انغوس مكدوال - الاندبندنت

لماذا نطرح هذا السؤال الآن؟

عندما قامت ايران مؤخراً باحتجاز زورقين بريطانيين كان على متنهما خمسة عشر من رجال البحرية الملكية البريطانية، تحولت الانظار كافة إلى جهاز الحرس الثوري الايراني. وكانت قوة بحرية تابعة للجهاز قد نفذت العملية التي تقول بريطانيا انها تمت في المياه الاقليمية العراقية، وان قادة الجهاز يمسكون بمفتاح الازمة.

باعتباره كتلة نفوذ في المشهد السياسي المعقد في طهران، يقف الحرس الثوري الإيراني الآن على النهاية الحادة للمواجهات الاخيرة كافة مع الغرب. وهو منهمك بشكل عميق في برنامجه النووي والباليستي، وقد وجهت إليه تهم quot;بالتدخلquot; في كل من العراق ولبنان.

وهناك سابقة لما يجري أيضاً، فعندما تم احتجاز جنود بريطانيين في صيف عام 2004، فسرت العملية على نطاق واسع بانها تدريب على استعراض العضلات من طرف الحرس الثوري الذي أراد أن يظهر لبريطانيا واميركا بان تواجدهما في العراق ليس موضع ترحيب. وقد أعرب بعض المحللين عن اعتقادهم بان الحرس الثوري اراد اقحام الاستراتيجيين الايرانيين الاكثر براغماتية في خط اكثر تشددا ضد الغرب.

من هم الحرس؟

نجم الحرس، الذي يعرف بالفارسية باسم quot;باسدارانquot; من خضم الثورة الايرانية في عام 1979. وفي حينه، لم يكن اتباع آية الله روح الله الخميني راغبين في منح الثقة للشرطة ولا للجيش للحفاظ على النظام الثوري. وعليه، قاموا بتشكيل الحرس على شكل ميليشيات في طول البلاد وعرضها. وكان أفراد الحرس يسيرون دوريات في الشوارع ويفرضون الأعراف الإسلامية الصارمة، ويهاجمون مؤيدي الأجنحة الإيديولوجية المعارضة.

عندما قام العراق بغزو إيران في ايلول- سبتمبر 1980، انضم الحرس غير المدرب وبائس التسليح إلى الجيش النظامي على خط الجبهة. وخلال السنوات الثماني التالية، تطور الجهاز الى قوة عسكرية منظمة، والتي أعلت من شأن الاستشهاد وخاضت معارك ضد الجنود العراقيين الافضل تسلحا في سبيل الله والخميني والوطن. ومنذ وضعت الحرب أوزارها في عام 1988، أصبح الحرس الثوري جوهرة قوات إيران المتفوقة.

في الوقت الراهن، ما يزال ينظر الى القادة رفيعي المستوى في الحرس الثوري على انهم في الغالب صقور ايديولوجيون. فعندما تظاهر بعض الطلبة في عام 1999، وقع كبار رجالات الحرس على رسالة هددوا فيها بالقيام بانقلاب اذا ما فشل الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي في اخضاع الطلبة. لكن هناك علامات على ان ضباط الصف والجنود هم اقل تشددا من الناحية السياسية، مع بعض التقارير التي تشير الى ان اغلبيتهم صوتت، حقيقة، لصالح السيد خاتمي.

ما مدى قوة الحرس الثوري؟

يصل عدد الحرس الثوري الى حوالي 150.000 رجل. وهم مسلحون بأفضل الاسلحة التي تستطيع الجمهورية الاسلامية شراءها. وبالمقارنة، فان قوام الجيش التقليدي يبلغ حوالي 300.000 جندي، لكنه يتلقى مرتبات سيئة ومزود بتجهيزات أقل. ويمتلك الحرس قوة بحرية قوامها 20.000 رجل معدون للقيام بعمليات فدائية برمائية. كما يعتقد بانهم يديرون برنامج ايران الصاروخي-الباليستي وبتطوير أنظمة أسلحة أخرى.

الى ذلك، هناك مليشيات كبيرة تعرف باسم quot;الباسيجquot; والتي يشرف عليها الحرس الثوري. وهي تتكون من عدة ملايين من المجندين من كافة الاعمار ومن كلا الجنسين. وقد عرفت أثناء الحرب بحماسها الإيديولوجي وشجاعتها العمياء. واليوم، تقوم هذه الميليشيات بتنظيم مظاهرات مؤيدة للنظام، وتقوم بتفريق الاحتجاجات المعادية للحكومة. ويمكن للعضوية في هذه المليشيات ان تساعد في تسهيل التقدم بطلبات لوظائف حكومية ومقاعد شاغرة في الجامعة.

اما قوات ايران الخاصة، وهي لواء القدس، فإنها تخضع لسيطرة الحرس، ولها صلات وثيقة مع وكالات الاستخبارات. وترتبط هذه الكتيبة بشكل غير مؤكد مع الارهاب والاغتيالات خارج ايران.

لمن يستجيبون؟

في نظام ايران السياسي الفريد من نوعه، يجلس الزعيم الاعلى آية الله علي خامنئي على رأس الحكومة المنتخبة التي يديرها محمود احمدي نجاد، ويسيطر على اجزاء ضخمة من الدولة. وعلى عكس القوات التقليدية، فإن الحرس الثوري يتبع مكتبه مباشرة. ويقوم الزعيم الاعلى بتعيين كبار رجال الحرس الذين يعتبرون أنفسهم quot;انصارهquot;.

