.. وصلة ملتبسة مع laquo;فتح الانتفاضةraquo;
laquo;الحياةraquo; زارت معسكرهم في laquo;الباردraquo; وسوادهم يرطن الفصحى بلهجة سورية ...




طرابلس (شمال لبنان) -حازم الأمين

الاتهام الذي وجهته الأجهزة الأمنية اللبنانية الى جماعة laquo;فتح الإسلامraquo; بالتورط في تفجيري عين علق في جبل لبنان أثار مجدداً قضية تمركز هذه الجماعة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين, خصوصاً ان عدداً من الذين وجهت إليهم التهم ما زالوا موجودين في معسكر الجماعة في ذلك المخيم. كما أثار الاتهام تساؤلات عن هوية هذه العناصر وما قيل عن احتمال علاقة تربطهم بتنظيم laquo;القاعدةraquo;, خصوصاً ان بينهم في معسكر laquo;صامدraquo; في المخيم ناشطين من جنسيات مختلفة سورية وسعودية ويمنية وجـــزائرية ومغـربية. لكن لا يبدو ان هذا دليل كافي على النشاط laquo;القاعديraquo; لهذه الجماعة, إذ أشارت معلومات لـ laquo;الحياةraquo; ان الجماعة هي تنظيم هجين يختلط فيه عناصر أجهزة أمنية مختلفة بآخرين يحملون الفكر laquo;السلفي الجهاديraquo; ويسعون للتوجه الى العراق.

laquo;الحياةraquo; زارت معسكر هذه الجماعة في مخيم نهر البارد والتقت ناطقاً باسمهم وسألت سكان المخيم والأجهزة الأمنية اللبنانية وناشطين إسلاميين عن هذه الظاهرة:

الرجل المتمدد على كرسيه أمام دكانه في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان, وضع لافتة كبيرة فوق محله كتب عليها laquo;مطهر أولاد الصفّوريraquo;. الرجل يكاد يغفو, فالوضع الأمني هذه الأيام laquo;عَدم السوق العافيةraquo;, وفي الليلة الفائتة شهد المخيم مقتل أحد عناصر laquo;فتح الإسلامraquo; خلال اشتباك مع مجهولين.

انه laquo;مطهِّرraquo; المخيم ذاك الذي يخيف الأطفال كلما مروا من أمام دكانه في وسط السوق. رجل في متوسط العمر, طويل القامة ونحيفها, وأبيض الشعر. صامت صمتاً ربما يمت الى مهنته بصلة, فهو يقوم بما يقوم به من دون ان يتكلم, أو بقدر قليل من الكلام. لا يوحي الرجل انه من ذلك النوع الذي يجيب إذا ما سألته, ولهذا كان البحث عن رجل آخر لسؤاله أمراً حكيماً على الأرجح.

ما يبديه ناشطو الفصائل الفلسطينية في مخيم نهر البارد من ضيق تسبب به حصار المخيم جراء تمركز عناصر laquo;فتح الإسلامraquo; فيه, لا يبدو مطابقاً للضيق الذي يبديه السكان. ضيق الناشطين يبدو مشحوناً بقدر من السياسة ومن مخاوف ناجمة عن وصول عناصر laquo;فتح الإسلامraquo; الى المخيم, فيما ضيق الأهالي يقتصر على موت السوق وتوقف حركة الوافدين الى المخيم من سكان المنطقة للتسوق, فيما لا يخلو كلام بعض السكان من مديح لعناصر laquo;فتح الإسلامraquo;, وإعجاب بهؤلاء الغرباء الذين قدموا الى المخيم قبل اقل من سنة, أقاموا في معسكرات حركة فتح laquo;الانتفاضةraquo; في المناطق الشمالية والشمالية الغربية من المخيم.

