الثلاثاء 27 فبراير 2007
دrlm;.rlm; وحيد عبدالمجيد
فصل ما الذي يمكن أن يستنتجه من تابع عبر البحار الجدل الصاخب الذي اشتعل حول حلقة عن فتيات الليل في برنامج هالة شو علي قناة روتانا سينما الفضائية؟ لعل أكثر ما يمكن أن يخلص اليه مراقب أجنبي في الجانب المتعلق باتهام البرنامج بالفبركة هو أن الفضائياتrlm;,rlm; والإعلام العربي بوجه عامrlm;,rlm; علي أعلي مستوي من المهنية والالتزام الي حد أن أي خروج علي القواعد يقابل بكل هذا الاستنكارrlm;.rlm;
ولابد أن مثل هذا المراقب الخواجة سيفزع للاتهام الخاص بدفع فتيات عاديات من جمهور الاستوديو لأن يمثلن دور بنات ليل يروين قصصهن ليقوم ضيوف الحلقة بمناقشتها في اطار معالجتهم لقضية الدعارةrlm;,rlm; فهذاrlm;,rlm; إذا صحrlm;,rlm; تزييف مقيتrlm;.rlm; وإذا كان هذا الخواجة يعيش في بلد مفتوح يحترم اعلامه القواعد المهنيةrlm;,rlm; فمن الطبيعي أن يزعجه هذا الجانب المتعلق بالفبركة في قضية برنامج هالة شو وليس بعدها الآخر الخاص بالإساءة الي سمعة مصرrlm;.rlm;
ففي مثل هذه البلادrlm;,rlm; ينظر الناس الي الفبركة الاعلامية في حد ذاتها وبغض النظر عن موضوعها باعتبارها إحدي الكبائر التي تسئ الي سمعة البلدrlm;,rlm; وقبل ذلك الي مواطنيه الذين تقدم هذه الفبركة اليهم زيفا وبهتانا كما لو انه الحقيقةrlm;.rlm;
وإذا كان الأمر كذلكrlm;,rlm; فما حدث في برنامج هالة شو يصح أن يثير أضعاف ردود الفعل الغاضبة التي أوجدهاrlm;,rlm; وإذا ثبت أن في الأمر فبركة بالفعلrlm;,rlm; فلا تكفي ردود الفعل الغاضبة حتي إذا كانت أشد ضخباrlm;,rlm; بل يجوز تطبيق ماتمليه القواعد المهنية من إجراءاتrlm;.rlm;
ولكن أما وقد أخذنا التتابعrlm;,rlm; الذي يفترض أنه منطقيrlm;,rlm; الي هذه القواعد فلابد أن يواجهنا السؤال عما إذا كان لدينا شيء منها في عالمنا العربي السعيد الذي تزداد القنوات في فضائه كالفطر بينما يتناقص الالتزام بقواعد تشغيل هذه القنوات الاخبارية منها والغنائية العارية ونصف العارية علي حد سواءrlm;.rlm; ففي هذا العالم العربيrlm;,rlm; الذي لم تعد مفارقاته ولا تناقضاته تبعث علي الدهشةrlm;,rlm; تكاد الفبركة أن تصبح هي القاعدة المهنية التي يلتزم بها أكبر عدد من القنوات الفضائيةrlm;,rlm; جنبا الي جنب محطات أرضية في بعض بلاده أو كثير منهاrlm;,rlm;
ولذلك لا يستغرب إلا أقل القليل فيه أن يشارك بعض أساطين الفبركة الاعلامية في الحملة علي سقطة برنامج هالة شو إذا صح الاتهام الموجه ضدهrlm;,rlm; في الوقت الذي اختار بعض آخر منهم الدفاع عنهrlm;,rlm; ولم تقتصر المشاركة في الجدلrlm;,rlm; هجوما ودفاعاrlm;,rlm; علي إعلاميين فضائيينrlm;,rlm; إذ دخل المعركة آخرون أرضيون فضلا عن اعلاميين غير تليفزيونيين كان لهم أكبر دور في اشعال هذه المعركة الي أن طغت لأيام طويلة علي موضوع التعديل الدستوري والتحول الديمقراطي وقضايا فلسطين ولبنان والعراق وغيرهاrlm;.rlm;
ولكن بالرغم من أن الجدل حول قضية برنامج هالة شو لم يكن مثمرا كما هو دأبنا في كل قضية تطرح للنقاش سواء بشكل طبيعي أو مصنوعrlm;,rlm; تظل مسألة الفبركة الإعلامية في حاجة الي معالجة جادة ومسئولة في الفترة المقبلةrlm;.rlm;
فهي تعتبر الآن أهم الأمراض المهنية التي يعاني منها الإعلام العربيrlm;,rlm; ولا سبيل لإحراز أدني تقدمrlm;,rlm; في الإعلام كما في غيرهrlm;,rlm; إذا لم نضع مسألة الكفاءة المهنية في المكان الذي تستحقه باعتبارها لا تقل أهمية عن قضية الحريةrlm;.rlm;
