quot; السياسة quot;

عن دول الشرق الاوسط التي تضم الدول العربية ذكر التقرير ان المنطقة لا تزال تلعب دوراً رئيسياً في الشؤون الاقتصادية والسياسية العالمية الا ان معظم اقتصادياتها لا تتمتع بالحرية الكافية, فهذه المنطقة اصابتها لعنة الثروات النفطية باعتبارها مصادر طبيعية لهذه الطاقة, ولا تزال شعوب المنطقة تشهد حالة تباين عجيبة بين تكدس الثروات المالية من ناحية والفقر المدقع من ناحية اخرى!
في الشرق الاوسط ترى نصيب الفرد من اجمالي الناتج القومي مرتفعاً وهو 7002 دولار في المتوسط وهذا يعني ان اجمالي الناتج القومي في تلك المنطقة يحتل نقطة توازن ميتة - فهو اقل من مثيله في اوروبا واميركا لكنه اعلى من مثيله في آسيا وجنوب الصحراء الافريقية والفرق بين أعلى نصيب للفرد من اجمالي الناتج القومي 27400 دولار في قطر, وأدنى نصيب للفرد 879 دولاراً في اليمن هو فرق هائل حقاً.
ومن الطبيعي ان تتزايد مشكلات البنية الاساسية خاصة اذا علمنا ان معدل البطالة في المنطقة من أعلى المعدلات في العالم raquo;13.6 في المئةlaquo; وعلى الرغم من التدفق الكبير للنفط الخام في المنطقة الا ان الشرق الاوسط يأتي في المرتبة الثانية في قائمة اسوأ الدول المصدرة والمستوردة في العالم raquo;24 بليوناً و 21 بليون دولار على التواليlaquo; مما يعني الافتقار الملحوظ في الديناميكية الاقتصادية.
واذا نظرنا الى الجداول المتعلقة بالحرية الاقتصادية للمنطقة خلال الفترة من عام 1995 الى عام 2007 مقارنة بالحرية الاقتصادية العالمية فاننا نجد ان منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تشهد اقل مستوى من الحرية الاقتصادية في العالم, الا ان هذا المستوى اتجه الى الارتفاع بشكل ملحوظ حسب ما تدل عليه المؤشرات الخاصة في السنة الماضية 2007 وكانت الدولتان الاكثر نشاطاً في هذا المجال اليمن والمغرب اللتان حققتا قفزات كبيرة في هذا المجال اسفرت عن ارتفاع في مستوى الحرية الاقتصادية بنسبة 3 في المئة و 4.4 في المئة على التوالي ورفعت مجموعة من الدول الاخرى ايضاً اداءها بهذا المضمار مثل الامارات وتونس وقطر والاردن وليبيا والكويت ولبنان ومصر واصبح هذا التقدم بالنسبة لتلك الدول اتجاها ملحوظاً.

الحرية والازدهار
الا أن هناك شيئاً ملحوظاً في تلك المنطقة برغم كل ما سبق وهو وجود معامل ارتباط بين الحرية والازدهار.
ويمكن القول بأن عمليات التطوير والتحول المستمرة في البحرين وقطر والامارات تلقي بمزيد من الضوء على النمو الاقتصادي القائم في المنطقة حالياً.
ويلاحظ ان البحرين والاردن استطاعا ان يلتزما بالحرية الاقتصادية وتخطو خطوات كبيرة في هذا المضمار, وانضمت عمان والكويت لتصبح الدول الاربع ضمن المجموعة الاولى من دول المنطقة التي اهتمت بالحرية الاقتصادية والتي خطت خطوات عملية واسعة بهذا الخصوص, وكانت اقل الدول في مجال الحرية الاقتصادية هي سورية وايران وليبيا.
واصبحت السمة المشتركة بينها هي الافتقار الى الحرية الاقتصادية والحرية السياسية ايضا.
الا ان دول الشرق الاوسط - بصفة عامة - لم تصل الى مستوى افضل عشرين دولة في العالم في مجال الحرية الاقتصادية.
وتحتل البحرين المركز التاسع والثلاثين وتحتل الاردن المركز الثالث والخمسين فيما تحتل عمان والكويت وتونس المراكز الاخيرة في السبعين دولة الاولى, والشك ان تدهور مستوى الحرية الاقتصادية يعكس البطء الملحوظ في النمو الاقتصادي بالمنطقة, وهذا هو سبب انخفاض نصيب الفرد في اجمالي الناتج القومي بالشرق الاوسط وشمال افريقيا - وهو المستوى الادنى في العالم.

