ثورة رايس علي دبلوماسية الكاوبوي

رسالة واشنطن - عاصم عبدالخالق


غصن الزيتون الصغير الذي لوحت به واشنطن لطهران في مؤتمر بغداد الأخير قد لا يكون سوي بداية انقلاب حقيقي في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه إيران ستتكشف ملامحه مستقبلاrlm;.rlm; القفز الي هذا الاستنتاج الثوري له ما يؤيده وله وهو الأهم أنصاره والمطالبون به في واشنطن نفسهاrlm;.rlm; دون أن يعني ذلك بالطبع التسليم بأن هذه النتيجة أصبحت مضمونةrlm;.rlm;

ذلك أن التوجه التصالحي نحو إيران يقع في قلب المعركة غير المحسومة التي لم تعد سرية بين معسكرين الأول تتزعمه وزيرة الخارجية كوندا ليزا رايس ويدعو الي سياسة خارجية متعلقة بعيدا عن المغامرات العسكرية الطائشة التي ميزت عهد بوش حتي الآنrlm;.rlm; والأخر يقوده زعيم المحافظين الجدد ديك تشيني نائب الرئيس الذي لم يمل بعد من تلك المغامراتrlm;.rlm; هذا الصراع ليس جديدا في كل الأحوال بل كان قائما ربما بقوة اشد وأكثر وضوحا خلال وجود كولين باول علي رأس وزارة الخارجية وكان أبعاده وتهميش دوره احد الأهداف الدائمة لمؤتمرات تشيني ووزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلدrlm;.rlm; غير أن رايس تبدو أوفر حظا من باول ربما لتأثيرها علي بوش وثقته فيهاrlm;.rlm; وربما لأنه حصد حصيلة وفيرة من الانتكاسات والاخفاقات داخليا وخارجيا بسبب سياسات ونصائح تشيني ورامسفيلدrlm;.rlm;

ومن المهم خلال متابعة هذه المواجهة الصامتة تقريبا مع بعض الاستثناءات العلنية المحدودةrlm;,rlm; ملاحظة أن النتائج لا تتضح سريعا وبالتالي فان الرهان حول تغيير جوهري قريب في السياسة الخارجية سيكون في غير محلهrlm;.rlm; وللتأكيد علي ذلك نشيرالي انه منذrlm;9rlm; أشهر تقريبا صدرت مجلة نيوزويك يتصدرها عنوان اقرب الي البشارة السعيدة هو نهاية دبلوماسية الكاوبويrlm;.rlm; وكانت تقصد تراجع سيطرة الصقور علي توجهات السياسة الخارجية الأمريكيةrlm;.rlm; ومع ذلك فقد تطلب الأمر نحو ثمانية أشهر كاملة بعد ذلك حتي تظهر أولي ثمار سيطرة المعتدلين علي هذه السياسة متمثلة في الاتفاق مع كوريا الشمالية بعد التراجع عن طريق التصادم معهاrlm;.rlm;

اليوم تبدو رايس في وضع أفضل كثيراrlm;;rlm; ليس فقط بسبب الاطاحة بخصم عنيد بصلابة وشراسةرامسفيلدrlm;,rlm; ولكن أيضا لان الوزير الذي جاء مكانه أي روبرت جيتس يشكل معها فريقا متجانسا يزداد قوة إذا أضاف اليهما كل من الادميرال جون ماكونيل المدير الجديد للمخابرات الوطنية والجنرال مايكل هايدين رئيس المخابرات المركزيةrlm;.rlm;

في ظل هذا الصراع الشرس تخوض رايس معركتها الكبري بمحاولة مد الجسور مع إيران بدءا من العراق رغم الجبهات الأخري المفتوحة معهاrlm;.rlm;

ومبرراتها لاقناع بوش بمواصلة المحاولة بسيطةrlm;.rlm; وهي أن كل سياسات المواجهة التي جربتها الولايات المتحدة مع هذه الدولة منذ الثورة الاسلامية عامrlm;79rlm; لم تنجح العقوبات في تحقيق أي نتيجةrlm;,rlm; والتهديد بالحرب لا يخيف إيران بقدر ما يرعب الولايات المتحدة نفسها بسبب العواقب والتطورات المحتملةrlm;,rlm; وسياسة الاحتواء مطبقة بالفعل منذ الاطاحة بالشاه دون أن تحقق أي شيءrlm;,rlm; والثقوب التي يمتليء بها جدار العزلة الدولية كانت كافية لكي تمد منها إيران نفوذها الي مناطق جديدة في العراق والشرق الأوسطrlm;.rlm; ليس هذا فقطrlm;,rlm; الحقائق علي الأرض سواء في العراق أولبنان أوالأراضي الفلسطنية تقول بأن واشنطن هي التي تحتاج الي إيران إن أرادت النجاح لأي تسوية سياسيةrlm;.rlm; ومادام الانسحاب الأمريكي من العراق مستحيلا دون صفقة مع إيران لترتيب الأوضاع فلا مفر من محاورة هذا العدو العنيدrlm;.rlm; هذه هي الخلاصة التي من المؤكد أن رايس بذلت جهدا كبيرا لكي يستوعبها بوشrlm;.

