تيم مونتغمري - الغارديان

في شهر شباط - فبراير 2007، أي بعد ثلاثة أشهر فحسب من وضع الناخبين الأميركيين القلقين من الحرب حداً لسيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، اعتقدت نسبة لا تتجاوز 30% من الناخبين الأميركيين بأن المجهود العسكري الأميركي الذي يبذل في العراق يسير على ما يرام. بينما قال ثلثا الذين استطلعت آراؤهم إنه يسير بشكل سيئ. وقد بات في حكم المؤكد أن قضية العراق سوف تساعد في ارتقاء مرشح ديمقراطي إلى سدة الحكم في البيت الأبيض.

عندها، اتخذ جورج دبليو. بوش واحداً من أهم قرارات فترة رئاسته. فبدلا من الانسحاب من العراق -كما طالب كل من أوباما وكلينتون والكونغرس الجديد المسيطر عليه ديمقراطيا- دفع الرئيس بوش بالمزيد من القوات إلى هناك. وبدلا من أن يعيد القوات الأميركية إلى الوطن، مثلما فعل غوردون براون وتوني بلير، قام بتمديد فترة الخدمة، وأعطى تعليماته للجنرال بترايوس من أجل بذل جهد أكثر عداء وشراسة ضد التمرد.

لم يكن ذلك القرار يتعلق بكسب حرب العراق فحسب - على الرغم من أن ذلك كان بكل بوضوح هو العامل الرئيس-، وإنما عكس القرار نظرة بوش إلى مكان أميركا في العالم. ذلك أن وجهة نظر الديمرقراطيين والأوروبيين القدماء ومعظم ذوي النزعات التعددية تتركز على أن أميركا سوف لن تحترم أبداً ثانية إلا عندما تخضع للأمم المتحدة وquot;للرأي الدوليquot;. لكن الرئيس لا يصدق ذلك، وكذلك هو حال مككين. إنهما يعلمان أن أميركا لا تستطيع أبداً أن تتبع quot;الرأي الدوليquot;، وبأن أكثر مسالكها وثوقاً هو أن تكون نصف- محترمة يعنى بالنسبة لها أن تكون قوية وكفؤة. وقد فهم الرئيس أن هيبة أميركا، من دون تحقيق انتصار معقول في العراق، ربما ستغرق لفترة تمتد إلى عمر جيل.

كنت قد استخدمت الإحصائيات الميدانية من قبل لتسجيل مدى التقدم الذي حققه تغيير بوش الجسور في الاتجاه. وقد كان هناك انخفاض في حدة العنف بلغت نسبته 60%. وبعد أن ضاق شيوخ وزعماء القبائل ذرعا بالعنف المميت الذي تسببت به القاعدة، ضموا صفوفهم إلى صفوف القوات الأميركية لإعادة فرض السيطرة على الشوارع. وقد نجم عن ذلك قتل العديدين من القادة الرئيسيين للتمرد. وفي الغضون، تحول الرأي العام الإسلامي في كثير من بقاع العالم بشكل ملحوظ ضد التفجيرات الانتحارية وغير ذلك من أشكال التطرف.

كان الرئيس بوش قد لخص ذلك التغيير بالكلمات التالية:

quot;قبل سنة، كان أعداؤنا يحققون نجاحات في جهودهم الرامية إلى إغراق العراق في أتون الفوضى. لذلك، قمنا بمراجعة استراتيجيتنا وغيرنا المسار، وطرحنا فكرة quot;الزيادةquot; في عديد القوات الأميركية في العراق. وكلفنا قواتنا بمهمة جديدة: اعملوا مع القوات العراقية لحماية الشعب العراقي، وتعقبوا العدو في تحصيناته، واحرموا الإرهابيين من الملاذ الآمن في كل مكان في البلاد. وقد أدرك الشعب العراقي سريعاً أن ثمة شيئا دراماتيكياً قد حدث. أما أولئك الذين أعربوا عن القلق من أن أميركا كانت تعد العدة للتخلي عنهم، فقد رأوا -على النقيض من ذلك- عشرات الآلاف من القوات الأميركية تتدفق على بلدهم. لقد شاهدوا قواتنا وهي تتقدم إلى الأحياء والضواحي وتطهرها من الإرهابيين، وتبقى فيها للحيلولة دون عودة العدو إليهاquot;.

نعم، لقد لاحظ الرأي العام الاميركي، إذ يجد أحدث استطلاع أجراه معهد quot;بيوquot; أن ما نسبته 48% من الأميركيين باتوا يوافقون الآن على أن العمليات العسكرية في العراق تسير على ما يرام، وهي زيادة مقدارها 18%. وثمة أغلبية ضئيلة تعتقد الآن بأن الجهد الأميركي المبذول في العراق سوف ينجح.

سرعان ما تنتهي قريبا المنافسة الجارية بين باراك أوباما وهيلاري كلينتون. وعندئذ ستوضع الخطابة المعادية للحرب التي ساعدت في منح الطاقة للديمقراطيين قيد الاختبار أمام الطائفة الأوسع من الناخبين. كما سيواجه مرشح الحزب الديمقراطي للرئاسة اختبار بحث من جانب مرشح الحزب الجمهوري جون مككين. وقد يشجع الرأي العام السائد كما والرأي العسكري أوباما أو كلينتون على التخفف من التزامهما بإعادة القوات إلى الوطن، لكن ذلك سيضع تحت الخطر أصواتاً حاسمة بالنسبة لهما، وربما يتسبب في انشقاق الائتلاف الذي يريده المرشح الديمقراطي حتى يحقق الفوز.

بدوره، سيسأل مككين الشعب الأميركي عما إذا كان الوقت قد حان الآن للانسحاب من العراق حين يبدو التقدم جليا، لكنه ليس مضمونا بالكامل. وسينضم إليه العديد من القادة العسكريين والمتقاعدين من حرب العراق الذين سيسعون للحصول على تأكيدات تتعلق بتحديد الموعد الذي تنتهي مع حلوله المهمة. وبالطبع، سيكون هناك العديد من الناس المعادين للحرب في الجانب الآخر من النقاش، لكن الحرب لم تعد موضوعا رابحا بالنسبة للديمقراطيين. ربما تكون هناك إعلانات فيديو قيد الإنتاج أصلاً، والتي ستحذر الناخبين الأميركيين من تبعات الانسحاب السريع، وتخميني بأنها ستكون من تقديم المتقاعدين العسكريين الذين سيدفعون بأن خدمتهم لم تكن بلا غاية ومن أجل لا شيء.

قبل سنة، لم يكن ذلك ليخطر على البال، لكن الحرب في العراق يحتمل جداً أنها ستضمن أن يكون الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة بطلاً من أبطال حرب فيتنام: جون مككين.