الثلاثاء 10 أبريل 2007

فهمـي هـويـــدي



اخشي ما أخشاه أن يؤدي احياء مبادرة السلام العربية إلي دفن القضية الفلسطينيةrlm;,rlm; من خلال تحويلها من قضية إلي مطيةrlm;.rlm;

rlm;(1)rlm;
هذا الهاجس بدأ يتسرب إلي نفسي منذ ابتدع الامريكيون حكاية الدول العربيةrlm;'rlm; المعتدلةrlm;'rlm; التي فهم أنها بمثابة ناد رباعي جديد لاصدقاء الولايات المتحدة في المنطقةrlm;.rlm; وما اثار انتباهي في تشكيله أنه لم يضم أيا من دول المغرب العربي رغم أن لواشنطن اصدقاء حميمين هناك الأمر الذي استنتجت منه أن النادي الجديد مهمته مشرقية بالدرجة الأوليrlm;.rlm; وقد قوي ذلك الهاجس حين لاحظت النشاط المريب الذي قامت به وزيرة الخارجية الامريكية في المشرق بوجه اخص خلال الفترة التي سبقت انعقاد قمة الرياضrlm;.rlm; وكان ابرز ما في الشق المعلن من ذلك النشاط اجتماعها في عمان مع مسئولي اجهزة الأمن في الدولrlm;'rlm; المعتدلةrlm;'rlm; ثم اجتماعها مع وزراء خارجية الدول المذكورة في اسوان عشية انعقاد القمةrlm;.rlm;

لقد كان استحضار المبادرة بعد خمس سنوات من اطلاقها مثيرا للتساؤل بحد ذاته خصوصا أنها في حينها رفضت من جانب الولايات المتحدة واسرائيل ورد عليها شارون ليس فقط بالسخرية والازدراء وانما ايضا باجتياح الضفة الغربية والقطــاعrlm;.rlm; ولم يتوقف التساؤل في ظـل تواتر التصريحات الرسمية التي اكدت أنه لا تعديل في المبادرة وأن المملكة السعودية التي تبنتها من البداية ملتزمة بكل ما تضمنته في عامrlm;2002,rlm; فقد استغربت لأول وهلة ذلك الاصرار علي أنه لا جديد في المبادرة في حين بدأ المسئولون في الخارجية الامريكية يغيرون من كلامهم عنها متحدثين عن ايجابيات فيهاrlm;.rlm; وكانت المفاجأة أن رئيس الوزراء الاسرائيلي لم يعلن رفضه للمبادرةrlm;.rlm; ولكنه قال انها خلقت جوا ايجابيا في مواقف الدول العربيةrlm;,rlm; وهو ما اعتبرهrlm;'rlm; تغيرا ثورياrlm;'rlm; يمكن أن يؤدي إلي احلال السلام خلال خمس سنواتrlm;.rlm;

اثار الانتباه أيضا في تصريحات اولمرت قوله إن ذلك الجو الجديد الذي طرأ علي حوارات قمة الرياض نتيجة لادراك كثير من القيادات العربية أن المنطقة تواجه اخطارا كثيرة وأن اسرائيل ليست الخطر الأكبرrlm;.rlm; في اشارة لا تخفي دلالتها الي أن الفكرة الكامنة وراء التغيير هي أن ايران وليست اسرائيل هي الخطر الحقيقي الذي يهدد المنطقةrlm;.rlm; واذا صح هذا الكلام فإنه يعد بمثابة انقلاب في الرؤية الاستراتيجية العربية يتوافق مع الموقف الامريكي الساعي الي تعبئة العالم العربي ضد ايرانrlm;.rlm;

rlm;(2)rlm;
لا غموض في الموقف الاسرائيلي من المبادرة رغم أن التصريحات الرسمية التي ترفع شعارrlm;'rlm; نعم ولكنrlm;'rlm; قد تثير الالتباس لدي البعضrlm;.rlm; فهناك ركيزتان لذلك الموقفrlm;,rlm; اولاهما اجماع القادة الاسرائيليين علي لاءات ثلاثة اعلنها اولمرت اكثر من مرة هيrlm;:rlm; لا للعودة الي حدود عامrlm;67_rlm; لا لعودة اللاجئين الي ديارهمrlm;,rlm; لا لتفكيك المستوطناتrlm;.rlm; وهي اللاءات التي تتعارض تماما مع اسس المبادرةrlm;.rlm; الركيزة الثانية تحدثت عنها في الشهر الماضي بصراحةrlm;_rlm; بوقاحة إن شئت الدقةrlm;_rlm; وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني أمام مؤتمرrlm;'rlm; ايباكrlm;'rlm; الذراع الصهيونية الامريكية حين طالبت الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع اسرائيل اولا لتهدئة مخاوفها وطمأنتهاrlm;.rlm;

