خيرالله خيرالله


هل يستطيع لبنان الأستفادة من قرار المجلس الوزاري العربي الذي دعا ألى أن تكون الخطوة الأولى على طريق الحل في الوطن الصغير أنتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ لا يزال باكرا الأجابة عن هذا السؤال نظرا ألى أن أنتخاب رئيس جديد للجمهورية هو العماد ميشال سليمان يشكل المدخل ألى أستعادة البلد عافيته قريبا. وهذا ألى أشعار آخر ممنوع سوريا وأيرانيا في ضوء حاجة المحور القائم بين النظامين ألى بقاء لبنان quot;ساحةquot; تصلح لأبتزاز العرب وغير العرب في آن. ولكن ما لا بدّ من ملاحظته أن مجرد أعطاء الأولوية لأنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية، يعتبر أنحيازا عربيا للبنان وللشرفاء فيه من الذين يرفضون التبعية والذين دفعوا من دمهم من أجل أستمرار ثورة الأرز.


ستكون المسألة مسألة أيام قليلة ويتبين ما أذا كان النظام السوري لا يزال يناور وهل كل ما أراده من أجتماع القاهرة فك عزلته العربية ليس ألا... في أنتظار أيام أفضل. فالنظام السوري، الذي ليس لديه ما يراهن عليه سوى الوقت، يعرف تماما أن لعبته صارت مكشوفة عربيا وأنه لن تكون هناك قمة عربية تعقد في دمشق في حال لم ينتخب لبنان رئيسا. أنه في حيرة من أمره. لا يزال هدفه أن يكون الفراغ في موقع الرئاسة في لبنان فيما يدرك في العمق أن الرهان على الفراغ يعني أستمرار عزلته العربية والدولية وأنكشاف لعبته الهادفة ألى أستعادة الوصاية على لبنان.


من هذا المنطلق، يفترض في النظام الأقليمي العربي ممثلا بالأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى، في حال كان بالفعل صادقا مع لبنان، العمل على الأسراع في أنتخاب رئيس جديد للجمهورية. المطلوب أنتخاب الرئيس اليوم قبل الغد. أي خطوة تستهدف تأجيل الأنتخاب هي بمثابة سقوط في الفخ السوري لا أكثر ولا أقلّ. على العرب عموما أدراك أن اللعبة التي يمارسها النظام السوري مفضوحة ألى حد كبير. كل ما يريده النظام السوري وضع العرب أمام أمر واقع يتمثل في تتويج الرئيس اللبناني الجديد في قمة دمشق يوم أنعقادها. كل ما يريد قوله للعرب واللبنانيين أن لا شيء تغير في لبنان وأن أغتيال رفيق الحريري كان حدثا عابرا. كل ما في الأمر أن تنفيذ الخطة السورية تأخر ثلاث سنوات، بعدما كان متوقعا ألاّ يستغرق أكثر من أسبوع وأن كل شيء عاد الآن ألى طبيعته. وهذا يعني في طبيعة الحال أن لبنان عاد ألى الحضن الأيراني ndash; السوري وأن أختيار رئيس الجمهورية يكون في دمشق وليس في أي مكان آخر، كذلك كل عضو في الحكومة اللبنانية. أكثر من ذلك، أن دمشق هي التي تسمي قائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة اللبنانية. أليست هي من فرض ميشال سليمان قائدا للجيش على ولدها المدلل الذي أسمه أميل لحود في العام 1998 من دون أن يجرؤ الأخير على أن ينبس ببنت شفة؟


كشف الرئيس السابق أميل لحود في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء اللبناني، بعيد أستشهاد رفيق الحريري ومعه باسل فليحان ورفاقهما، الكثير من الخطة الأصلية للنظام السوري. كانت التقديرات أن أغتيال رفيق الحريري سيثير ضجة تستمر يوما أو يومين أو أسبوعا في أبعد تقدير. بعد ذلك، تعود الحياة في لبنان ألى طبيعتها وكأن شيئا لم يكن، تماما كما حصل بعد أغتيال كمال جنبلاط في العام 1977 أو الرئيس رينيه معوض في العام 1989. ولهذا السبب وليس لغيره، دعا أميل لحود في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت مباشرة بعد تفجير رفيق الحريري ورفاقه ألى أزالة كل معالم مسرح الجريمة وأعادة فتح الطريق من دون تأخير.


لا يزال النظام السوري يعتقد أن في أستطاعته أعادة عقارب الساعة ألى خلف، أي ألى ما كان عليه لبنان لدى أغتيال كمال جنبلاط وبشير الجميل والمفتي حسن خالد ورينيه معوض وعشرات آخرين وصولا ألى رفيق الحريري والشهداء الذين تلوه. يتناسى حتى أن هناك المحكمة الدولية وأنه لن يكون قادرا على تجاوز المحكمة بالذهاب ألى مؤتمر أنابوليس أو فتح قناة مفاوضات سرية مع أسرائيل يتردد أنها حققت تقدما لا بأس به في الأسابيع الأخيرة.


مهما حار النظام السوري ودار، أن يوم الأمتحان قريب. هل هو صادق في لبنان؟ هل هو صادق في الوعود التي قدمها ألى الشيخ حمد بن جاسم بن جبر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الذي نقل ألى وزراء الخارجية العرب والأمين العام لجامعة الدول العربية موافقة دمشق على البداية تكون بأنتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية؟ ليس بعيدا اليوم الذي سيتبين فيه ما أذا كانت دمشق أضطرت ألى تغيير موقفها بعدما شعرت بأن الكلام عن أنها لا تأبه بالعزلة العربية والدولية أقرب ألى الوهم من أي شيء آخر وآن عودتها ألى فرض وصايتها على لبنان حلم ليلة صيف لا أكثر!
في أنتظار معرفة مدى جدية الموقف السوري، لا بد من ملاحظة أشارتين أيجابيتين أعقبتا البيان الصادر عن المجلس الوزاري العربي. تتمثل الأشارة ألأولى في أن السيد حسن نصرالله الأمين العام لquot;حزب اللهquot; ظهر من خلال التهديدات التي أطلقها خلال أطلالته التلفزيونية الأخيرة بأنه غير جدي. كل ما أراده هو التهويل على اللبنانيين والعرب بأسم النظام السوري لعلهم يرضخون لمطالب دمشق. أما الأشارة الأخرى، فأنها تتمثل في ظهور المهرج برتبة جنرال على حقيقته. تبين أن النائب ميشال عون لا يقبل بالعماد ميشال سليمان رئيسا، لذلك فقد صوابه عندما تبين له أن قائد الجيش حصل على غطاء عربي بعد الغطاء اللبناني كي يصل ألى الرئاسة... هذا في حال لم يكن النظام السوري في صدد المناورة.