يوسف الكويليت
أوضاع باكستان كثيرة الشبه بالحالات العربية والإسلامية، فالانقسامات الداخلية حادة ومتنوعة بين القبائل، والزعامات، وتحاصرها خلافات مع أفغانستان التي تؤوي قبائلها عناصر وقيادات القاعدة، ولها مع الهند قضايا معلقة حول إقليم كشمير، وسباق التسلح، وفي سياستها الخارجية هي موالية لأمريكا، من خلال حب متقطع، وأحياناً متوتر، وهي إحدى الدول الإسلامية المؤثرة في أي اتصال أو انفصال..
الانتخابات الأخيرة أوصلت الرئيس (برويز مشرف) إلى الرئاسة، وهي ليست مفاجئة أي أن الخلافات المتصاعدة حول أحقيته بالترشيح من عدمها حسمها القضاء، وتم فوزه، لكن الرؤية المتشائمة لمستقبل باكستان أن الاستقرار في بلد تتنازعه الخلافات وسوء الخطط التنموية، وجوار متوتر، تربك أي عمل تنموي أو سياسي، وبرويز مشرف الذي وصل إلى الحكم بانقلاب عاد باقتراع ديموقراطي، لكن هل الديموقراطية في هذا البلد ليس لها نفس المرتكزات والثبات مثل جارتها الهند، رغم أن بدايات المدرسة واحدة، أي أنه بعد استقلال الهند كانت بذور الديموقراطية قائمة وكان (المهاتما غاندي) أراد أن يكون بلده الذي ناضل من أجله متعدد الأعراق والأديان، لكن انفصال باكستان وفق ظروف فرضت قوتها أخرجت النظامين وكل يتجه وفق ما خططت له قياداته، فنجحت الهند في مسيرتها رغم كبر حجمها وتعدديتها، وسقطت باكستان في الانقلابات العسكرية، وربما لو استطاع الرئيس مشرف أن ينجح في إنقاذ بلده وإعادته إلى المسيرة الصحيحة فإنه سيكون الزعيم الذي يقف على مشارف عصرٍ ودّع الانقلابات وبدأ تلمس طريقه نحو الحكم المدني واشتراطاته، أي أن المنافسة أصبحت حادة، وأنه لا طريق إلا للتنمية الشاملة، والباكستان تملك عناصر التفوق على غيرها إذا ما سنت دساتير وقوانين وإصلاحات تدخل في صلب العملية الكاملة لخطط النجاح، وحتى مسألة التسلح وبناء ترسانة كبرى، رغم ضرورتها بالنسبة لباكستان، فإن العمل الدبلوماسي، وتوسيع دوائر العلاقات مع البلدان التي تخشاها، ربما يفرزان لقاءات واتفاقات أكثر صيانة لأمن تلك البلدان لتتوجه ميزانيات التسلح المرهقة إلى بناءٍ أكثر احتياجاً للشعب الباكستاني..
بين المملكة وباكستان خطوط مفتوحة لم تنقطع رغم تبدل الأشخاص والكراسي لأن توثيق هذه الصلات قائم على الثبات وليس التغير ولعل الحاجة لمكافحة الإرهاب وبناء عالم إسلامي بلا خصومات تنشأ عنها الحروب، وتقاطع الطرق مع هذا العالم الكبير بكل محيطاته البشرية الأخرى، تفترض أن يختلف دور القيادة الباكستانية بأن تكون رائدة في التأثير على حزامها الإسلامي في وقت تفرض الحاجة ذلك، والمملكة ليست بعيدة عن التصور الإسلامي العام والتي ترى في باكستان القوة الأهم في لعب الدور الذي يتناسب وحجمها وتأثيرها على الساحة العالمية..
لقد ظلت القيادات الباكستانية تعيش واقعاً مختلفاً عن أهداف شعبها، ولذلك خرجت تلك الحكومات بقوة الجيش، والذي ظل أميناً على حماية الاستقلال الباكستاني، لكنه لم يخلق القيادات التي تلبي احتياجات تلك المراحل، وحتى الحكومات التي جاءت من خلال اقتراع عام وتسلم السلطة شخصيات مدنية، كانت تأتي وتذهب بنفس الحالة الصعبة..
فرص الرئيس برويز مشرف كبيرة، هناك انفراج مع الهند وتوقيع اتفاقات اقتصادية وتنموية مع دول عديدة أهمها الجار الصيني والفرص لا تنبت ولكنها تخلق لكن استغلالها يحتاج إلى الاستقرار وهو ما تحتاجه الباكستان في كل مواسم حصادها..
التعليقات