معروف أن المبادرة السعودية عرضت اعتراف الدول العربية باسرائيل اذا ما انسحبت إلي حدود ما قبلrlm;4rlm; يونيوrlm;67rlm; وقبلت بحل عادل لمشكلة اللاجئينrlm;,rlm; وأزالت المستوطنات التي اقامتها في الاراضي التي احتلتها بالمخالفة للقانون الدوليrlm;.rlm; واعتبرت أن الاعتراف معلق علي شرط الاستجابة لتلك المطالبrlm;.rlm; ولأن هذه الاستجابة غير واردة اسرائيليا فقد دعوا إلي تغيير المبادرة والبدء باسقاط الاشارة الي حق العودة رغم أن نص المبادرة تحدث عن التوصل اليrlm;'rlm; حل عادلrlm;'rlm; لمشكلة اللاجئينrlm;.rlm; وبطبيعة الحال تبنت السيدة كوندوليزا رايس الموقف الاسرائيلي غير ان الطرف العربي رفض مبدأ التعديلrlm;.rlm; وحينئذ قرر الاسرائيليون والامريكيون الالتفاف علي هذا الموقف والاحتيال عليه من خلال فكرة خبيثة تمثلت في طرح الحوار حول الموضوع والتفاهم بشأن المبادرةrlm;.rlm;

هكذا فانه باسم المبادرة تتم لقاءات الاسرائيليين مع ممثلي الدول العربية خصوصا الدول الخليجية فيبدأون خطوات التطبيع عمليا في حين لا يقدمون علي أي اجراء يعالج أي بند في ملف القضية الفلسطينية وبهذه الطريقة تتحول المبادرة الي طعم يوقع العرب في شباك التطبيع مع اسرائيل دون أن يكلفها ذلك شيئاrlm;.rlm;

هذاrlm;'rlm; السيناريوrlm;'rlm; لم يعد سرا بل أن الطموح ذهب الي أبعد منهrlm;.rlm; فقد نشرت صحيفةrlm;'rlm; يديعوت احرونوتrlm;'rlm; فيrlm;3/25rlm; الماضي إن وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس ومفوض العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا اتفقا علي اقناع كل من السعودية والدول الخليجية بالمشاركة في قمة عربية اسرائيليةrlm;,rlm; تحضرها الولايات المتحدة والاتحاد الاوربيrlm;.rlm; كما تحضرها كل من مصر والاردن ورئيس السلطة الفلسطينيةrlm;.rlm; واكدت الصحيفة أن سولانا قال في محادثات مغلقة إن هناك بالفعل خطة مشتركة بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لتنظيم مثل هذه القمة التي من المقرر أن تعقد في نهاية ابريل أو مطلع شهر مايوrlm;.rlm; ونوهت الصحيفة الي أن رايس دعت وزراء خارجية وقادة الاجهزة الاستخبارية في الدول العربية الذين التقتهم في اسوان مؤخرا لأن يشرعوا في خطوات التطبيع مع اسرائيل
rlm;
(3)rlm;
ذات صباح اغبرrlm;(rlm; فيrlm;4/3)rlm; نشرت صحيفةrlm;'rlm; الشرق الاوسطrlm;'rlm; عنوانا علي صدر صفحتها الاولي يقولrlm;:rlm; مجموعة عمل عربية منrlm;11rlm; دولة للاتصال باسرائيلrlm;.rlm; وتحت العنوان تقرير لمراسلي الصحيفة في القاهرة زف الي القراء النبأ التاليrlm;:rlm; في اول خطوة من نوعها شكلت الجامعة العربية مجموعة عمل منrlm;11rlm; دولة عربيةrlm;'rlm; لشرح مبادرة السلام العربيةrlm;.rlm; وستكون هذه واحدة ضمن عدة مجموعات ستكلف باجراء اتصالات للدعوة للمبادرة العربية التي تعرض علي اسرائيل علاقات طبيعية مقابل الانسحاب من الاراضي التي احتلت عامrlm;1967rlm; وتسوية مشكلة اللاجئينrlm;.rlm;

وكانت الصحيفة ذاتها قد نشرت في اليوم السابق خبرا بثته من القدس وكالة رويتر للأنباء نسب الي دبلوماسيين قولهم إن الولايات المتحدة ومصر تطالبان اسرائيل بسرعة البدء في اجراء محادثات مع لجنة الجامعة العربية بشأن المضي قدما في عملية السلام للتفاوض حول امكانية التوصل الي اتفاقrlm;(!)_rlm; ونقلت عن احد الدبلوماسيين قوله ان الجامعة العربية في ذلك ستتحدث مع اسرائيل لأول مرة بشكل رسمي وعلنيrlm;.rlm;

هذه الأخبار ان صحت فمعناها ان اسرائيل كسبت الجولةrlm;,rlm; وان مسعاها الي التطبيع مع الدول العربية مع استمرار تجاهل الشأن الفلسطيني بسبيله الي التحقيقrlm;,rlm; وهو ما اعتبرته في البداية ـ لفرط سذاجتي ـ اقتراحا وقحاrlm;.rlm; معناه ايضا أن تشكيل وفد يمثل الجامعة العربية لشرح المبادرةrlm;_(rlm; التي لا تحتاج الي شرحrlm;)_rlm; هو انهاء عملي لفكرة المقاطعةrlm;.rlm;

