الأثنين 26 فبراير 2007

سايمون روميرو

ارتفع إنفاق فنزويلا على الأسلحة خلال العامين الأخيرين إلى أزيد من 4 مليارات، مما حول البلاد إلى أكبر مشترٍ للأسلحة في أميركا اللاتينية ووَضَعها في مركز متقدم مقارنة مع مشترين آخرين كبار في أسواق الأسلحة الدولية؛ مثل باكستان وإيران. ويقول المسؤولون الحكوميون والعسكريون الفنزويليون إن مقتنيات البلاد من الأسلحة، وتضم عشرات الطائرات القتالية وطائرات الهليكوبتر الهجومية و100000 بندقية من طراز quot;كلاشنيكوفquot;... ضرورية للالتفاف على حظر من قبل الولايات المتحدة على مبيعات الأسلحة الأميركية للبلاد.
كما يجادلون بأنه على فنزويلا أن تقوي وتدعم دفاعها لمواجهة عدوان عسكري محتمل من قبل الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، يقول الجنرال quot;ألبيرتو مولار روخاسquot; العضو في قيادة الأركان: quot;إن الولايات المتحدة حاولت شل قوتنا الجويةquot;، في إشارة إلى سعي إدارة جورج بوش في الآونة الأخيرة إلى الحيلولة دون حصول فنزويلا على قطع الغيار لطائرات quot;إف 16quot; الأميركية المشتراة في ثمانينيات القرن الماضي، مضيفاً: quot;إننا نشعر بالتهديد؛ وعلى غرار أي بلد ذي سيادة، فإننا نتخذ خطوات في اتجاه تقوية وتعزيز دفاعناquot;.
ويعد تطوير وتعزيز استراتيجية فنزويلا العسكرية، ومن ذلك إنشاء قوة احتياط مدنية كبيرة وتوفير المساعدة العسكرية لحلفاء مثل بوليفيا، مظهراً من مظاهر تدهور علاقات فنزويلا السياسية مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فقد نفت واشنطن مراراً وتكراراً أن تكون لديها مخططات لمهاجمة فنزويلا التي تعد أحد أكبر مصادر النفط بالنسبة للولايات المتحدة. غير أن مشاعر التوجس وانعدام الثقة إزاء واشنطن، تظل سائدة في كاراكاس بعد أن دعمت الإدارة الأميركية انقلاباً أزاح هوجو شافيز لفترة قصيرة من الحكم عام 2002.
وقد أثار تزايد إنفاق فنزويلا على الأسلحة، والذي ارتفع بنسبة 12.5% عام 2006، انتقادات شديدة داخل إدارة بوش التي ترى أن من شأن ذلك زعزعة الاستقرار في أميركا الجنوبية، وأنه يفوق بكثير احتياجات الدفاع الداخلي لفنزويلا. كما أثار تزايد الإنفاق العسكري الفنزويلي جدلاً محتدماً في الداخل بخصوص ما إن كانت البلاد بحاجة حقيقية إلى إنفاق مليارات الدولارات على الأسلحة المستوردة، في وقت مازال فيه الفقر وارتفاع معدلات الجريمة مشكلتين تقضان مضجع فنزويلا.
وإضافة إلى ذلك، فقد تنامى قلق جيران فنزويلا من احتمال أن تخل مبيعات الأسلحة هذه بتوازن القوى الإقليمي، ومن أن تؤدي إلى تجارة سرية جديدة في الأسلحة عبر حدود فنزويلا. وكان quot;خوسي سارنيquot;، الرئيس البرازيلي السابق والسيناتور البارز، أثار ضجة هذا الأسبوع بعدما نقلت عنه صحيفة quot;أو غلوبوquot; وصفه للحكم القائم في فنزويلا بـquot;الشعبوية العسكريةquot; متهماً إياه بـquot;العودة إلى الخمسينياتquot;، أي الفترة التي كانت فيها فنزويلا تحت حكم العسكري القوي quot;ماركوس بيريز خيمينسquot;. وأضاف سارني قائلاً: quot;إن فنزويلا تشتري أسلحة لا تشكل تهديداً للولايات المتحدة، ولكنها تخل بالتوازن داخل القارة؛ ولذلك، فلا يمكننا أن ندع فنزويلا تصبح قوة عسكريةquot;.
والحال أن المسؤولين في إدارة الرئيس quot;لويس إغناسيو لولا داسيلفاquot; في البرازيل يبدون مترددين في انتقاد مشتريات فنزويلا من الأسلحة علناً، بالنظر لحساسية الموضوع، لاسيما وأن شركة quot;إيمبرايرquot; البرازيلية لم تتمكن من عقد صفقة لبيع طائرات عسكرية إلى فنزويلا بسبب احتوائها على تكنولوجيا أميركية. وإثر ذلك، لجأت فنزويلا إلى روسيا، لتصبح أحد أكبر زبائن قطاع صناعة الأسلحة الروسي؛ حيث وقعت كاراكاس مع موسكو منذ عام 2005 عقوداً لاقتناء 24 طائرة مقاتلة من طراز quot;سوخويquot;، و50 طائرة هيلوكبتر، و100000 بندقية. كما تعتزم فنزويلا فتح أول مصنع quot;كلاشنيكوفquot; في أميركا اللاتينية لإنتاج البنادق روسية التصميم في مدينة quot;ماراكايquot;.
إلى ذلك، قدر تقرير صدر في يناير عن quot;وكالة الاستخبارات الدفاعيةquot; التابعة للبنتاجون مبيعات الأسلحة لفنزويلا خلال السنتين الماضيتين بـ4.3 مليار دولار، متقدمة بذلك على باكستان (3 مليارات دولار) وإيران (1.7 مليار دولار). وفي تصريح أمام لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب، لفت الجنرال quot;مايكل مابلquot;، مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية، الانتباه إلى quot;أجندة تشافيز التي تروم تحييد نفوذ الولايات المتحدةquot;، عاقداً مقارنة بين تشافيز وquot;اليسار الإصلاحيquot; ممثلاً في الرئيسة الشيلية quot;ميشيل باشليهquot;.
وعلاوة على روسيا، تبحث فنزويلا حالياً إقامة تعاون عسكري مع إيران التي تعد أقرب حليف لها خارج أميركا اللاتينية، لصنع طائرة مراقبة تُسيَّر عن بعد. وفي هذا السياق، قال الجنرال quot;راوول إسياس بادويلquot; وزير الدفاع الفنزويلي، إن الطائرات العشرين التي يرتقب صنعها يمكن استعمالها لتعزيز مراقبة الحدود ومحاربة تخريب البيئة في فنزويلا. هذا وتعمل كاراكاس أيضاً على تعزيز علاقاتها العسكرية مع هافانا، حيث ترسل ضباطها وجنودها إلى كوبا من أجل التدريب.
بالمقابل يرى مؤيدو التسلح أن فنزويلا أنفقت في عهد شافيز، والذي يوجد في السلطة منذ ثماني سنوات، على جيشها نسبة أقل بالنظر إلى حجم اقتصادها، مقارنة مع الولايات المتحدة أو دول أخرى من أميركا اللاتينية كتشيلي وكولومبيا. فحسب معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، والذي يرصد الإنفاق العسكري في العالم، فإن إجمالي إنفاق فنزويلا على الدفاع، بما في ذلك صفقات الأسلحة، بلغ عام 2004 نحو 1.3 مليار دولار، بما نسبته 1.4% من الناتج الداخلي الخام، مقارنة مع 4% في الولايات المتحدة، و3.8% في كولومبيا.