القاهرة - سعيد السويركي

يبدو أن الأزمات المتكررة التي تواجه بدو سيناء سوف تتلاحق، وهي تؤكد واقعاً مريراً يعيش فيه أهالي شبه جزيرة سيناء، يحول بين البدو واندماجهم في وطنهم مصر، بصورة مؤلمة أشبه ما تكون ldquo;بجدار الفصل العنصريrdquo; الذي شيدته ldquo;إسرائيلrdquo; لحصار أصحاب الأرض الفلسطينيين. وعبر عن ذلك الواقع محافظ جنوب سيناء عقب تفجيرات ضربت منتجعات سياحية في سيناء في ،2005 بإعلانه عن إنشاء سور حول شرم الشيخ لمنع بدو سيناء من دخولها.

وشهدت سيناء وقائع دامية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من دون محاولة لتدارك المخاطر الناتجة عنها، وإدراك أن حائط الصد الذي يحمي مصر في مواجهة العدو الرابض على الحدود الشرقية مع فلسطين المحتلة هو ldquo;أهالي سيناءrdquo;. وعلى الرغم من موافقة مشايخ القبائل أول أمس على تراجع المعتصمين الموجودين في منطقتي نجع شبانة والمهدية في رفح عن خط الحدود الدولية، وإعطاء فرصة ثلاثة أيام للاستجابة لمطالبهم بالتنسيق مع الجهات المعنية، تظل قضية معاناة البدو قائمة وقابلة للتكرار مرات أخرى، والشواهد كثيرة.

تم الاتفاق بين الأجهزة الأمنية في شمال سيناء ومشايخ القبائل على تهدئة الأوضاع في المنطقة بين نجع شبانة والمهدية جنوب ميناء رفح البري في أعقاب الحادث الذي تعرض له اثنان من أبناء المنطقة مساء الأربعاء الماضي. ويؤكد ذلك الحدث الأخير الذي اشتعل في صفوف البدو عقب إطلاق النار من رجال شرطة مصريين على اثنين من البدو الأسبوع الماضي، ما أدى إلى احتشاد البدو على الحدود ldquo;في رسالة أكثر إيلاما من تعذيب الأبرياء في أقسام الشرطةrdquo;، موجهة إلى السلطات المصرية لتنتبه إلى معاناة أهالي سيناء، وتتوقف عن ممارسة التعذيب ومطاردة البدو واقتحام المنازل من دون مراعاة لحرمتها، وهو الحادث الذي تسبب في تفجر الأحداث، واحتشاد مئات البدو على الحدود.

وكانت الشرطة المصرية قد احتفلت بأعياد سيناء ظهر الأربعاء الماضي (25 أبريل/ نيسان) على طريقتها الخاصة، في كمين أمني قرب قرية الجورة، وأطلقت النار على سيارة يستقلها اثنان من بدو سيناء كانت محملة بالأسمنت، ما ترتب عليه وفاة فورية لأحدهما، وهو سليمان حسين منيعي، وإصابات بالغة للآخر، وهو خليل سليم أبو غانم سواركة تسببت في وفاته بعد فترة، وعلى إثر مقتلهما تجمع أكثر من 3 آلاف مواطن مصري يعتصمون في الطريق العام و250 سيارة أغلقوا الطريق تماماً من قرية الماسورة غرب رفح حتى قرية المهدية جنوب رفح في مسافة تصل إلى 3 كيلومترات، ويقع في هذه المسافة معسكر القوات الدولية في جنوب الماسورة، وأغلقوا الطريق على القوات الدولية الذي أصبح أفرادها محاصرين داخل معسكرهم ومن خارجه غير قادرين على العودة إليه.

وتشهد منطقة المهدية حتى الآن حصارا أمنيا حولها، وهي المنطقة الحدودية قرب منفذ كرم أبو سالم الذي يربط الأراضي المصرية بفلسطين المحتلة، بسبب إطلاق النار عليهما داخل سيارتهما التي تعرضت لوابل من الرصاص من الحملة الأمنية الموجودة في منطقة شمال سيناء منذ قرابة 20 يوما تنفيذا لتعليمات وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي، أصدرها في أثناء اجتماع في جنوب سيناء مع القيادات الأمنية. ويقول أهالي القرية المعتصمون إن الضابط الذي ارتكب الجريمة من قوات الأمن العام التي وصلت إلى سيناء منذ فترة في إطار حملة أمنية، وسبق له اغتيال شاب صغير قبل أسبوع تقريبا بالطريقة نفسها.

وطالب مركز الحرية للحقوق السياسية واللجنة الشعبية لحقوق المواطن في شمال سيناء بإجراء تحقيق فوري في هذه الأحداث ومحاسبة المسؤول عن الاغتيال العشوائي وأفاد المركز قبل أن تبادر وزارة الداخلية في القول أن أيا من القتيلين كان مطلوبا على ذمة قضية تفجيرات دهب أو شرم الشيخ أو أنهما على علاقة بهذه الأحداث ldquo;أن كل أوراق قضية تفجيرات دهب وشرم الشيخ ومحاضر التحريات والتي اطلعنا عليها لا تتضمن اسم القتيلينrdquo;.

وقال الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة إن انتهاكات حقوق الإنسان تتوالى منذ أحداث مدينة العريش في ،2004 والتي شهدت اعتقالات لنحو 3 آلاف شخص من أهالي المدينة في أعقاب تفجيرات طابا، ولفت إلى تقرير أصدرته المنظمة بعنوان ldquo;العريش.. قبض عشوائي واحتجاز تعسفي وتعذيب، أوقفوا المأساةrdquo;، يكشف عن جملة انتهاكات تعرض لها أهالي مدينة العريش الواقعة شمال محافظة سيناء، وشملت عمليات قبض عشوائي واحتجاز لرهائن من النساء والأطفال، وما يصاحب ذلك من اقتحام المنازل بالقوة وإتلاف محتوياتها في بعض الحالات وترويع أمن قاطنيها، ووصل الأمر إلى نزع الأمن غطاء الوجه للمنقبات عنوة في أثناء سيرهن في الشوارع بهدف البحث عن أشخاص يشتبه بتورطهم في تنفيذ تفجيرات في سيناء.