رفعت السعيد
أثارت مسألة ترشيح عبدالله جول لرئاسة الجمهورية التركيةrlm;,rlm; هواجس العلمانيين الأتراك من مسألة العودة لدولة الخلافةrlm;.rlm; وقبلها أثارت أحاديث البعض من المتأسلمين ذات الهواجس بعد أن صاح أحدهم طظ في مصرrlm;,rlm; وقال بقبوله لماليزي مسلم لحكم مصرrlm;..rlm; ويأتي ذلك كله تحت عباءة مسألة الخلافةrlm;.rlm; الأمر الذي دفعنا إلي الحديث عنها وفحص موضوعهاrlm;.rlm;
وفي القاموس الوسيط نقرأ تعريف الكلمة والخلافة هي الإمامة والخليفة هو المستخلف والسلطان الأعظم أما التعريف المصطلح عليه فهو ان الخلافة رئاسة عامة للمسلمين في كل الدنياrlm;.rlm;
وعند وفاة الرسولrlm;(rlm; صلي الله عليه وسلمrlm;)rlm; ثارت هذه المسألة وتطلع البعض من آل بيته لخلافتهrlm;,rlm; لكن عمر بن الخطاب كان واعيا بأن ذلك قد يتحول إلي تقليد مستمرrlm;,rlm; فقال لابن عباس إن قومكم كرهوا أن تجتمع لكم النبوة والخلافة فتذهبوا في السماء شمخا بذخاrlm;(rlm; ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة جزءrlm;2rlm; صrlm;9,rlm; لكن أبا بكر كان يعرف حدوده كحاكم مدنيrlm;,rlm; وكان يدرك أنه لا يمتلك سلطان أن يسوس الناس كما كان يسوسهم الرسول الذي كان يوحي إليه والذي كان له فضل النبوةrlm;,rlm; فوقف في الناس يوم توليه الخلافة قائلا أما والله ما أنا بخيركمrlm;,rlm; ولقد كنت لمقامي هذا كارهاrlm;,rlm; ولو وددت أن فيكم من يكفيني ثم سأل الجالسين حوله أتظنون أني أعمل فيكم بسنة رسول الله؟ إذن لا أقوم بهاrlm;,rlm; إن رسول الله كان يعصم بالوحيrlm;,rlm; وكان معه ملكrlm;,rlm; وإن لي شيطانا يعترينيrlm;,rlm; ألا فراعونيrlm;,rlm; وإن زغت فقومونيrlm;(rlm; أبوجعفر الطوسي ـ تلخيص الشافي ـ جزءrlm;1rlm; صrlm;9rlm;
لكن الأمر لم يستقرrlm;,rlm; فقد ظل أتباع سيدنا علي ولم يزالوا يعتقدون بأحقيته في خلافة الرسولrlm;,rlm; بل هم يضيفون أحيانا إلي خطبة الرسول في حجة الوداعrlm;,rlm; ما يوحي بذلك ونقرأrlm;:rlm; علي مني وأنا من عليrlm;,rlm; من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم والي من والاهrlm;,rlm; وعاد من عاداهrlm;,rlm; إني مخلف فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا من بعديrlm;,rlm; كتاب الله وعترتي أهل بيتيrlm;.rlm; ثم يكون الهجوم علي عمر بن الخطاب شديدا وقاسيا ونقرأ لم يكن عمر بن الخطاب ضعيف السجيةrlm;,rlm; إنه كريم عفيف بين الرجالrlm;,rlm; ولكن عنجهيتة قبلية نائمة في بطانة نفسه ما سمحت لهrlm;,rlm; ولا قبلت أن يتقدم عليه وعلي أمثاله من وجهاء الجزيرة فتي لايزال أمردrlm;,rlm; لقد كان ابن الخطاب بمركز الزعامة أرجح من حسه بقيمة الرسالةrlm;.rlm; وهكذا فتح باب الصراع حول الحق في الحكم علي مداهrlm;,rlm; وتمادي حتي الآنrlm;.rlm;ومنذ اليوم الأول لوفاة الرسول تحول أمر الحكم إلي مسألة إنسانيةrlm;,rlm; فالوحي انقطعrlm;,rlm; وحكم الحكام بالرأي أو بما يعتقدون هم أنه متطابق مع الشرعrlm;,rlm; لكن هذا الاعتقاد يبقي هو أيضا إنسانيا يحتمل الصواب والخطأrlm;.rlm;
وفي نهاية أيام ابن الخطاب اختار مجموعة من كبار الصحابة لتختار خليفته قائلاrlm;:rlm; والله ما أردت أن أحمل وزرها حيا وميتا وبعد مقتل عمر أتي ممثل هذه المجموعة إلي علي بن أبي طالب قائلاrlm;:rlm; يا علي ابسط يدك لأبايعك علي كتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخينrlm;(rlm; يقصد أبابكر وعمرrlm;),rlm; لكن عليا أبي قائلاrlm;:rlm; كتاب الله وسنة رسوله نعمrlm;,rlm; أما الشيخان فلهما رأي ولي رأيrlm;,rlm; وهاهو يؤكد مرة أخري أن الحاكم في الإسلام يحكم برأي إنساني نسبي الصحة كما أنه نسبي الخطأrlm;.rlm;
وهكذا تنوع الحكام وتنوعت أحكامهمrlm;.rlm;