rlm; وإذا كانت موافقته علي الحوار المباشر مع إيران توحي بأنه اقتنع فان ما ذكرته مجلة مرموقة مثل فورين افيرز في عددها الأخير يحتاج الي مجهود مضاعف من بوش وقدرات خارقة من رايس لاقناعه هذه المرة إذا كانت بالفعل تنوي تطبيق هذه الاستراتيجية الشاملة والجديدة التي رسمت ملامحها المجلة للتعامل مع إيران تطرح المجلة رؤية مغايرة تماما لما سعت إليه وحاولت تطبيقة كل الادارات الامريكية السابقة في معالجة الملف الايراني وهي تؤكد أن الحل الانقلابي الذي توصي به بدايته وليس نهايته هي المصالحة الكاملة ثم بعد ذلك تبدأ المناقشات لحل الخلافات وتعرض المجلة وهي واحدة من أكثرالدوريات السياسيةرصانة ومصداقية لدي صناع القرار الفكرة علي النحو التالي لفترة طويلة اعتبر صناع السياسة الأمريكيون أن تطبيع العلاقات مع إيران هو النتيجة النهائية لعملية تفاوضية طويلةrlm;..rlm; ولكن السياسة الجديدة المطلوبة تقول إن التطبيع يجب أن يكون نقطة البداية للتفاوض ثم بعد ذلك ستسهل مناقشة كل الخلافاتrlm;.rlm;

تجيب الدراسةrlm;,rlm; القيمة التي نشرتها المجلة أن المطلوب هو ترويض القوة الإيرانية المتنامية ونزع مخالبها النووية المحتملة ولن يتحقق هذا إلا إذا تجنبت واشنطن التلويح بالقوة العسكرية وفرض شروط مسبقة للتفاوضrlm;.rlm; والأهم من ذلك أن تعترف بحقائق مريرة منها أن إيران قوة إقليمية لها نفوذها في محيطهاrlm;,rlm; وأنه من غير الممكن اسقاط نظامهاrlm;.rlm;

ولكن ألا يوجد أمل في تغيير هذا النظام من الداخل؟ تجيب الدراسة أن هذا وارد ولكنه يستلزم أولا أن تفهم أمريكا والغرب طبيعة التغييرات التي طرأت علي الخريطة السياسية الإيرانية خلال السنوات الماضية وأنه لم يعد هناك ذلك النمط التقليدي من المواجهة بين الليبراليين والمحافظين أو بين المعتدلين والمتشددينrlm;.rlm;

الصراع الآن ليس بين هؤلاء ولكنه بين الدولة والمجتمعrlm;.rlm; ولتفكيك هيمنة الدولة لابد من دعم القوي الاجتماعية الساعية للتغييرrlm;.rlm; ولن يكون هذا إلا بالعلاقات مع إيران وليس بعزلهاrlm;,rlm; كذلك فإن النظام الإيراني وهذا ما يجب أن يفهمه الغربrlm;,rlm; يمر بمرحلة تحول تحت تأثير صعود مجموعة من المحافظين الأكثر شبابا وانفتاحا وهؤلاء أيضا ينبغي التواصل معهمrlm;..rlm;

وللوصول إلي وضع تكون فيه علاقة إيران بالولايات المتحدة أهم لطهران من علاقتها بحزب الله أو البرنامج النووي فلابد كما توصي الدراسة بإدخالها في شبكة معقدة من الترتيبات الاقتصادية والأمنية بعد رفع الحصار عنها وتدعيم الروابط معها ودعم التيار المعتدل داخلها لأنه هو وحده القادر علي الضغط علي مرشد الثورة لتحجيم المتشددين الرافضين لأي تقارب مع الغربrlm;.rlm;

سيناريو متفائل لاشك وبالطبع بعيد المدي ولكنه غير مستحيلrlm;,rlm; الخطوة الأولي التي تنصح بها الدراسة الإدارة الأمريكية هي أن تفهم أن مجرد إعلان بوش أنه لا ينوي مهاجمة إيران لن يحل المشكلةrlm;.rlm; لأن إيران لا تطلب فقط ضمانات لعدم مهاجمتها ولكن تطلب الاعتراف بوضعها ونفوذها كقوة إقليميةrlm;.rlm; والتاريخ يقول إن أمريكا علي استعداد لتقديم هذا التنازلrlm;,rlm; فقد فعلت نفس الأمر في الستينيات عندما واجهت تمدد الصين في آسيا بفتح قنوات اتصال معها وليس التصادم بهاrlm;,rlm; وأسفرت هذه السياسة التي قادها هنري كيسنجر عن مساعدة الصين لأمريكا في إنهاء حرب فيتنامrlm;,rlm; الفارق الجوهري الآن أن كيسنجر كان وراءه رئيس مثل نيكسون أما رايس فمن خلفها بوش ونائبه تشينيrlm;.rlm;