعودي يقود إلى إعادة ترسيم خريطة التحالفات الإقليمية، الأهم هو عقبة التحالفات الإقليمية والدولية، فمن دون تقارب سعودي سوري يصعب تصور نجاح حدوث تقارب سعودي إيراني نظراً لوجود شراكة قوية سورية إيرانية، حيث تعتمد كل من دمشق وطهران على هذه الشراكة لتحقيق مصالح لكل منهما، أيضاً تقف العلاقات الأمريكية السعودية حائلاً دون نجاح تقارب سعودي إيراني. لكن في كل الأحوال فإن إيران أمام اختبار قوي الآن مع المبادرات السعودية.
التعليقات