الاعتماد على النفط
ويبدو ان بطء النمو الاقتصادي بالمنطقة يرجع الى اعتمادها شبه الكلي على الثروة النفطية, وتم تقسيم هذه الدول الى مجموعات حسب الانتاج النفطي او عدمه, كما تم ادراج اسماء الدول النفطية طبقا لمستوى اعتمادها على الثروة النفطية, وجاءت قطر في المقدمة raquo;60 في المئةlaquo;, تليها عمان raquo;49 في المئةlaquo;, فالجزائر raquo;45 في المئةlaquo; فالمملكة العربية السعودية raquo;43 في المئةlaquo; فالامارات العربية المتحدة raquo;32 في المئةlaquo;, واتضح عن التحليلات التي قام بها الخبراء ان الدول غير النفطية بالمنطقة حققت تقدما اكبر raquo;بنسبة 10 في المئةlaquo; من الدول غير النفطية في مجال الحرية الاقتصادية, كما ان نسبة التضخم لديها اقل من نسبة التضخم في الدول النفطية, كما ان نسبة العمالة أعلى والبطالة اقل بالرغم من ان نسبة النمو اقل قليلا من نسبته في الدول النفطية.

النمو المتكامل
هناك نظرية تقول ان الثروة التي تعتمد على الموارد الطبيعية raquo;كالنفطlaquo; يمكن ان تعرقل النمو في القطاعات الاخرى بسبب ميل اجور العاملين في تلك القطاعات الى الانخفاض مقارنة بأجور العاملين في القطاع النفطي, كما ان الدول الفقيرة التي لا تتمتع بمصادر طبيعية كبيرة تظل اكثر استعدادا لرعطاء مواطينها مزيدا من الحرية الاقتصادية حتى تتيح لهم افضل المجالات الممكنة لكسب القوت والتمتع بحياة مستقرة, كما انها تفسح المجال ايضا امام تطوير رؤوس الاموال البشرية كي تكتسب قيمة اكبر, وهذا يشجع العاملين على اكتساب المزيد من المهارات والكفاءات الذاتية.

عمال أجانب
من ناحية اخرى فإن العوائد النفطية تأتي من الارض, وفي معظم دول الخليج نجد ان عمليات التنقيب والتكرير النفطي تتم على ايدي عمال اجانب, وبهذه الطريقة تتوقف عمليات الاستثمار في مجال القوى العاملة الوطنية او تكاد, هذا بالاضافة الى الاستثمارات المحدودة او الهامشية في مجال الارض والعقار, والناس بطبيعتهم في حاجة الى انواع من الحريات المختلفة كي يصبحوا اكثر نشاطا وانتاجا, الا ان النفط للاسف لا يوفر الحوافز للمجتمعات كي تحقق هذه الحريات.

الحرية المالية
الا ان الشرق الاوسط - على اية حال - لايزال يحتل مركز الصدارة في مجال واحد هو الحرية المالية, واستطاعت هذه المنطقة ان تحقق قدرا من الحرية في هذا المجال بلغت نسبته 90.4 في المئة, وهو أعلى من المستوى العالمي الذي بلغت نسبته في المتوسط 82.8 في المئة.
والذي شجع الدول النفطية في المنطقة على هذا الازدهار في المجال المالي والاستثماري هو انخفاض الضرائب المفروضة على الدخل, كما ان منطقة الشرق الاوسط تتمتع بميزات اخرى ايضا من بينها الحرية النقدية والبعد عن الفساد, ولا يستطيع احد ان ينكر ما يتخذه حكام المنطقة من اجراءات مشددة للحد من الرشوة وسوء الاداء الوظيفي خصوصا في المؤسسات الحكومية.