laquo;انهم غرباء عن المخيمraquo; عبارة لطالما تسمعها من الناشطين في التنظيمات الفلسطينية من أبناء المخيم. معظمهم سوريون, ومن بينهم سعوديون ويمنيون ولبنانيون, ويأتي الفلسطينيون في الترتيب الأخير ربما, فيما تضيف مصادر أمنية لبنانية الى هذه الجنسيات, مغاربة وجزائريين. ولكن ما الذي جاء بهم الى المخيم؟ وكيف تكاثرت أعدادهم فيه حتى اصبحوا اكثر من 150 مقاتلاً, بعضهم احضر عائلته واستأجر لها منزلاً بالقرب من المعسكر؟ لا أجوبة محددة على تساؤلات كثيرة تتعلق بـ laquo;فتح الإسلامraquo; في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين. وإذا كانوا وصلوا على حين غرة من معسكراتهم الأخرى الى المخيم فإن اعداداً منهم التحقت بمعسكر laquo;صامدraquo; في مخيم البارد في فترة أعقبت الكشف عن قدومهم, وبعد ان ضاعف الجيش اللبناني مراقبته لمداخل المخيم الذي لا تتجاوز مساحته الكيلومتر مربع إلا بنسبة صغيرة, إذ يؤكد ناشطون ان عدداً من عناصر جماعة laquo;جند الشامraquo; الذين غادروا منطقة laquo;التعميرraquo; على مدخل مخيم عين الحلوة, بعد أن دخلها الجيش اللبناني, لجأوا الى نهر البارد والتحقوا بـ laquo;فتح الإسلامraquo;, كما التحق بحسب الناشطين عناصر لبنانيين من مناطق مختلفة. وتؤكد المصادر الأمنية اللبنانية ان عدد اللبنانيين بينهم لا يتجاوز خمسة أشخاص معظمهم قدم من منطقة التعمير ومن بينهم المدعو شهاب قدور (أبو هريرة) وهو من منطقة عكار كان لجأ الى مخيم عين الحلوة في تسعينات القرن الفائت ثم عاد والتحق مؤخراً بجماعة laquo;فتح الإسلامraquo; في مخيم نهر البارد.

يدرك سكان laquo;الباردraquo; كيفية وصول عناصر laquo;فتح الإسلامraquo; الى مخيمهم, أو على الأقل يعرفون الوقائع التي قذفت بهؤلاء إليهم. وان يكون عناصر الحركة laquo;المنشقةraquo; عن حركة laquo;فتح الانتفاضةraquo; المنشقة بدورها عن laquo;فتحraquo; الأم, غرباء عن مخيمهم فليس في الأمر خروجاً مدوياً عن نسق اجتماعي متماسك ورافض لعناصر من خارجه. فمخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لطالما كانت ملجأ لغرباء متعددي المقاصد, وللاجئين آخرين دفعت بهم laquo;المجتمعاتraquo; اللبنانية الى المخيمات الفلسطينية. عراقيون وسوريون وأكراد وغيرهم ممن سكنوا وتمددوا داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان. ناهيك عن ان مخيم البارد هو سوق المنطقة, وهو متصل بالسكن اللبناني عبر طريقه العام الذي يشكل طريقاً عاماً يربط مدينة طرابلس بمناطق عكار.

هذا لا يعني أن لا نسق اجتماعياً عاماً للسكان, فهم كما سكان مخيمات لبنان أبناء مناطق الجليل, اي صفد وصفوري وسعسع واللوبية والخالصة والصفصاف وغيرها من قرى الجليل. والمخيم الذي يقيم فيه نحو 35 ألف لاجئ فلسطيني, انتج على مدى الـ55 عاماً التي مرت على إنشائه, إيقاعاً عمرانياً ومدنياً متقدماً إذا ما قيس بباقي مخيمات لبنان للاجئين الفلسطينيين, على ما في هذا الإيقاع من تداخلات وأخطاء.

صورة صدام حسين هي اكثر الصور انتشاراً في أنحاء المخيم وعلى منازله ومتاجره, ويبدو ان قضية إعدام صدام حسين على النحو الذي تمت فيه شكلت المحطة laquo;العاطفيةraquo; الأخيرة للسكان كما هو الحال في الكثير من المخيمات الفلسطينية, ولهذا صلة أكيدة بالمزاج الذي يتيح قبول جماعة كـraquo;فتح الإسلامraquo; أثير كلام كثير عن ارتباط عناصر منها في قضية laquo;الجهادraquo; في العراق, من دون ان يعني هذا القبول تسهيلاً لقدوم هؤلاء أو تواطؤاً معهم. لكن مخيم نهر البارد المشرع اجتماعياً وأمنياً على محيطه اللبناني وغير اللبناني ما كان ليقاوم, قدوم مقاتلين جاؤوا في البداية بصفتهم مقاتلين في حركة laquo;فتح الانتفاضةraquo; ثم انقلبوا عليها في عملية ما زالت غامضة.

