الأثنين 5 فبراير 2007

تيم لكهيرست


قبل أن يتم انتخابه لمنصب رئيس الوزراء، قال بلير خلال مقابلة أجريت معه: quot;لقد مللت من العلاقات مع الجنس الآخر ومن كل تلك الموبقات ومن الروك آند رول، ولذلك قررت الدخول لحقل السياسةquot;.

على الرغم من ذلك، فإن بلير يجد نفسه الآن متهماً بأنه الرجل الذي لعب دوراً في إدخال الموبقات إلى قلب الديمقراطية البريطانية، يفوق ذلك الذي لعبه أي زعيم سياسي بريطاني منذ فجرِ الانتخابات البريطانية.

ففي يوم الجمعة الماضي، تم استجواب توني بلير في quot;10 دوانينج ستريتquot; بواسطة الشرطة -للمرة الثانية خلال 3 أشهر- في إطار التحقيقات التي تدور بشأن فضيحة تتفاعل بسرعة كي تصبح شيئاً مشابهاً لفضيحة quot;ووترجيتquot; الأميركية. بدأ الأمر في شهر مارس الماضي عندما تم حرمان رجل الأعمال quot;تشاي باتيلquot;من الحصول على مقعد في مجلس quot;اللورداتquot; الذي يتم تعيين أعضائه بالاختيار.

وبعد ذلك بعدة أيام تسربت أخبار مؤداها أن quot;باتيلquot; الذي كان قد تم ترشيحه من قبل بلير، سبق له أن أقرض رئيس الوزراء البريطاني 1.5 مليون جنيه إسترليني، لتمويل حملته الانتخابية عام 2005.

وفي الأيام التي تلت ذلك، تبين أن بلير قد رشح ثلاثة من المتبرعين لحملة الحزب الانتخابية للحصول على مقاعد في مجلس quot;اللورداتquot;، وهو ما دفع خصومه لاتهامه بأنه قد حصل على مقابل نظير تلك الترشيحات. وعلى الفور فتحت quot;سكوتلاند ياردquot; التي كان قد سبق لها أن قبضت الشهر الماضي على أحد مساعدي بلير، وكذلك على أحد المتبرعين لحملة الحزب الأسبوع الماضي، تحقيقاً فورياً في تلك الاتهامات. وعلى رغم أن أياً من هؤلاء لم توجه له أي تهمة إلا أن شبهات الفساد أصبحت تخيم كضباب كثيف فوق مقر مجلس الوزراء البريطاني.

لذلك فإن الأمر شبه المؤكد هو أن بلير الذي كان قد أعلن أنه سيترك منصبه هذا العام، سيمضي شهوره الأخيرة تحت وطأة الإحساس بالعار. وقد دفع ذلك بعض زملائه إلى تقديم النصح له بالاستقالة الآن قبل أن تؤدي ظلال تلك الفضائح إلى تخريب فرص الحزب في الانتخابات القادمة. والسبب الجذري الذي أدى ببلير إلى التعرض لهذه الفضائح، يكمن في فشله في تحقيق إصلاح شامل في مجلس quot;اللورداتquot; الذي أصبح غير ملائم للعصر.

فمجلس quot;اللورداتquot; الذي يتولى تمحيص ومراجعة القوانين التذي يتم تمريرها إليه من قبل مجلس العموم المنتخب، يلعب دوراً دستورياً مهماً في بريطانيا، حيث يستطيع أن يؤخر صدور التشريعات الحكومية، كما يمكنه العمل كمحكمة عليا للبلاد. أما فيما عدا ذلك، فهو بالكاد يزيد في درجة ديمقراطيته عن مجلس الدفاع الوطني التابع لكوريا الشمالية. يشمل أعضاء مجلس اللوردات البالغ عددهم 732 عضواً مرشحين من الأحزاب المختلفة، وأساقفة من كنيسة إنجلترا، وأفراداً ينحدرون من عائلات أرستقراطية، ولا يلعب الناخبون البريطانيون أي دور في اختيارهم.

لذلك فإنه طالما ظل رؤساء الأحزاب هم المنوط بهم اختيار أعضاء هذا المجلس، فإن الشكوك ستظل تحيط بهم، وستكون هناك شبهة دائماً في أنهم قد تقاضوا أو يتقاضون مقابلاً لهذه الترشيحات. وعلى رغم أن حزب quot;العمالquot; عندما جاء إلى السلطة عام 1997 بدأ حملة إصلاحية في مجلس quot;اللورداتquot; لتحقيق هذا الهدف، فإن تلك الحملة توقفت بعد مضي بعض الوقت، وهو ما يرجع جزئياً لحقيقة أن بلير قد رفض أن يعطي مجلس quot;اللورداتquot; الشرعية الديمقراطية التي يحتاج إليها كي يستطيع مواجهة مجلس quot;العمومquot; الذي يتم تعيين أعضائه بالانتخاب.

وقد ترتب على ذلك أن الأوضاع بقيت كما هي.. مثلما ظل قائماً ذلك الخيط الرفيع بين اختيار أعضاء مجلس الشيوخ بناء على جدارة واستحقاق وبين اختيارهم كمكافأة لهم عن سابق تبرعات أو مساهمات.

إن أعضاء الكتلة البرلمانية لـquot;حزب العمالquot; البريطاني يشعرون بالغضب بسبب الشكوك المثارة حول زعيمهم بأنه يتاجر بالمناصب، كما لو كان ملكاً مستبداً من ملوك العصور الوسطى.

وليس هناك شك في أن خضوع رئيس الوزراء البريطاني لتحقيق من قبل الشرطة للاشتباه بعلاقته في قضية فساد يمثل عاراً قومياً للشعب البريطاني بأسره، كما يستدعي في أذهانهم صورة تلك الطائرة العمودية التي أقلت ريتشارد نيكسون من البيت الأبيض للمرة الأخيرة بعد استقالته من منصبه بسبب فضيحة quot;ووتر جيتquot;.