ادري أن قمة الرياض كلفت اللجنة الوزارية الخاصة بالمبادرة بتشكيل فرق عمل للاتصال مع الاطراف الدولية المعنية بعملية السلام وحشد التأييد للمبادرةrlm;.rlm; الا أنني لا افهم ولا اجد مبررا لمخاطبة اسرائيل في هذا الصدد إلا إذا اعلنت عن قبولها للمبادرة واستعدادها لمناقشة الآليات والتفاصيلrlm;.rlm; أما حين ترفض عناصرها الاساسية ولا تريد منها سوي المفاوضات المباشرة مع الدول العربية والسعودية في مقدمتهاrlm;.rlm; حين يصبح الامر كذلك فإنه لا يبقي هناك أي سبب مشروع لمخاطبة الاسرائيليين في شأنهاrlm;.rlm; بل لا يكون هناك منطق أو مبرر للاستمرار في تبني المبادرة من الاساسrlm;.rlm; اذ لا جدوي ولا معني للاتصال في ظل التوازنات الراهنة مع الاطراف الدولية المعنية بالموضوع لاننا نعرف جيدا أنها منحازة الي الموقف الاسرائيلي بدرجة أو اخري ولن تذهب بعيدا عن الانحياز الامريكيrlm;,rlm; كما أن سلوك المستشارة الالمانية انجيلا ميركل اثناء زيارتها الاخيرة للأرض المحتلة الذي اتسم بالاسراف في مجاملة الاسرائيليين والجفاء والعجرفة ازاء الفلسطينيينrlm;,rlm; تعبير آخر عن ذلك الانحيازrlm;.rlm;

rlm;(4)rlm;
ان اسرائيل لم تقدم أية بادرة لحسن النية ازاء الفلسطينيين في تعاملهاrlm;'rlm; المتغير الثوريrlm;'rlm; الذي احدثته المبادرةrlm;.rlm; فلا فكت الحصار عنهم ولا أعربت عن استعدادها لوقف تغيير الحقائق علي الارضrlm;,rlm; خصوصا سياستها الاستيطانية التي تمس قضايا الوضع النهائيrlm;.rlm; في الوقت نفسه فان العرب ذهبوا بعيدا في حسن النية حين اعتبروا المبادرة السعودية موقفا عربيا وحين لم يشترطوا علي اسرائيل القبول بها قبل التقدم في أي اتجاهrlm;.rlm; كما انهم لم يحددوا سقفا زمنيا لتطبيقها فضلا عن أنهم لم يحددوا بدائلهم وخياراتهم اذا ما تمسكت اسرائيل برفض عناصر المبادرةrlm;,rlm; وضغطت عليrlm;'rlm; دول الاعتدالrlm;'rlm; لتغييرهاrlm;.rlm;

أن ثمة تخوفا مشروعا من تفريغ المبادرة من مضمونها ونجاح عملية الالتفاف عليها واستخدامها سبيلا لتحقيق المآرب الاسرائيلية التي تهدر الحقوق الفلسطينية بالكاملrlm;.rlm; ولدي المتشائمين قرائن عدة اشرت الي بعضها تبرر خشيتهم من ان يؤدي احياء المبادرة الي دفن القضية الفلسطينية في نهاية المطافrlm;.rlm;

التقيت في مؤتمر عقد بالدوحة مؤخرا الدكتور عزمي بشارة المثقف الفلسطيني البارز الذي وجدته أحد المتشائمين لدرجة انه قال ان اجتماعات الدول العربية في هذا الزمن باتت تسوغ التنازل التدريجي عن استحقاقات القضية الفلسطينية حتي اصبح البعض يتنافسون في التنازل ومجاملة اسرائيل لكسب رضي الادارة الامريكيةrlm;.(rlm; للعلمrlm;:rlm; قال لي احد المثقفين السودانيين أن بعض مسئولي حكومة الخرطوم طرحوا فكرة الاعتراف باسرائيل للخروج من مأزق الضغط الامريكي علي السودان بسبب مشكلة دار فورrlm;).rlm; اضاف الدكتور بشارة قائلا إنه بات يفكر جديا الآن في مطالبة الدول العربية بان ترفع ايديها عن الملف الفلسطيني وأن تنصرف الي تحقيق الاصلاح السياسي في جبهتها الداخلية أملا في أن يوفر ذلك للعالم العربي حظا اكبر من العافية والممانعة يمكنها في المستقبل من أن تكون اكثر استعدادا لمقاومة الضغوط الخارجيةrlm;,rlm; واكثر ادراكا لمسئولية الدفاع عن قضايا الامة المصيرية وعن امنها القومي الذي تقع قضية فلسطين في قلبهrlm;.rlm;