الشاب الجالس أمام محله على الطريق العام للمخيم يقول إن لهجات عناصر laquo;فتح الإسلامraquo; ليست فلسطينية, يقول إن لهجتهم laquo;إسلاميةraquo; وهم قليلو الكلام مع سكان المخيم, والأرجح انهم مقلوّن في كلامهم منعاً لتحديد جنسياتهم, يتحدثون بالعربية الفصحى في معظم الأحيان, laquo;لكن سوادهم الأعظم يرطن الفصحى بلهجة سوريةraquo;. وعلى مسافة من مركز laquo;صامدraquo; حيث مقرهم الرئيس في المخيم وقفت سيارة عسكرية عليها رشاش متوسط وشاب ملثم, ثم حارس آخر على مدخل المعسكر تماماً لا يدقق كثيراً في العابرين القلائل من أمامه. انه اليوم الذي أعقب مقتل عنصر من laquo;الجماعةraquo; في اشتباك مع مسلحين مجهولين. التوتر بدا واضحاً على عناصر laquo;فتح الإسلامraquo;. اضطراب في تعقب العابرين وفي التدقيق بالوجوه. قال الحارس ان laquo;الشبابraquo; متعبين بعد ان شيعوا قتيلهم, وهم الآن يأكلون, وان علينا انتظارهم دقائق ريثما يأتون.

غرفة الانتظار تتسع لعشرات الضيوف, وهي على ما يبدو عنق المعسكر من الناحية الجنوبية. والباب المفضي منها الى داخل المعسكر يكشف زاوية صغيرة من حرم مركز laquo;صامدraquo;, ويبدو مما يكشفه انه مساحة مخصصة للتدريب, إذ يظهر منه شرائط أشواك حديدية من ذلك النوع الذي يستعمل للتدريب على الزحف. ثمة مطبخ صغير مجاور لقاعة الاستقبال المتواضعة, وتصل روائح الطعام والطهي الى القاعة مصحوبة بصوت الطباخ المتحدث مع زميل له بلهجة لبنانية. العابرون من غرفة الاستقبال الى داخل المعسكر معظمهم غير ملثم خلافاً لعناصر الحراسة في الخارج. الوجوه حائرة وأصحابها يحاولون إشاحتها دائماً. ثمة ما لا يدعو الى الاعتقاد بأن هؤلاء فرع لتنظيم laquo;القاعدةraquo; كما شاع في لبنان مؤخراً, فعناصر laquo;القاعدةraquo; الذين في السجون, ناهيك عن المعسكرات, اقل حيرة وتردداً من هؤلاء, ثم ان هذه اللحى غير المستنبتة على نحو ما يستنبت laquo;القاعديونraquo; لحاهم تشي بعدم احتراف هؤلاء المقاتلين laquo;السلفية الجهاديةraquo; على رغم سعيهم إليها. لا شيء نهائياً, ولكنها انطباعات مشاهد فقط.

يحضر شاب يتحدث بلهجة سورية, ويعقبه آخر ملثم, فلسطيني على الأرجح, أو هو لبناني من الذين أطالوا إقامتهم في المخيمات الفلسطينية. جهود كبيرة بذلها الشاب الملثم ليضفي على حديثه قدراً من التماسك الذي يتحلى به شيوخ الدعوة السلفية, وهو كاد ينجح في ذلك لولا بعض التردد في دفع مخارج حروفه على نحو ما يدفعها محترفو laquo;الدعوةraquo; والكلام الإسلاميين.

المباني المحيطة بالمعسكر والتي من المفترض ان يكون عدد من مقاتلي laquo;فتح الإسلامraquo; استأجروا منازل فيها لعائلاتهم, لا حياة فيها. هي أشبه بمنازل غير مأهولة, أو منازل غادرها سكانها لتوهم. المنطقة وخلافاً لمناطق المخيم الأخرى, لا حياة فيها تقريباً. العابرون من أمام مركز laquo;صامدraquo; ومعظمهم فتية, يلقون تحية سريعة على الحارس ويتابعون سيرهم من دون ان يلتفتوا الى داخل المعسكر. عناصر مسلحة تخرج من المدخل الرئيس مستقلة دراجات نارية في اتجاه الأزقة المجاورة, ثم يعودون أدراجه بعد دقائق قليلة. القلق واضح على الجميع. الثقة منعدمة بين العابرين والمسلحين, هذا ما تُشعرك به إشارات كثيرة يطلقها الجميع في محيط معسكر laquo;صامدraquo;.

