عميره هس - هآرتس
على امتداد يوم كامل، رفع الجيش الإسرائيلي من منسوب الهستيريا في إسرائيل، عندما أعلن أنه يتحضر لإمكانية أن يحاول آلاف الغزيين اقتحام المعابر. من السهل أن يقول الجيش الآن ان الاقتحام لم يحصل بسبب التحذير الذي وجهته إسرائيل والذي يفيد بأن حماس هي من سيتحمل مسؤولية الاصابات التي ستقع بين صفوف المقتحمين. لكن من يصغي الى الفلسطينيين كشعب يرزح تحت الاحتلال، وليس quot;كهدف استخباريquot; (الذي وفر بشكل علني المعلومات التي تفيد أن النساء والأطفال سيتظاهرون ضد الحصار يوم الاثنين)، عرف أن الأمر لا يتعلق بخطة لإسقاط حاجزي أيرز وكرني..
كان ثمة خلفية عنصرية quot;للاستعدادquot; العسكري الاستعراضي أمام وسائل الإعلام: أُنظروا كيف أن حماس مستعدة لإرسال الأطفال من أجل تلقي الرصاصات. هذا يعني أن حماس تستخف بحياة عناصرها، وأنها مستعدة لاستغلالهم. لكن حتى الفتيان الذين قاموا قبل يومين بإلقاء الحجارة على الأسوار، خاطروا بامكانية تعرضهم للإصابة جراء اطلاق النار من قبل جنود الجيش الإسرائيلي ، لا بل أنهم تعرضوا للاعتقال، وهم لم يفعلوا ذلك لأنه ثمة من ارسلهم. خلافا لإسرائيل، لا يوجد خدمة عسكرية الزامية لدى الفلسطينيين. وعليه فإن كل واحد منهم يخاطر بحياته ويعرض نفسه للموت على أساس ما يبدو له ولمجتمعه على أنه نضال قومي ضد الاحتلال، إنما يفعل ذلك ليس لأن quot;الدولةquot; تلزمه بذلك وترسله ليفعل ذلك، بل لأنه هو من اختار ذلك.
عشية quot;الاقتحامquot; الذي لم يحصل، قال لي فتى من بيت حانون: quot;نحن نعرف أن الجيش سيُطلق النار بهدف أن يقتلنا، ولذلك لن يُخاطر أحد مناquot;. فيوم السبت الماضي قُتل قريب له، واثنان من رفاقه، بصاروخ أطلقه الجيش الإسرائيلي. وقد ادعى الجيش الإسرائيلي طبعا أنهم كانوا يحملون السلاح. لكن فحصا مستقلا يبين أن الثلاثة، وهم أصدقاء منذ فترة الدراسة المتوسطة ـ واحد طالب، الثاني شرطي والثالث موظف بنك ـ خرجوا كي يدخنوا معا النارجيلة وإعداد وجبة غداء متأخرة لهم ولرفاقهم الآخرين، في خيمة على بعد 1.2 كيلومتر عن الحدود.
أحداث يوم الاثنين ليست وحدها التي يُثبت أن الهيستيريا كانت سابقة لآوانها. بل أنه يظهر يوميا بأن الحواجز الموجودة في قلب الضفة الغربية المحتلة تُثبت أن الفلسطينيين يتنازلون، في هذه الأثناء، عن خيار النضال الشعبي غير المسلح ضد الحصار. فالفلسطينيون ليسوا بحاجة الى تحذيرات والى تقارير متأخرة، كي يعرفوا أن الجنود الإسرائيليين يطلقون النار حتى على من لا يحمل السلاح، ويقتلون النساء والأطفال.
السؤال الصحيح ليس هل أن الفلسطينيين مستعدون لأن يُقتلوا وكيف، بل إلى أي حد نحن مستعدون للقتل. السؤال هو، في حال قرر الفلسطينيون المطالبة بحقهم بحرية التنقل وإذا قرروا اقتحام الحواجز بجموعهم الحاشدة، هل أن الأمر الصادر سيكون اطلاق النار عليهم من البنادق؟ اطلاق النار أولا على الأرجل ومن ثم على الرأس؟ نساء وشيوخ ورُضع؟ أو ربما اطلاق النار عليهم بالقذائف المدفعية؟!
- آخر تحديث :













التعليقات