ساطع نور الدين
التبريك الذي ارسله الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري من مخبئه في براري أفغانستان، الى منفذي الهجوم الأخير على الوحدة الاسبانية العاملة في laquo;اليونيفيلraquo; في جنوب لبنان، يدخل تعديلاً جوهرياً على الوضع اللبناني، برغم انه لا يحسم في ما اذا كان المنفذون الذين لم يعلنوا مسؤوليتهم حتى اليوم ينتمون الى التنظيم او إحدى شبكاته وخلاياه المنتشرة في مختلف انحاء العالم.
كما أن السجال الذي فتحه الظواهري للمرة الاولى مع حزب الله حول الحلال والحرام في مقاومة الاحتلال في لبنان وفلسطين والعراق وأفغانستان، يزيد المشهد تعقيداً... برغم انه لا يصنف الحزب من الروافض ولا يضعه في مرتبة واحدة مع القوى الشيعية العراقية التي سبق ان اهدر دمها في رسائله الشهيرة المتبادلة مع المسؤول السابق للتنظيم في العراق ابو مصعب الزرقاوي.
لم يرد الحزب حتى الآن على الظواهري، والأرجح انه لن يستدرج الى مثل هذا السجال السني الشيعي حول الجهاد وشروطه وأهدافه... ليس فقط لأن الرجل الثاني في القاعدة تحول في الآونة الأخيرة الى معلق صحافي يصدر كل يوم تقريباً موقفاً من الاحداث ويوجه تعليمات وتوصيات الى شبكات التنظيم، بل ربما لأن السجال يؤدي الى نوع من الاعتراف المتبادل غير المستحب وغير المرغوب... بخلاف ما هي الحال بالنسبة الى حركة حماس الفلسطينية التي سبق ان اضطرت للرد اكثر من مرة على تلك الرسائل الآتية اليها من مجاهل افغانستان.
مهما يكن، فإن إعلان الظواهري في احدى رسائله التوجيهية الاخيرة التي بارك فيها الهجوم على laquo;اليونيفيلraquo;، ان لبنان هو ثغر من ثغور الاسلام، يفتح جبهة الحدود اللبنانية الجنوبية تحديداً على مخاطر واحتمالات جديدة، لا سيما في ضوء تجاهله الغريب لأولئك الاسلاميين الذين يحاربون الجيش اللبناني منذ نحو شهرين في مخيم نهر البارد تحت اسم laquo;فتح الاسلامraquo;، والذين يدّعون الارتباط بالقاعدة ، وهو ما كاد اللبنانيون جميعاً يصدقونه!
تحويل laquo;اليونيفيلraquo; الى هدف شرعي للجهاد الاسلامي حسب كلام الظواهري، يزيل في المقام الاول آخر التحفظات اللبنانية (الشيعية خاصة) على وجود تلك القوات الدولية في الجنوب، ويؤسس لنوع جديد من التعاون بينها وبين لبنان على اختلاف قواه الرسمية والسياسية... لكنه في المقابل يضع الجميع في دائرة الاتهام والاستهداف من قبل القاعدة، كما انه يمهد لهجمات قد لا تكون كلها من فعل التنظيم، من أجل إشعال الجبهة اللبنانية بشرارة تنتظرها إسرائيل بفارغ الصبر.
التسليم بأن القاعدة أصبح جزءا من معادلة الازمة اللبنانية، وتحديداً في الجنوب وليس الشمال كما هو مفترض وشائع حالياً، لن يكون تفصيلاً عابراً، لأنه سيؤدي حتماً الى تعديل جوهري في التحالفات وفي الأدوات المستخدمة لضبط وقف إطلاق النار: ستشعر اسرائيل بمسؤوليتها عن حماية laquo;اليونيفيلraquo; من هجمات ذلك التنظيم... وسيشعر الجميع باستحالة إقناع الظواهري ان الثغر اللبناني أشد تعقيداً مما يظن!












التعليقات