منذ إعلان القوى الأمنية اللبنانية عن تورط جماعة laquo;فتح الإسلامraquo; في تفجيري laquo;عين علقraquo; في جبل لبنان والمخيم يعيش حالاً من الترقب, إذ شكل هذا الإعلان تعليقاً لدور المخيم الاقتصادي, وراحت القوى والفصائل تتداعى يومياً الى اجتماعات تبحث فيها احتمالات تعرض المخيم لهجوم من قبل الجيش اللبناني الذي عزز مواقعه في محيط المنطقة.

يقول أبو جابر مسؤول laquo;الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينraquo; ان حل قضية laquo;فتح الإسلامraquo; لن يكون عسكرياً, وإذا كان كذلك فإن الثمن سيكون حمام دم فعلي. ويضيف: laquo;الجميع يعلم كيف وصل هؤلاء الشباب الى المخيم, والحل هو في عودتهم من حيث جاؤوا. وبصراحة هذه الظاهرة لها علاقة وطيدة بحركة laquo;فتح الانتفاضةraquo;, وهؤلاء العناصر هم جزء من الحركة, والتحقت بهم مؤخراً جماعات لبنانية أخرى. وهذا ما يحدد احتمالات الحلولraquo;.

ويبدو أن حكاية إعلان laquo;فتح الإسلامraquo; عن نفسها في نهاية الشهر التاسع من العام الفائت والظروف التي أحاطت بهذا الإعلان تشكل من جديد مادة نقاش في المخيم. ففي ذلك التاريخ كان وجود شاكر العبسي وعدد من مقاتليه في معسكرات laquo;فتح الانتفاضةraquo; في المخيم وقبله في مخيمات لبنانية أخرى وجوداً طبيعياً الى ان حصل اشتباك في مخيم البداوي المجاور قتل فيه عناصر من laquo;حركة فتحraquo; وألقت القوى الأمنية اللبنانية القبض على عنصرين من laquo;فتح الانتفاضةraquo; كشفا عن وجود عناصر laquo;إسلاميةraquo; في معسكرات laquo;فتح الانتفاضةraquo; وعن وجود خطط لضرب قوات laquo;يونيفلraquo; في جنوب لبنان. هذا الأمر دفع من جهة laquo;فتح الانتفاضةraquo; الى التبرؤ من هذه العناصر, ومن جهة أخرى دفع بشاكر العبسي الى الإعلان عن استقلاله بجماعته واحتلال مركز laquo;فتح الانتفاضةraquo; في مخيم البارد. المصادر الأمنية اللبنانية تؤكد علاقة laquo;فتح الإسلامraquo; بـ laquo;فتح الانتفاضةraquo;، وان حكاية الانشقاق واهية. وأوردت هذه المصادر الى laquo;الحياةraquo; وقائع تؤكد ارتباط شاكر العبسي ومساعديه بقيادة laquo;فتح الانتفاضةraquo;، منها ان معسكرات التدريب التابعة للحركة في البقاع وفي مخيمات برج البراجنة وشاتيلا (بيروت) هي التي استقبلت العبسي وجماعته عندما قدموا الى لبنان في شهر تموز (يوليو) من العام الفائت. وتشير المصادر الى ان مساعد العبسي ويدعى laquo;أبو مدينraquo; وهو سوري الجنسية هو الشخص الأول في الجماعة وليس شاكر العبسي. ولا تنفي المصادر وجود عناصر من جنسيات عربية مختلفة بين مقاتلي laquo;فتح الإسلامraquo; كما لا تنفي علاقة هذه الجماعة بـ laquo;الجهادraquo; في العراق, ولكنها تشير الى ان إقحام هذه العناصر يهدف الى إخفاء هويتها الفعلية. فمعسكرات laquo;فتح الانتفاضةraquo; في مناطق حلوة وقوسايا في البقاع لطالما استقبلت مقاتلين من جنسيات مختلفة وأخضعتهم لدورات عسكرية, ثم أعيد توزيعهم بحسب الأدوار المناطة بهم. إذاً نحن هنا أمام نسخ مختلفة من laquo;القاعدةraquo;، او في منطقة تختلط فيها الوظائف laquo;القاعديةraquo; بـ laquo;الأدوار الجهازاتيةraquo;, ويحصل الأمر نفسه بالنسبة للعناصر المشاركة في هذه الأنشطة. فيتدرب اليمني او السعودي القادم لـ laquo;الجهادraquo; في العراق مع الفلسطيني او السوري المنخرط في laquo;فتح الانتفاضةraquo;.