ويروي الإمام السيوطي أن الخليفة عبدالملك بن مروانrlm;(rlm; حكمrlm;73rlm; ـrlm;86rlm; هجريةrlm;)rlm; خطب يوم ولايته قائلاrlm;:rlm; أيها الناسrlm;..rlm; لست بالخليفة المستضعفrlm;(rlm; عثمانrlm;)rlm; ولا بالخليفة المداهنrlm;(rlm; معاويةrlm;)rlm; ولا بالخليفة المأفونrlm;(rlm; يزيدrlm;)rlm; ألا أني لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتي تستقيم لي قناتكمrlm;,rlm; والله لا يفعلن أحد فعلة إلا وجعلتها في عنقهrlm;,rlm; والله لا يأمرني أحد بتقوي الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقهrlm;(rlm; السيوطي ـ الاتقان في علوم القرآن ـ صrlm;48).rlm;
وهكذا كانت الأمور علي الدوامrlm;,rlm; فالشريعة والقول بالحكم بها كانا يتحولان دوما إلي أفعال إنسانيةrlm;.rlm; والبشر يتشكلون بحسب انتماءاتهم ومصالحهم وأخلاقياتهمrlm;,rlm; وما كانت هذه الأحكام جميعا إلا مسائل إنسانية لا علاقة لها بما ترتديه من ثياب دينيةrlm;.rlm; ذلك أن الإسلام ما كان ولن يكون كذلك الذي فعلواrlm;,rlm; وهو لا يقبل بذلكrlm;.rlm;
والحكام المتجبرون أجبروا الناس علي الخضوع لما يريدون وتعالت أصوات المنافقين لتخترق كل حواجز النظر الإسلامي لهذا الحكمrlm;.rlm;
وما كان ذلك إلا لأن بعض فقهاء السلطان قد وصفوا هذا النوع من الحكام بأنهم خلفاء الله في الأرضrlm;,rlm; أو حتي خلفاء رسول اللهrlm;,rlm; ثم كان الأمر كذلك الأمر في العصر الحديثrlm;,rlm; فأبوالأعلي المودودي يقولrlm;:rlm; إن المطلوب للمسلمين الآن هو حاكم يقوم بوظيفة خليفة اللهrlm;,rlm; فليس لأحد أن يأمر وينهي من غير أن تكون له سلطة من اللهrlm;(rlm; نظرية الإسلام وهديه صrlm;71).rlm;
وينسي هؤلاء جميعا أن المسلمين كانوا أكثر فطنة فسموا الأمور بمسماها الحقيقيrlm;,rlm; فكل خلافة وكل دولة نسبت إلي اسم بشريrlm;:rlm; الدولة الأموية ـ العباسية ـ السلجوقية ـ العثمانيةrlm;..rlm; إلخ ولو كانوا يعتقدون بغير ذلك لما تواتر استخدامهم للأسماء البشرية علي مدي كل العصورrlm;.rlm;
ويبقي التساؤل ما هو الموقف الفقهي من فكرة الخلافة ذاتها؟
يقول الشهرستاني في كتابه نهاية الإقدام إن الإمامة ليست من أصول الاعتقادrlm;.rlm; ويقول الجرجانيrlm;:rlm; إن الخلافة ليست من أصول الديانات والعقائدrlm;,rlm; بل هي من الفروع المتعلقة بأفعال المكلفينrlm;(rlm; الجرجاني ـ شرح المواقفrlm;).rlm; أما الإمام الغزالي فيقولrlm;:rlm; إن الإمامة ليست من المعتقداتrlm;(rlm; الاقتصاد في الاعتقادrlm;).rlm; أما أبوحفص عمر بن جميع فيقولrlm;:rlm; إن الإمامة مستخرجة من الرأي وليست مستخرجة من الكتاب والسنةrlm;(rlm; عقيدة التوحيدrlm;).rlm;
ونأتي بعد ذلك إلي القرآن الكريمrlm;,rlm; فالكثيرون من دعاة الخلافة يستندون إلي آيات من القرآن مثل إنا نزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك اللهrlm;.....(rlm; النساءrlm;105)rlm; لكن البيضاوي في تفسيره والقرطبي في كتابه الجامع لأحكام القرآن يؤكدان أن كلمة تحكم هنا كانت تعني أن تكون قاضيا بينهمrlm;,rlm; ويؤكد أغلب الفقهاء أن كلمة الحكم تعني في القرآن الحكمةrlm;,rlm; أو الرأي السديد ويستدلون علي ذلك بآيات عدة يايحيي خذ الكتاب بقوةrlm;,rlm; وآتيناه الحكم صبياrlm;(rlm; مريمrlm;12)rlm; ولم يكن النبي يحيي حاكماrlm;,rlm; بل منحه الله الحكمة وهو صبيrlm;,rlm; وآية أخري عن عيسي بن مريم تقولrlm;:rlm; ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوةrlm;,rlm; ثم يقول للناس كونوا عبادا ليrlm;.....(rlm; آل عمرانrlm;79),rlm; ولم يكن السيد المسيح حاكماrlm;.rlm;
وعديد آخر من الآيات الكريمةrlm;,rlm; تؤكد كلها في معناها وفي حقيقة ما تتحدث عنه أن فكرة الحاكم المتحدث باسم السماء والحاكم بأمرها ليست واردة في القرآن الكريمrlm;.rlm;
ويبقي أن نتحدث في مقال قادم عن مصرrlm;.,rlm;
التعليقات