علي سعد الموسى


في معرض تعليقه على تجاهل خطباء الجمعة الخوض في القضايا الاجتماعية الصارخة الملحة، قال فضيلة الشيخ الدكتور عائض القرني: إن الخطباء من النسيم للنظيم، انشغلوا بالشيشان ودارفور عن كثير من أمراض المجتمع. أظن أن فضيلته كان يتحدث في محاضرة حول الأسرة والطلاق في عاصمة تنفصل بها أسرة من بين كل ثلاث حالات زواج، وهو رقم مخيف لا أحد يتحدث عنه. مدينة بحجم الرياض، بها وحدها اليوم ما يزيد عن مئة ألف طفل لأبوين منفصلين.

سجون تسجل معدل كثافة مخيفة جراء المخدرات وأصناف الجرائم. شوارع يستبد بها القلق المخيف لجنوح اجتماعي بالغ الخطورة لم يعد فيه رب الأسرة يأمن على زوجته أن تذهب طليقة إلى زيارة الجيران، ناهيك عن أن يترجل أولاده المسافة القصيرة ما بين البيت والمدرسة. لا أحد يحمل جهاز الأمن وحده كل المسؤولية فقد بلغنا حدا لو أننا من قررنا أن نضبط الأمور لوضعنا جنديا مقابل كل مواطن. ضعف الوازع الديني يتزامل اليوم مع انعدام الشرف الاجتماعي.

مشايخنا الكرام من خطباء الجمعة: تلكم هي القضايا الجوهرية التي تنخر جسدنا الاجتماعي وهي أمراض لا يصلح علاجها فقط بمجرد الوعظ. بلغتكم أحدثكم: ينبغي لكم أن تتسلحوا لعلاجها بالأرقام والإحصائيات، بدراسة الأسباب وتبيان النتائج، بإيقاظ الوعي الاجتماعي وتحصينه ليكون المواطن رجل أمن يؤثم إذا لم يبادر يقظا للإبلاغ عن كل حالة مشبوهة.

تكلم فضيلة الشيخ الدكتور عن المسافة في الخطبة ما بين النسيم والنظيم، وهي ذات مساحة الخطبة في الغالب من الماء للماء ومن الشمال للجنوب. هذا الجمهور البسيط الذي يتراص الصفوف في صلوات الجمعة يريد اقترابا من مشكلاته فقد سئم من خطب الأدلجة. يريد من خطبة الجمعة أن تلامس همومه فقد سئم من خطب كأنها بيانات مزايدة لأعضاء جدد وافدين إلى برلمانات ومجالس الشعب. يؤلمني جدا، أن مساحة من المنابر ما بين النسيم والنظيم، ما بين الماء والماء، قد مرت على قتل المعاهدين الآمنين فلم تنبس بطفلة شفة وأن سواد هذه المنابر قد سكتت عن موجة الإرهاب وكأنها تصمت على المأثور. (لم آمر بها ولم....) وأن عشرات المحاضرين كانوا بيننا خلال سنوات الأزمة الخمس بكل عناوينهم التي لم تلامس أخطر قضية، وأن بعضهم حتى قبل بعناوين الأزمة على الورق لكنه سرعان ما يغير الموضوع عندما يصعد المنبر.

مشايخنا الخطباء: الجمهور اليوم ذكي حساس وللزمن مع التاريخ في القادم حكمة.