خلال الحرب العراقية-الايرانية، عندما كان رفسنجاني رئيساً للبلاد، عمل عن كثب مع الحرس وطور علاقات شخصية مع كبار قادتهم. لكن شيئاً لم يرشح عن مدى حرصه على إيلاء اهتمام للقرارات التكتيكية. كما انه من غير الأكيد الى أي مدى يمكن للقادة الذين لا يتفقون مع سياسته أن يدفعوا بأفكارهم الخاصة او أن يتخذوا إجراء مستقلاً لا يعاقبون عليه.

أما القائد الاعلى لجهاز الباسداران، الميجر جنرال يحيى رحيم صفوي، فقيل إنه قد انتقد بشدة المباحثات الجارية مع اوروبا حول الموضوع النووي. وهي المباحثات التي كان قد اقرها الزعيم الأعلى نفسه. وكربيب لآية الله الخميني، والد الثورة، فان من غير المرجح أن يتعرض السيد صفوى لإرهاب خليفته اية الله خامنئي.

هل تتعاظم أهمية الحرس الثوري؟

منذ اندلاع الثورة، نأت العسكرية الايرانية بنفسها عن الخوض في غمار العاب النفوذ. لكن بعض المحللين يقول إن الحرس الثوري يحاول دخول باب السياسة خلال السنوات الثلاث الماضية. وكان العديدون من المحافظين الذين فازوا بمقاعد انتخابات المجلس -البرلمان- المثيرة للجدل في عام 2004 أعضاء قدامى في الباساداران.

وفي الانتخابات الرئاسية في السنة التالية، كان هناك ثلاثة مرشحين لهم صلات وثيقة مع الحرس الثوري، بمن فيهم عمدة طهران محمود أحمدي نجاد. ولم تعرف أبداً الرتبة التي كان يحملها الرئيس، لكن ثمة شائعات تقول بأنه شارك في عمليات للقوات الخاصة.

ومنذ توليه الرئاسة، اتهمه انداده السياسيون بعسكرة الحكومة. وبالتأكيد، فان العديد ممن عينهم في الحكومة يتفرعون من الحرس، كما انه أرسى عقودا هائلة بقيمة تبلغ بلايين الجنيهات الاسترلينية على شركات هندسية يديرها هؤلاء.

ماذا لدى الحرس الثوري ضد بريطانيا؟

مع تصاعد المواجهة بين ايران والغرب، فإن الحرس الثوري هو الذي شعر بجدية الموقف. كما أن بعض الايرانيين الذين القت القوات الاميركية القبض عليهم في أربيل في شمالي العراق في كانون الثاني- يناير الماضي كانوا من الجهاز. وقد اثارت الغارة المذكورة حفيظة رجال الحرس الذين اعتبروا بريطانيا، شريكة اميركا في احتلال العراق، مسؤولة جزئيا عنها.

وفي الغضون، تم إيضاً توجيه اتهامات للحرس بالتدخل في العراق ولبنان. وتشير تصريحات صادرة عن كبار القادة إلى انهم يعتبرون مثل هذه الاتهامات نفاقية، وشنوا هجوما على بريطانيا واميركا بسبب احتلالهما دولاً مجاورة وبسبب توجيه تهديدات وازعاجات حول احتمال مهاجمة ايران.

مع تردي الأزمة النووية، أصبح الحرس تحت رحمة العقوبات. وبموجب قرار صدر عن الأمم المتحدة، والذي شاركت بريطانيا في رعايته، فان موجودات قادة من الحرس الثوري، بمن فيهم السيد صفوي، ستخضع للتجميد.

ماذا الذي يجري للبحارة الآن؟

أبلغ دبلوماسيون بريطانيون بأن البحارة يتمتعون بصحة جيدة ويعاملون بشكل حسن. وقالت ايران انها قد تتهمهم بدخول المياه الايرانية بشكل غير قانوني، وهو شيء تنفيه بريطانيا، لكنها لم تذكر على ماذا ينطوي هذا الاتهام. وفي عام 2004، كان البحارة المحتجزون قد عرضوا على شاشة التلفاز الايراني وكانوا معصوبي الأعين. وابلغت بريطانيا ايران بان هذه الفعلة لو تكررت ثانية فسينظر اليها على انها تصعيد خطير.

الى ذلك، منع الايرانيون حتى الآن الوصول الى البحارة، كما انهم لم يؤكدوا صحة تقرير ذكر انه تم نقلهم مؤخرا الى طهران. ولكن، سواء اذا كانوا لا يزالون في العاصمة او بالقرب من الساحل، فان الاحتمال الغالب هو انهم لا يزالون محتجزين لدى قوات الحرس الثوري.

هل يتم إطلاق سراح البحارة قريبا؟

* نعم....

- خففت وسائل الاعلام الايرانية من أهمية الحادثة مفسحة المجال أمام التراجع.

- قالت الحكومة العراقية ان الزورقين كانا في المياه الاقليمية العراقية لا الايرانية.

- أصبح البراغماتيون الايرانيون اكثر اهمية في الاشهر الاخيرة، وقد يفتون بحل سريع.

* لا....

- قال مسؤولون كبار ان البحارة قد يواجهون تهما، وهو ما سيستغرق فترة قد تطول لأسابيع.

- الحرس الثوري غاضب لما يراه تصعيدا اميركيا مؤخراً فيما يتعلق بالتدخل في العراق.

- قد ترى بعض الاجنحة ان البحارة يشكلون اوراق مساومة في نزاعات أخرى.