فاتح عبدالسلام

لم يثر حدث سياسي محلي أو دولي عاصفة من النكات كما أثاره حدث رمي صحفي عراقي الرئيس بوش بفردتي حذائه في مؤتمر داخل المنطقة الخضراء. فيقال: ان بوش التفت الي المالكي وقال له بعد نجاته من الحذاء: quot;حتي تصدقوني بأنّ هذا البلد مازال يحتوي علي أسلحةquot;.
ويقال مما وصلني عبر عشرات الرسائل ان المالكي ردّ علي بوش قائلاً: سيادة الرئيس، كنت قلقاً من ان تفهم ما حدث علي نحو خاطئ عندما أطلق الصحفي الفردة الأولي وخشيت أن يساورك الشك في تورطي في هذه المؤامرة. لكن ما ان رأيت الفردة الثانية يتم اطلاقها حتي تنفست الصعداء. وقلت لقد جاءت براءتي ولن تفهم ما حدث خطأً أبداً.
ويقال ان رئيس حماية البيت الأبيض طالب حكومته بإدخال رمي الأحذية في برامج مدارس المشاة والقوات البرية ودعا الي اعلان المديات المحتملة بالأمتار للاصابة القاتلة والاصابة المؤثرة والاصابة الطفيفة.
ويُروي أيضاً ان كبار رؤوس الحكم الاسلاموي في العراق الجديد استغربوا ضيق حيلة المالكي في حماية مؤتمراته مستقبلاً وقالوا له: الحل بسيط نعقدها في الجوامع والحسينيات حيث يضطر الجميع الي الدخول حفاة.
ويقال أيضاً: ان الحكومة العراقية منعت المؤتمرات الصحافية مع الزعماء القادمين إليها عرباً أو أجانب قبل ان يصدر مجلس الأمن قراراً باعتبار الأحذية سلاحاً محرماً غير أن الانقسام دبّ في مجلس الأمن حول اعتبار الحذاء من أسلحة الدمار الشخصي وليس الدمار الشامل.
ويروي ان القيادة المصرية قالت بصوا وشوفوا.. العرب لم يتعضوا لما حذرناهم منه مراراً فحادث quot;المنصةquot; يتكرر في بغداد ومن الممكن ان ينتقل الي عواصم أخري. في اشارة الي اغتيال السادات في حادثة المنصة.
أي مخزون عراقي هائل من الألم والكبت والحاجة للتعبير كان حبيساً ولم يجد له سبيلاً للظهور الاّ عبر حذاء.
الحكومة أدانت والنقابة الرسمية شجبت فليس هذه وسيلة التعبير المناسبة لصحفي يواجه رئيس اكبر دولة في العالم حتي لو كانت محتلة لبلاده. غير ان احداً لم يحقق بعد فيما اذا كان الزيدي قد تذكّر فجأة في تلك اللحظة الفارقة في حياته انه أعزل من أي سلاح حتي سلاح الكلمة، ودهمته بعنف صورة شهيد من (265) صحفياً عراقياً قضوا منذ بداية حرب quot;التحرير والديمقراطية والاجتثاثquot;.

رئيس تحرير صحيفة quot; الزمان quot; اللندنية