السبت 7 أبريل 2007

عبد الرحمن الراشد

أجمع العاملون في الصحافة في غزة على التضامن مع الصحافي البريطاني المخطوف وحملوا الحكومة الفلسطينية مسؤولية سلامته. وهو موقف يعبر عن الشعور الجماعي في داخل الجسم الإعلامي الفلسطيني الذي يشعر أن الصحافة صارت تستهدف لذاتها ضمن اللعبة السياسية بين شد وجذب داخلي، وكذلك ضمن استغلال خارجي. فقد أشيع أن خطف الصحافي البريطاني جاء متزامنا مع إقدام إيران على اعتقال البحارة البريطانيين، ضمن مواجهة بين الطرفين شملت مجلس الأمن والعملاء الإيرانيين في العراق وغيرهم.

وسواء كان لإيران إصبع في خطف الصحافي الن جونستون، أو أنها الأيدي المتقاتلة في غزة على المال والسلطة، فان كل المؤشرات لا تبشر بالخير في هذا القطاع المكتظ بكل شيء، الا من الأمن والحاجات المعيشية. وستكون الحكومة وكذلك أطراف السلطة من فتح وغيرها خاسرة، إن بثت الرعب في دور الإعلام التي واجهت مخاطر غير مألوفة خلال الأشهر القليلة الماضية، مع استمرار التهديدات الصريحة ضد الصحافيين من قبل العاملين في الحكومة وميلشيات معادية لها.

فالقضية الفلسطينية عاشت حية ليس فقط بسبب كونها عادلة، ولا لأنها تقاتل من اجل حقوقها، بل أيضا لأن الإعلام حملها دائما على كتفه على الرغم من كثرة القضايا والأراضي المحتلة في العالم.

وقد حاول الإسرائيليون لعقود متواصلة إسكات الصحافة، ومنع المصورين من نقل الحقائق وإغلاق أفواه المعلقين، ففشلوا فشلا ذريعا. اليوم ما فعلته حماس وفتح من تفجير وحرق سيارات وتهديد بالقتل والسكوت على الخطف، يدفع الصحافيين إلى نفس النتيجة في العراق، الخروج من الساحة وتغييب القضية.

ونتذكر اليوم بكثير من التحسر التسامح الذي صبغ زمن العمل الفلسطيني تجاه الإعلام الخارجي الذي استوعب كل الصحافيين بمن فيهم إسرائيليون. فقد نجح الرئيس الراحل ياسر عرفات في جمع الإعلاميين دائما من أنحاء العالم حوله، فكانوا أفضل كتيبة في قواته، من خلالهم أوصل صوته وصوت الفلسطينيين ووضع إسرائيل وحلفاءها في موقف الدفاع حتى في ذروة هزيمته، مثل أيام إبعاده من بيروت على متن السفينة. لقد كان عرفات ظاهرة صوتية ناجحة، كسب كل معاركه مستخدما الصحف والتلفزيونات. الآن صارت غزة تعيش على أخبار الصحافيين بعد أن كانوا يعيشون على أخبارها.

وان كانت الحكومة تظن أنها في مأمن من النقد، لان الخاطفين هذه المرة مجهولون فهي مخطئة، لأننا نعتقد انه لا يعقل أن يختطف صحافي منذ الثاني عشر من الشهر الماضي بلا مطالب وهي لا تدري. المؤشرات تدل على عملية سياسية متعمدة تشابه عمليات الخطف والتدمير السابقة، التي تركت بشكل واضح بصمات على أن الفاعلين في الحكومة نفسها، وليسوا مجرد لصوص أو قطاع طرق. ولن تؤدي مثل هذه الجرائم إلا إلى نتيجة واحدة، وهي معاداة الفاعلين واعتبارهم خارجين على القانون، حتى وان كانوا هم حماة القانون رسميا.