تؤكد المصادر الأمنية اللبنانية ان وظيفة دفع عرب من جنسيات مختلفة الى laquo;فتح الإسلامraquo; الإيحاء بأن هذه جماعة laquo;جهاديةraquo; عربية، وان أنشطتها مرتبطة ببرامج هذه الجماعات وليس بالنزاع الدائر في لبنان. وتدفع هذه الأجهزة بأدلة من التحقيقات التي أجريت مع السعوديين الموقوفين لديها من عناصر هذه الجماعة فتلفت الى اعتراف هؤلاء بأنهم جاؤوا الى لبنان موقتاً بصفته laquo;ارض الرباطraquo; و laquo;ارض نصرةraquo; بانتظار الذهاب الى ارض الجهاد في العراق ولكنهم وجدوا أنفسهم في مخيم نهر البارد من دون ان يلمسوا رغبة من أحد في إرسالهم الى العراق. وبعد ان طالت الإقامة في لبنان أرسل الشباب السعوديون بطلب شيخ لهم يستفتونه بقاءهم في لبنان, وهو الشيخ عبدالله البيشي الذي تقول المصادر انه قدم من إيران وأقام في معسكر laquo;فتح الإسلامraquo; لأيام لم يُفْتِ بعدها للشباب السعوديين بالبقاء في لبنان, وقرر العودة لكن الأجهزة الأمنية اللبنانية أوقفته في المطار, وكذلك أوقفت أربعة سعوديين غيره من جماعة laquo;فتح الإسلامraquo; كانوا يهمون بمغادرة لبنان.

ويبدو ان معسكرات التدريب في قوسايا وحلوة كانت جزءاً من شبكة إنتاج laquo;المجاهدينraquo; في السنوات الأخيرة, إذ يشير مشايخ طرابلسيون الى طلب عشرات الشباب الشمالي فتاوى منهم للالتحاق بدورات تدريب في هذه المعسكرات. ويقول الشيخ بلال بارود وهو سلفي وإمام laquo;مسجد السلامraquo; في طرابلس laquo;قبل ان يطلقوا على أنفسهم اسم laquo;فتح الإسلامraquo; كانوا laquo;فتح الانتفاضةraquo;, وكانت علاقتهم مع أبو خالد العملة, وكان الأخير يتصل بشباب من المنطقة من أجل تدريبهم في وادي فيسان قرب بريتال. وذهب شباب لبنانيون من منطقة التبانة الى هذه الدوراتraquo;. حصل هذا قبل نحو سنة من إعلان laquo;فتح الإسلامraquo; عن نفسها. أما المصادر الأمنية اللبنانية فتقول إن المرحلة التي أعقبت وجودهم في معسكرات التدريب في البقاع شهدت نزولهم الى مخيمات بيروت وكان مخيم برج البراجنة مركز الاستقبال ومنه انتقلوا بعد حرب تموز الى الشمال. وتؤكد شخصيات إسلامية شمالية ان جماعة laquo;فتح الإسلامraquo; لم تكتف بالإقامة في المخيم بل سعت الى إيجاد نفوذ لها في الأوساط الإسلامية اللبنانية, ولتجنيد عدد من laquo;أبناء الدعوةraquo; اللبنانيين، وهي نجحت في ذلك في منطقة التبانة في طرابلس.

وكانت مخابرات الجيش اللبناني ألقت القبض على شاب يدعى خالد محمود وهو من laquo;مجموعة الضنيةraquo; وارتبط بجماعة laquo;فتح الإسلامraquo; وحاول تفجير قنبلة بدورية الجيش اللبناني التي جاءت لاعتقاله.

