خالد بن حمد المالك
تعب الكُتَّاب، وأحجم بعضهم عن الكتابة، وقلَّت كتابات من ظل ملتزماً، وجفَّت الأقلام أو كادت بفعل ضعف تأثيرها على المشهد، وصد أفكار كتَّابها من أن يكون لها ذلك السحر لتغيير المواقف، وما أحسبني الوحيد الذي يرى تعتيماً على الحقائق، وصناعة مواقف تخالف الواقع، وتضلِّل عقول الناس.
* *
كل رأي نزيه، وموقف صادق، وتوجه نحو الخير مكانها التعتيم، وخلق ما يناقضها بالأكاذيب، والادعاءات غير الصحيحة، ونعتها بما هو افتئات على ما هو حقيقي وصادق، والكلمة العليا في ذلك هي للقوي، ولمن لا يحمل في وجدانه غير الإرهاب والقهر والظلم وإيذاء الناس.
* *
تعب الكُتَّاب، وذوو المروءات، والأخلاق، والإنسانيات، ولكن الإرهابيين لا يتعبون، ولا يملّون، ويجدون متعة في تعذيب البشر، وحرمانهم من حقوقهم، ومطاردتهم على معيشتهم، وأرضهم، وسكنهم، وحيث يقتاتون معيشتهم من مزارعهم، ومصانعهم، وأعمالهم الأخرى، في أنانية، وممارسة لأبشع الجرائم.
* *
يكتب من يكتب مقالاً في صحيفة، أو يلقي محاضرة في منتدى، أو مشاركة في ندوة، وظهوراً في رأي في وسيلة إعلامية، ومؤتمراً، وفضاءً يحلّق المرء بأفكاره، بصدق، ومسؤولية، وكله أمل بإحقاق الحق، والدفاع عن المظلومين، والانتصار لما يُمليه ضميره، ويلبي قناعاته، ولكن أنَّى للمجرمين، والإرهابيين، بدول وتنظيمات أن تتفاعل باصطفاف مع الحق، وتجريم للقتلة!
* *
لاحظوا ما تفعله إسرائيل، ثمانون عاماً وهي تقتِّل بالفلسطينيين، تجردِّهم من حقوقهم، تمنع عنهم كل ما يبقيهم أحياء، وتعاملهم بالحديد والنار، لم تبق وسيلة تعذيب وقتل إلا ومارستها معهم، كأنهم ليسوا بشراً، وليسوا في أرضهم، وتنفذ بحقهم كل ما ترفضه النفس الأبية، ويقاومه من لا تهون عليهم كرامتهم، أو القبول بهذا الواقع المرير.
* *
إرهاب إسرائيلي غير مسبوق، ويخالف كل الشرائع والقوانين الدولية والإنسانية، القتل بأعداد مهولة، عشرات الآلاف تمت تصفيتهم، والمصابون بمئات الآلاف، والمفقودون، والمهدَّدون بالهجرة ما لا حدد له عدد، أو أنه أحصيت له أرقام حقيقية، فنحن في زمن ماتت فيه الضمائر في العالم، نحن بين متفرج، وداعم، ومتفهم.
* *
نعم، تعب الكُتَّاب، أصابهم اليأس، قُتلت فيهم الرغبة في مواجهة هذا العدوان بما كان ينبغي أن يُكتب عن وصفه، وعن المسؤولين عن تنفيذه، وعن من يقوم بدعمه من الدول، بالسلاح والمال، والمواقف السياسية، التي تمنع إيقاف قتل الأبرياء، بمن فيهم الأطفال، والنساء، وكبار السن.
* *
هناك غير جرائم إسرائيل في فلسطين، فكل من يرفع صوته، أو يُحدد سياسته بالاعتراض على إرهاب إسرائيل، فسوف لا يكون خارج عدوانها، هناك من لم يُظهر موقفاً مغضباً لإسرائيل ومع ذلك وصله نصيبه من جرائم وإرهاب هذا العدو، فنحن في زمن ماتت فيه الضمائر، واختفت فيه المروءات، وكأن إسرائيل تُعلِّم العالم بسلوكها المشين الفجور وانعدام الضمير!
















التعليقات