سلطان حمود المتروك

سفر نقبله لنقرأ فيه الكثير ونقتبس منه العديد من السمات والصفات التي تدعو الإنسان إلى البل والعطاء والتضحية والاصرار في مبدأ الحق والخير والإنسانية.
مبادئ تقلدها أبو عبدالله الحسين في ثورته على البغي والظلم والطغيان، وقف في صحراء كربلاء ليعلن بأن للحرية الحمراء باباً بكل يد مضرجة يُدق فسالت الدماء من نحر طفله، وهو يطلب له جرعة من الماء فأبى القوم إلا أن يسقوه بسهم الردى، بدلاً من الزلال، فكان انتصار الدم من نحر الرضيع ومن نحر أبيه سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن نحور كوكبة من أهل بيته وأصحابه لتعلن هذه الدماء بأنه لابد للظلم أن يندحر في كل زمان ومكان ويحل محله العدل والانصاف.
أبو عبدالله الحسين (عليه السلام) في هذا اليوم صوته يدوي هيهات منا الذلة، وكذلك قول أهل بيته وأصحابه هيهات منا الذلة، ليعلن للمسلمين جميعاً بأن يكونوا أعزاء في دنياهم ويتمردوا على الظلم والظالمين لأن الظلم إذا دام دمر فسالت دماء الحسين مدوية لتسحق الظلم وتبدد الظالمين، وهي تقول للمسلمين إن المسلم هو من سلم المسلمون من لسانه ويده.
قابل الحسين العنف بالحكمة والموعظة الحسنة إلا أن الظالمين سددوا بغيهم نحو نحره ونحو آل بيته وأصحابه ولن يعبأوا بقوله إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، ولكن لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
هكذا يتعلم المصلحون من ثورة أبي عبدالله الحسين (عليه السلام). الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ويتعلم الناس كيف يكونون مظلومين فينتصرون على الظلم والفساد.
لم يشغل فكر أبي عبدالله (عليه السلام) في ثورته شيء عن التوجيه والارشاد والرعاية فأوصى أخته الحوراء بأن ترعى عياله فصارت المعلمة والمرشدة والداعية للخير والحق وأثبتت للدنيا بأن للمرأة المسلمة شأناً.
هكذا كان الحسين سبط نبي الإنسانية الخالد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو حسين المسلمين جميعاً يناديهم بأن يتحدوا ويكونوا جسماً واحداً وقلباً واحداً ولساناً واحداً وفكراً واحداً في سبيل الخير والإنصاف حتى تزدهر أيامهم وتنمو أفكارهم ويصلوا إلى بغيتهم بالفكر والعزيمة والنية الصافية.
السلام عليك يا أبا عبدالله في يوم عاشوراء وفي كل يوم تطلع فيه الشمس، السلام عليك يا أبا الأحرار أبداً ما بقيت وما بقي الليل والنهار.