عبد الرحمن الراشد

سألت الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عندما التقيته في دافوس ما الذي ينوي فعله في بيروت؟ اجاب بانه سيعود ويحاول ثانية. قال هذه المرة سيسعى الى حل مشاكل الدور الأرضي. سألته عن أي دور وأي عمارة يتحدث؟ اوضح ان المشكل اللبناني مركب من عدة ادوار، الأول شأن محلي، لبناني لبناني، ثم هناك الدور الثاني دول الإقليم، فالدور الأعلى حيث تتخاصم الدول الكبرى. سيزور الأول وبعد ان ينتهي منه سيستقل المصعد الى الثاني فالثالث، وهكذا.

غير استراتيجيته من حل كل المشكلة الى بعضها بالتركيز على وقف الشجار بين اهل البيت، وهي مهمة عويصة، كما نرى كل يوم تزداد تعقيدا. ثم سمعت بتفسيره لاحقا الذي صرح به لتلفزيون laquo;ال بي سيraquo; عندما قال انه يفضل أخذ كل مشكلة لوحدها ومحاولة ايجاد حل لها، أي انه يريد ان يحل مشاكل الدور الأول غرفة غرفة. ليبدأ أولا بمسألة المحكمة الدولية التي فجرت الخلاف. ثم يعرج على مشكلة الرئاسة اللبنانية بحيث يقترح ان ينتخب رئيس مقبل مع ترك الرئيس يكمل فترته ليستريح كل فريق للنتيجة، وهكذا.

واسلوبه التفكيكي، او ما نعرفه في السياسة بتكتيك السلامي، يبدو جيدا لكن لا بد من الاستدراك والقول انه لا يحمل الكثير من الأمل لأسباب ترتبط بالأزمة، وتشابك الداخل بالخارج. فكل قضية لوحدها معقدة الى درجة يكاد يستحيل تفكيكها. مع هذا لنشد على يده فهو يستحق تأييدنا جميعا خاصة في حل ازمة الدور الأرضي.

وطالما انه يريد ان يفتح ملف الخلاف على المحكمة الدولية فلننظر كيف سيتدبر أمرها، وما ستؤول اليه، لأنها تحديدا ذات ضلع خارجي بخلاف القضايا الأخرى. فالمحكمة مرتبطة بالموضوع السوري، وما يعتقد انها الشبكة الامنية المحلية المتورطة، والتي لم تتوقف عن القتل حتى بعد أن بدأ المحققون الدوليون تفتيشهم. أيضا، وضحاياها من زعامات البلاد مما تجعل التصالح مستحيلا.

ولو نجح موسى في حل اشكال المحكمة لكان كافيا، ولعلقنا على صدره وساما، وسامحنا الجامعة العربية على عجزها الدائم.

وليس غريبا ان يبدو الحل عسيرا لأن لبنان عسير في تركيبته القانونية والادارية السياسية. بلد برئيس جمهورية مدد له بـlaquo;القوةraquo;، وتختلط صلاحياته برئيس الحكومة. والحكومة قامت على تآلف سرعان ما انفرط عقده بخروج الحليف السابق حزب الله، لكنها نظاميا تبقى حكومة شرعية. وهناك البرلمان الذي من حقه ان يلغي الحكومة هو الآخر عاجز عن الاجتماع لأن رئيسه يرفض الدعوة اليه. واذا كان البرلمان عاجزا فان المنطقي العودة الى الشعب ليقرر من خلال الانتخاب ما الذي يريده، وهذا أيضا أمر مستحيل لان مجلس الشعب عاجز عن الاجتماع. ولا ننسى الجيش، أي الوسيلة الأخيرة، من هو صاحب القرار الأخير فيه هل هو رئيس الجمهورية ام قائد الجيش نفسه او مجلس الامن الأعلى، وهكذا. فكيف ينوي موسى حل هذه الأحجية؟