جيم هوغلاند - واشنطن بوست

laquo;هل يفقد ديك تشيني نائب الرئيس نفوذه أو حتى عقله ربما ؟raquo;..

هذا السؤال، حتى إذا جرت صياغته بطريقة أكثر شفافية، يزحف عبر وزارات الخارجية والمكاتب الرئاسية في الخارج، وأصبح عاملا في علاقات إدارة بوش مع العالم.

laquo;ما الذي جرى لديك تشيني؟raquo;..

هذا أيضا هو السؤال الدقيق والمقلق، لكن المباشر يأتي من رجل دولة أوروبي عرف نائب الرئيس لسنوات كثيرة. وقد طرحه علي قبل أيام، حتى قبل أن يكون اكتشاف تخثر الدم في ساق تشيني والإدانة باليمين الكاذب لسكوتر ليبي، الرئيس السابق لمكتب موظفيه، في العناوين الرئيسية التي تسلط الأضواء على حالة نائب الرئيس الجسدية والعاطفية والسياسية.

إنه لشيء جديد بالنسبة للأميركيين أن يتساءلوا عما إذا كان زعماؤهم قد أصبحوا واهمين وخائبي الآمال ومخيبين لها. ووجه المحررون في laquo;واشنطن بوستraquo; صحافيين لاكتشاف ما إذا كان جيمي كارتر قد عانى من انهيار عصبي عندما تراجع إلى كامب ديفيد عام 1979 قبل عشرة أيام، وفجأة أعفي خمسة من المسؤولين في الحكومة. هل تتذكرون الضجة حول ألكسندر هيغ laquo;أنا المسئول هناraquo;، وملاحظات المابتن كويغش الأخرى، وحديث ريتشارد نيكسون إلى الصور الشخصية ؟

ما هو غير مألوف هو بالنسبة للأجانب أن يفكروا بنائب الرئيس على الإطلاق، ويتساءلوا ما التأثير الذي تمارسه أمزجة نائب الرئيس وهزائم السياسة الداخلية على موقف اميركا في العالم.

ولكن ما يرتفع إلى أعلى لا بد أن ينزل إلى أسفل أيضا. ففي الولاية الأولى اعتبر ديك تشيني نائب الرئيس الأكثر نفوذا في التاريخ، وملهم صناعة مزدهرة لأفلام رسوم متحركة وتلفزيونية.

ولم ينته الأمر. فهناك تقارير حول هزيمة جديدة للمتشدد في الموقف من إيران وسوريا، الذي يقترن بمكتب تشيني إذا ما أدى اجتماع اليوم السبت وفق ما هو مقرر في بغداد إلى تحقيق تقدم بشأن استقرار العراق. وابلغني دبلوماسيون أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أقنعت تركيا باستضافة مؤتمر وزاري الشهر المقبل يضم جيران العراق والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والدول الثماني الكبرى وأنها ستشارك في الاجتماع.

وقد أشارت مصادر في الإدارة إلى أن رايس أبلغت بوش في يناير الماضي بأن عليه أن يكرس عاميه الأخيرين في الإدارة الأميركية كجالس على البيت الأبيض للسعي إلى اتفاقيات دبلوماسية مع كوريا الشمالية وإيران واتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني.

ويؤكد التقرير أن رايس ببساطة لا تناور، وتطوق تشيني في معارك سياسية داخلية، وإنما أحرزت موافقة ودعما كاملين من الرئيس، بشأن الأهداف والمناهج الاستراتيجية التي تسعى إليها هي ودبلوماسيوها.

ولكن مثل هذا الزعم يبقى بحاجة إلى تأكيدات لجهة صحته عبر الأحداث. ولكن من الواضح أن بوش ظل على الدوام هو صانع القرار أكثر مما نقلته صورة تشيني عنه كمجرد كدمية، وبالتالي فليست هي الفترة الأخيرة فقط التي يمكن القول معها إن بوش اخفق في اتباع نصيحة تشيني.

فبشأن العراق قام بوش بتجاوز تشيني في الذهاب إلى الأمم المتحدة لاتخاذ قرار ثان بخصوص استخدام القوة، ثم أصغى بصورة أوثق (وأكثر كارثية) إلى توصيفات السياسة من السفير بول بريمر وآخرين. وبشأن إيران جاء تشيني إلى الإدارة الأميركية بمواقف أكثر استرخاء من مواقف بوش. وربما تكون مواقف تشيني قد تشكلت من خلال تجاربه كمدير تنفيذي لشركة laquo;هاليبيرتونraquo; وهي شركة خدمات نفطية سعت إلى عقود تجارية في ذلك البلد.

وهناك الكثير مما يحسب لصالح معارضات تشيني المتكررة بحيث أن الولاء المطلق لبوش أكثر أهمية لعلاقتهما من النصيحة السياسية التي يعطيها تشيني للرئيس. وهي نصيحة لم يكشف عنها أبدا لمساعدين في الحكومة أو دبلوماسيين قلائل يراهم.

ويقول احد السفراء هنا: laquo;تشيني من الغموض بمكان بحيث أن تلميحاته المعلنة الأخيرة حول عدم ارتياحه من اتجاهات السياسة الجديدة تنعكس لنا مثل صرخات غضب مكبوتraquo;.

والى ذلك كشفت محاكمة ليبي عن انقسامات خطيرة بين تشيني وفريق بوش السياسي الذي قاده كارل روف، الذي لم يعان من عواقب قانونية بشأن دوره في الفضيحة. كما ان المحاكمة أدت أيضا دور تمرين آخر في إظهار كيف أن تشيني نفسه هو الذي مكن لنقاده في الداخل ولأعدائه في الخارج. فاهتمامه المفرط بالسرية والسيطرة من جانب السلطة التنفيذية، منحاه مصداقية جديدة وقدرة على جمع الأموال للديمقراطيين ولمنظمات الحريات المدنية هنا، وحصلت على التعاطف في مختلف أنحاء العالم بشأن السجناء الذين قد يكونون إرهابيين.

إذن أصغوا أيها الدبلوماسيون: مهما كان تشيني محاصرا فانه لن يستقيل بسبب رفض الرئيس أخذ نصيحته. والقوة الوحيدة التي يمكن أن تدفعه إلى تلك الخطوة الدراماتيكية يمكن أن تكون ذلك الإحساس الراسخ بالولاء لبوش، الذي يحتاج الآن بإلحاح نائبا للرئيس في صحة جسدية وعاطفية وسياسية مستقرة. تلك هي المعادلة التي ترغبون في النظر إليها.