ويبدو أن أوساط laquo;الإسلاميين اللبنانيينraquo; السنّة لم تستقبل بارتياح laquo;فتح الإسلامraquo; منذ الإعلان عنها, أو قبل هذا الإعلان بأشهر, ويقول الناطق الرسمي باسم laquo;اللقاء الإسلامي المستقلraquo; خالد ضاهر: laquo;علمنا بقضيتهم قبل ان يعلنوا عن أنفسهم. كانوا من laquo;فتح الانتفاضةraquo;, وقالت هذه الأخيرة انها تستفيد منهم وانهم ليسوا عناصرها, وهم قالوا شيئاً مشابهاًraquo;. وكان laquo;اللقاء الإسلاميraquo; أرسل وفداً من مشايخه لاستيضاحهم أهدافهم في شهر رمضان الفائت وعاد الوفد بانطباعات غير إيجابية اقلها ان هذه الجماعة تخطط لضرب laquo;يونيفلraquo;. لكن خالد ضاهر وهو نائب سابق عن laquo;الجماعة الإسلاميةraquo; انشق عنها يستبعد ارتباط هذه الجماعة بتنظيم laquo;القاعدةraquo; ويشير الى فروق بين أساليب العمل والتفكير بينهم وبين laquo;القاعدةraquo;. أما الشيخ بلال بارود وهو ممن أوفدهم laquo;اللقاءraquo; للاجتماع بشاكر العبسي فيقول: laquo;عندما اجتمعت بأبي حسين العبسي شعرت انه في وضع من لا يدري ماذا يفعل. ربما شعر انه استخدم بطريقة سيئة من جماعة laquo;فتح الانتفاضةraquo; ففسر غضبه بأن سيطر على مراكزها وأعلن راية laquo;فتح الإسلامraquo;. وأنا عندما دخلت الى معسكرهم في نهر البارد فوجئت بعدد المسلحين وبضخامة المعسكر, فقلت له أنت عقيد ولكن هذا خطأ عسكري. أنت الآن مكشوف ومن الممكن استهدافك بسهولة, وأعطيته مثلاً عن جماعة laquo;أنصار الإسلامraquo; في كردستان وكيف قصف معسكرهم وقتلوا جميعاً في غارة واحدةraquo;.

حطت ظاهرة laquo;فتح الإسلامraquo; في مخيم نهر البارد بعد مسار متعرج في معسكرات التدريب والمخيمات الفلسطينية الأخرى. وتتنازع المخيم اليوم رغبة في الاستمرار بوظيفته الاقتصادية والاجتماعية التي يعيقها وجود هذه الجماعة في مناطق مختلفة منه, وانتماء لمزاج فلسطيني عام يرد على حال الخيبة والإحباط التي تنتابه بإعجاب خفي بهذه الجماعات الخارجة بحسب اعتقاده laquo;عن نسق النظام العام في المنطقةraquo;. جولة صغيرة في مخيم البارد تعطيك الانطباعين مجتمعين. ازدهار التجارة والأعمال الى جانب تصدر شعارات laquo;المقاومةraquo; في العراق وفلسطين. وانفتاح المخيم الاجتماعي والاقتصادي على محيطه اللبناني والذي يشكل خروجاً عن حال مخيمات لبنان للاجئين الفلسطينيين, مهدد اليوم بمضاعفة الإجراءات الأمنية حوله. حال مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان المحاصر منذ اكثر من عشر سنوات تلوح مجدداً لسكان نهر البارد. بدأت مشكلة المخيم الأول عندما ظهرت جماعة laquo;عصبة الأنصارraquo; وشيئاً فشيئاً تحول المخيم الى منطقة معزولة أمنياً عن محيطها. فهل يكون ظهور laquo;فتح الإسلامraquo; بداية لعزل مخيم نهر البارد عن محيطه؟ أحد الشباب في المخيم قال إن صحافياً اجنبياً كتب اسم المخيم خطأ على هذا النحو: مخيم نهر عين البارد. الشاب لم يستبشر خيراً بهذا الخلط بين الاسمين, وقال بدأنا ننتظر واقعاً مشابهاً لذلك الذي يعيشه سكان مخيم عين الحلوة.


