شوقي حافظ

إنه ليس الشيطان الذي يعنيه أمل دنقل في قصيدته: من كلمات سبارتا كوس الأخيرة، بل هو رئيس جمهورية كوستاريكا الذي وجه لطمة قاسية لاسرائيل باعلان اعتراف بلاده بالدولة الفلسطينية وقراره بنقل سفارتها من القدس إلى تل أبيب، وكوستاريكا من دول أميركا الوسطى المحدودة بمساحتها وتعداد سكانها، لكنها غنية برجالها الذين لا ترهبهم في قول الحق لومة لائم، وبشكل سافر ينحازون إلى قواعد العدل والحرية والمساواة بمواقف يتطابق فيها القول مع الفعل وينسجم الشعار مع ممارسته على أرض الواقع ولا يخشى سطوة الجارة الكبرى التي تقدم للعالم دروسا بليغة في النفاق والغش والكذب.
أوسكار إيرياس سانشيز رئيس جمهورية كوستاريكا الحائز على جائزة نوبل للسلام، عبر بموقف بلاده عن جدارته لما هو أكبر من الجائزة: احترام وتقدير كل شعوب العالم المقهورة وجميع القوى المحبة للسلام في كل مكان، بل والعقلاء من الاسرائيليين أيضا الذين يدفعهم تحالف الجنرالات وحاخامات اليمين المتطرف إلى حافة الهاوية، وفي بلد يتمتع باستقرار سياسي واقتصادي نادر بين جمهوريات الموز وانقلابات الجنرالات في بلدان أميركا اللاتينية، يخرج رجل نبيل برؤية موضوعية سليمة لقضايا التنمية والاستقلال الوطني والانحياز للحق واحلال السلام وفقا لمعايير محددة غير مطاطة للعدل والحرية.
أوسكار إيرياس سانشيز لا يحاول الانحياز للعرب الذين باع معظمهم وقبضوا ونقضوا ونكصوا، لكنه ينحاز لمبادئ داستها حوافر جياد رعاة البقر، وعندما قال (لا) في وجه من قالوا (نعم) كان هناك من العرب من قالوا (نعمين) مع المطربة الشعبية ليلى نظمي، هؤلاء الذين حققوا أرقاما قياسية في الملاينة والملاطفة والمصافحة والهرولة، وفي تدجين وترويض من يجرؤ على شق عصا طاعتهم للرايات ذات النجوم الزرقاء والحمراء،
ومن ضفاف بحر الكاريبي يأتيهم درس بليغ مؤثر.. لعلهم يفقهون!