سحر الجعارة
هذه ليست المرة الأولي التي تتعرض فيها الإعلامية هالة سرحان لحملة تصفية معنوية، إنها غالبا تدفع ثمن اقتحام حقول الألغام المخبأة خلف ستائر الزيف الاجتماعي، تلك الستائر المغزولة بشعارات براقة من عينة حماية الفضيلة والذود عن سمعة مصر!.
ورغم ذلك ظلت علي قناعاتها لم تبدلها، ظلت صلبة في مواجهة مجتمع يحترف صناعة الفضائح، والأهم أنها ظلت المذيعة الأشهر في الفضائيات العربية.
وفي الحملة الحالية التي تواجهها هالة سرحان كان هناك سؤال يلح علي: لمصلحة من تتم تصفية هالة معنويا؟.
لكن الأكثر صدمة لي كان في تطوع بعض الأشخاص لذبح الإعلامية، رغم أنها أول من قدمتهم إلي دائرة الضوء وصنعت لهم جماهيرية استثمروها فيما بعد.
والأكثر إيلاما وقسوة كان موقف الذين يتبارون في فضح جريمتها المزعومة laquo;الإعلام الكاذبraquo; رغم أنهم كانوا ضمن فريق الإعداد لبرامجها في فترة من الفترات !. هل هذا التحول إلي النقيض موقف أخلاقي نصفق له؟، كيف يتجرأ البعض علي الحديث عن laquo;مصداقيةraquo; لا يطبقونها؟.
أنا شخصيا عملت مع الدكتورة laquo;هالةraquo; في بداية التسعينيات، كنت أكتب مقالا أسبوعيا في مجلة تترأس تحريرها (سيداتي سادتي)، ولست مضطرة للتأكيد علي أنها لم تمل علي حرفا ولم تصادر لي رأيا، فمن يعرفها جيدا يعرف أنها laquo;محترفةraquo; تعرف أصول الصحافة .
وكذلك يعلم كل من استضافته دكتورة هالة في برامجها المتعددة أنها لا توجه ضيوفها إلي أي وجهة بل تعطيهم مساحة حرة للتعبير عن المجتمع بكل أطيافه بل تناقضاته. لقد عملت أيضا ضمن فريق الإعداد لبرامجها في قناة laquo;روتاناraquo;، ومنذ عام وأنا أقدم معها برنامج laquo;ست الستاتraquo; الذي يتناول قضايا المرأة تحديدا.
لا أتصور أن استضافة الشيخ يوسف البدري في مثل هذا البرنامج تلويث لسمعة المرأة المصرية، ولا أتصور أن تخصيص عدة حلقات تناقش laquo;زواج المسيارraquo; المنتشر في السعودية ونقده من عدة شخصيات بينهم laquo;ملكة زرارraquo; في قناة laquo;روتاناraquo; يدين الدكتور هالة.
هناك من قرر المزايدة علي فريق الهجوم، ووصم برامج هالة وضيوفها بأوصاف غير لائقة ، وهو تعميم يصل إلي حد القذف والسب في حق شخصيات لها مراكزها الاجتماعية وسمعتها، وبالتالي لا يجوز لأحد مهما كان أن يضمهم إلي حفنة موديلز أو فتيات ليل.
الهجوم الذي يستند إلي اقتصار مناقشة ظاهرة الدعارة علي فتيات مصر مردود عليه بالحلقات السابقة لهالة سرحان، فخلال عملها بقناة
ART قدمت عدة حلقات بعنوان laquo;خرجت ولم تعدraquo; مع العربيات اللاتي
احترفن الدعارة في باريس، وفي نفس القناة صورت في لبنان عن laquo;الشذوذ الجنسيraquo; وناقشت الظاهرة في ذلك البلد الأكثر انفتاحا.
لكن هناك من قرر شطب سجل هالة سرحان الإعلامي بأكمله وتصدير اعترافات فتيات الليل (المشكوك فيها) للمشاهد.
من ينكر أن laquo;هالةraquo; أول من تناول قضية المقدسات الإسلامية في القدس؟ هل هناك من يشكك في أنها حاورت -بكل موضوعية- كبار الرموز السياسية في برنامجي laquo;بصراحةraquo; عليART و(الحقيقة علي دريم)؟. للأسف الشديد حزب المنصفين في هذا البلد قليل العدد وهو ما أغري كتيبة الإعدام بمواصلة حملتها!.
قد يري البعض أن شهادتي مجروحة بحكم عملي مع الدكتورة laquo;هالةraquo; لكنني لست شيطانا أخرس، ولست ممن يصعدون علي جثث الآخرين لألتزم الصمت.
لقد تابعت المكياج الصارخ علي وجه المدعوة laquo;مروةraquo; علي شاشة المحور، ورصدت ضحكتها الخبيثة وشهوة الشهرة التي تتملكها بعد أن كشفت وجهها . وتعجبت من مجتمع يتعاطف مع من تقول إنها تقاضت أجرا لتقول إنها laquo;عاهرةraquo;.
إنه مجتمع يقبل الكذب باسم الموضوعية، يعترف بالفضيلة فقط في أعراض العاهرات .
وقبل أن أتم مقالي ظهرت الدكتورة هالة سرحان علي شاشة laquo;الأوربتraquo; وبينت موقفها للرأي العام. لكن يبقي السؤال: هل المجتمع سوف يتنازل عن جلسات النميمة ويقبل الحقيقة كما بينتها هالة؟، أم أن كتيبة الإعدام ستواصل جلد هالة علي واقع اجتماعي كل جريمتها أنها صورته؟.
المجتمع يطبق أحيانا في بعض مجالات السياسة والإعلام مقولة laquo;نبيلة عبيدraquo; في فيلم laquo;الراقصة والسياسيraquo;: (كل واحد بيرقص بطريقته) .
وهناك كثيرون يرقصون الآن علي جثة هالة سرحان.
التعليقات