الناطق باسم laquo;فتح الإسلامraquo;: لن نغادر المخيم

التقت laquo;الحياةraquo; الناطق الاعلامي باسم laquo;فتح الاسلامraquo; الذي أكد رفض عناصر التنظيم مغادرة مخيم نهر البارد. وهنا نص الأسئلة والاجابات في الحوار الموجز:

gt; ماذا جرى في الأمس وكيف قتل العنصر التابع لكم؟

- التحليلات الأولية: أخونا كان ذاهباً الى مكان تواجده، تعرض الى صلية استقرت في منطقة الحوض، وقطعت الشريان وأجريت له جراحة ووافته المنية. بوادر فتنة، كان يراد لها أن تأخذ مداها. نسأل الله أن يحفظ دماء المسلمين في هذا المخيم.

gt; إذا طلب منكم سكان المخيم مغادرته فهل ستفعلون؟

- قلنا دائماً ان هذه أرض الله يورثها لمن يشاء. لا نعترف بالحدود وهذه أرض مسلمين ونحن أحق بها.

ونقول إن الابتلاء شرط لازم لمن سار على هذا الطريق وانتهج هذا النهج. فمحمد (صلّى الله عليه وسلّم) لما أعلن الدعوة وصرح بـ laquo;لا إله إلا اللهraquo; بين المشركين في مكة، عاداه الكل، ظل 3 سنوات محاصراً في شعب أبي طالب حتى فتح الله عليه... هذا الابتلاء شرط في هذا الطريق ونحن وطنا أنفسنا على تحمل المصاعب وعلى أكثر من هذا. ولكن هذا الأمر أصبح بديهياً ومعروفاً لدينا، ولكن نعمل على توصيل هذه الفكرة الى أهل المخيم. أي أنتم مبتلون وكل إنسان معرض الى الابتلاء. ولكن ما هي إلا لحظات حتى تنقشع هذه السحابة، ويبدو الفجر لكل ذي عين. نحن نقول هذا الضغط من قوى الأمن والجيش اللبناني لإحداث بلبلة داخل المخيم، ونقول انه ربما يراد أن تعاد أوراق المخيمات من جديد وهذا اول الغيث، ونطلب من أهل المخيم أن يكونوا على درجة من الوعي.

gt; هل هناك اتصالات مع فصائل المخيم الأخرى؟

- نحن نعتبر أن هناك مقاطعة من كل الفصائل لحركة laquo;فتح الإسلامraquo;، طبعاً المتابع يسمع البيانات التي صدرت من الفصائل بأنهم تبرأوا من laquo;فتح الإسلامraquo;، ولا مجال للحوار معها، هذا شأنهم، كان هناك اتصال من شيوخ وأئمة مساجد، جاؤوا وأتوا لرأب الصدع لوضع حل لهذه المشكلة.

gt; أنتم مصرّون أن لا علاقة لكم بمن قبض عليهم في حادثة عين علق؟

- تماماً، نحن قلنا ان هناك أخان لنا داخل السجون اللبنانية اعتقلا في حادث البداوي في 24-11-2006 غير ذلك لا معتقلين من بيننا.

gt; هل أنتم مستعدون لتسوية تنهي الوضع العالق بينكم وبين القوى الأمنية اللبنانية؟

- هذا أمر فضفاض وواسع. فلتطرح هذه التسوية ونرى كيف نعالجها.

gt; هناك من قال قد تكون التسوية بأن يعود عناصر laquo;فتح الإسلامraquo; من حيث أتوا؟

- إذا كان الأمر كذلك، فهذا كما يقال في المثل العربي laquo;أبعد من بيض الأنوقraquo; هذا لا يمكن أن نفكر به ولا يمكن أن نساوم عليه.

gt; ولكن ما هي التسوية التي ترونها؟

- قلنا إذا كانت هناك محكمة إسلامية وأعضاؤها من المسلمين فنحن جاهزون للمشاركة في هذه المحكمة، وغير ذلك فنحن غير مستعدين للمشاركة.

gt; بالنسبة الى حادثة مقتل عنصر من عناصركم، هل انتهت ذيولها؟

- بالنسبة إلينا انتهى الأمر، ونحن نبحث عمن افتعل هذا الأمر وسيعاقب، أما من ليس له جريرة في هذا الأمر فهو في حِلٍّ منا.