نيويورك - جاد الحاج
كنا حين نقول كتبت laquo;البوستraquo; نعني من دون إشكال laquo;الواشنطن بوستraquo;، اما اليوم فالتحديد ضروري لأن laquo;هفنغتون بوستraquo; الإلكترونية باتت الموقع الإعلامي المنافس، لا لـ laquo;الواشنطنraquo; وحدها بل لكل الصحافة الأميركية المكتوبة. ما من صحافي أميركي يبدأ نهاره قبل زيارة هذا الموقع الذي يتلقى ثلاثة ملايين ضيف مميز كل شهر وأكثر من ثلاثين مليون صفحة رأي.
منذ سنتين حاولت أريانا هفنغتون إزاحة أرنولد شوارتزنغر من حاكمية كاليفورنيا لكنها لم تفلح. على الأثر نزلت الى نيويورك ورصدت مليوني دولار لإنشاء موقع الكتروني اتخذت له موئلاً في وسط منطقة سوهو. بسرعة مدهشة تحول هذا الموقع الى ملتقى اقلام من الوزن الثقيل: نورمان ميلر، تيم روبنز، جون كوساك، ستيف مارتن، أليك بولدوين، جون كيري وغيرهم، يكتبون مجاناً وفي اندفاع وحماسة واضحين. الا ان الأسماء المشهورة ليست هي أساس نجاح الموقع، بل المساهمات الغزيرة من الناس العاديين. من شرق البلاد الى غربها دخلت laquo;هفنغتون بوستraquo; بيوت الأميركيين في كثافة لم تحققها أي وسيلة إعلام أخرى، مكتوبة أو مرئية أو مسموعة. المناخ المسيطر على الموقع ليبيرالي تخترقه باستمرار مداخلات جمهورية. تحليل الحدث والتعليق عليه والردود اللاحقة تشكل العصب الأساس لوتيرة تدفق المشاركين الى الموقع.
العام الماضي اعتبرت مجلة laquo;تايمraquo; أريانا ضمن المئة المختارين كأبرز شخصيات السنة. ومنذ ايام حضرت اريانا لقاء خاصاً في قاعة اجتماعات laquo;تايمraquo; لبحث مفاعيل ومؤثرات الإعلام الإلكتروني على صنوه المكتوب. بالطبع كان الجوّ ملطفاً بالكلام المعسول، لكن أحداً لم يستطع تعسيل الواقع: هناك خطر يهدد الإعلام التقليدي. laquo;نحن في طور الانقراضraquo; قال أحد المحررين. أجابت أريانا: laquo;التبشير بوفاة الصحافة المكتوبة غير واقعي. في رأيي ثمة مكان للجميعraquo;. مدير التحرير، ريتشارد ستينجل، اعتبرها laquo;قوة من الطبيعةraquo; وعبّر كثر عن اعجابهم بكتابها الحادي عشر laquo;عن بلوغ اللاخوفraquo; حيث تتحدث عن laquo;غزوهاraquo; الخوف بمساعدة والدتها وإرادتها الصلبة وقدرتها الشجاعة على التغيير بصرف النظر عن الثمن.
ولدت أريانا ستاسينوبولوس في أثينا العام 1950 وبعدما ساهمت في إقناع والدتها بأن تطلّق زوجها المطارد اللجوج للنساء، التحقت بمعهد كيمبريدج في بريطانيا حيث أحرزت تفوقاً سريعاً توجته بكتابها الأول laquo;الأنثى المرأةraquo;، وهو رد مباشر على الكتاب الشهير لجيرمان غرير laquo;الأنثى الخصيّraquo;. غير أن نجاحها الأكاديمي كسفه إخفاقها في اقناع الكاتب والصحافي الانكليزي برنارد ليفين بأن يتزوجها. إذ ذاك قررت مغادرة الجامعة والعودة الى أثينا. في كيمبريدج، تقول أريانا: laquo;تعلّمت فن الحوار والجدال والنقاش الممنهج، ما ساعدني كثيراً في تبليغ رأيي والدفاع عن مواقفيraquo;.
كانت في الثلاثين من عمرها حين تزوجت الملياردير النفطي الأميركي مايكل هفنغتون، ولكن انجابها منه ابنتين لم يمنعه لاحقاً من إعلان مثليته. تطلقا، وكانت أريانا قد بدأت تناوش السياسة من باب الاعتدال الإصلاحي لدى الجمهوريين. ثم تبيّن لها laquo;ان أميركا المال غير مستعدة لإغاثة أميركا الطبقات المسحوقة من دون ضغط سياسيraquo;. وسرعان ما تحولت دارتها الواسعة في كاليفورنيا الى موئل لليبراليين.
منذ اللحظة الأولى للتورط الأميركي في العراق اتخذ موقعها موقفاً معارضاً للحرب. وتقول أريانا ان نتائج الانتخابات النصفية الأخيرة عبّرت عن موقف الشعب الأميركي من هذه الحرب. laquo;بددنا خيرات هائلة لو وجّهناها الى الهدف الصحيح لحققنا نتائج إيجابية بحق. على الذين ارتكبوا هذا الخطأ الجسيم أن يخضعوا للحسابraquo;. ومن الأمور المذهلة بالنسبة اليها لحاق رئيس الوزراء البريطاني توني بلير laquo;بجنون من هذا النوعraquo; قالت وأضافت: laquo;سيكولوجياً، لا أفهم كيف تأخر بلير في تدارك الخطأraquo;.
التعليقات