فإذا صح أنه لا إعلام بدون حريةrlm;,rlm; وهو صحيحrlm;,rlm; فلا حياة لإعلام حر ما لم يتوافر له حد أدني علي الأقل من كفاءة الأداء المهنيrlm;,rlm; والقنوات الفضائيةrlm;,rlm; وغيرهاrlm;,rlm; التي تستثمر شوق المواطنين العرب في كل مكان الي الحرية فترفع سقفها دون أن تهتم بترقية أدائها ستواجه بعد وقت يطول أو يقصر أزمة مع بدء انفضاض المشاهدين عنها حين يصلون الي درجة التشبع بهذه الحرية ويتطلعون الي أداء أفضل وأكثر فائدةrlm;.rlm;
ولا سبيل الي الارتقاء بالأداء في ظل شيوع الفبركة في برامج التوك شو بصفة خاصةrlm;,rlm; وفي بعض البرامج الأخريrlm;,rlm; وهذه الفبركة التي تضعف الأداءrlm;,rlm; هي في حد ذاتها نتيجة هشاشة هذا الأداء في أحد أهم جوانبه وهو عملية الإعدادrlm;.rlm; ففي جميع القنوات الفضائية وبدرجات مختلفةrlm;,rlm; برامج يعتمد اعدادها علي معدين كثير منهم محدود المعرفةrlm;,rlm; تقتصر أدوات بعضهم علي أجندة تليفونrlm;.rlm;
وهذا النوع من العاملين في الإعداد للبرامج لا يهتم إلا بالموضوعات المثيرة أو الساخنةrlm;,rlm; وهمrlm;,rlm; غالباrlm;,rlm; لا يقرأون بل يكاد بعضهم يخاصم القراءةrlm;,rlm; فإذا اتصل أحدهم بضيف يدعوه الي المشاركة في حلقة عن موضوع معين يبادره بأسئلة أولية يستطيع المعد أن يعرف الاجابة عنها لو أن لديه فكرة بسيطة عن هذا الموضوعrlm;,rlm; وعن الضيف الذي يريده للمشاركةrlm;,rlm; وقد يري الضيف أن يحيل محدثه الي مقالة حديثة نشرها ويدله علي طريق سهل للحصول عليها عبر شبكة الانترنتrlm;,rlm; مثلا أو بإرسالها اليه عبر الفاكس فإذا بالمعد يعتذر كما لو انه يستنكر مطالبته بالقراءةrlm;.rlm; فلا يجد الضيف المدعوrlm;,rlm; والحال هكذاrlm;,rlm; إلا أن يقدم له إجابات شديدة الاختزال لا تتحمل محادثة هاتفية أكثر منهاrlm;.rlm;
وهكذا يجري الإعداد للحلقةrlm;,rlm; في هذا البرنامج أو ذاكrlm;,rlm; بطريقة متعجلة مرتجلة لا عمل جاد فيها ولا إتقانrlm;,rlm; ويقدم المعد أو فريق الإعداد الي مقدم البرنامج وريقات مبتسرة لا تعينه علي أداء دوره كما ينبغي إذا كان معنيا بحسن الأداءrlm;.rlm; أما إذا لم يكن هذا مما يعنيهrlm;,rlm; علي نحو ما يشيع في كثير من البرامج فهو لا يكلف نفسه أكثر من نظرة سريعة علي تلك الوريقات في اللحظة الأخيرة داخل الاستوديوrlm;.rlm;
وإذا كان المذيع مولعا بصراع الديوكrlm;,rlm; فهو يحول البرنامج الي حلبة مصارعةrlm;,rlm; ويصبح دور فريق الاعداد هو البحث عن المصارعين والتأكد من أن كلا منهم يتبني موقفا مناقضا للآخرrlm;,rlm; ومستعدا للذهاب الي اخر مدي في الهجوم عليهrlm;,rlm; وحبذا إذا انطوي هذا الهجوم علي أعلي مستوي من العنف اللفظيrlm;.rlm;
ووجه الفبركة في هذا النوع من البرامج هو التركيز علي المواقف المتطرفة الحدية التي كثيرا ما تكون هامشيةrlm;,rlm; وتقديمها الي المشاهد كما لو انها هي المواقف الرئيسية أو السائدةrlm;,rlm; وفي بعض هذه البرامجrlm;,rlm; يتولي فريق الاعداد شحن كل مشارك ضد الاخر وتأليبه عليه الي حد اللجوء الي كذب صريح لضمان أن يدخل كل منهم الي الاستوديو وهو معبأ الي أقصي مدي ومستعد للنزال من اللحظة الأوليrlm;,rlm; وفي بعض الأحيانrlm;,rlm; يكمل معد البرنامج عملية الشحن في اللحظات الأخيرة قبل البث أو التسجيلrlm;,rlm; وليس هذا إلا نذرا يسيرا في مجال الفبركة القضائية التي لا يستنكرها أحد أو يخضعها لنقاش إلا فيما قل أو ندرrlm;.rlm;
التعليقات