سلام خياط
(سأخاطب الحكماء فأبعدوا الجهال) سقراط
لا أدعَي معرفة بأسعار المسدس أو البندقية (الكلاشينكوف ) او ثمن الرصاص، لكني أحدس يقينا أنه ليس ثمنا بخسا ولا زهيدا.ومن ثم فالمبلغ ليس فائضا على دخل الفقراء ومحدودي الدخل. فمن يا ترى ذاك البالغ الثراء الذي يزود هذه المجموعات المتنافرة، في بقاع الأرض الملتهبة بكل ذاك العتاد مد بصرك حيثما الخارطة وتمعًن في تضاريس الكرة الأرضية، واخبرني، أي المناطق المتخلفة في العالم تلك التي اخترعوا لها اسما جميلا ( الدول النامية ) لا يستهلك من البنادق والرصاص أكثر مما يستهلك من القمح والرز والفاكهة ؟ ولا ينفق على ميزانية التسليح أضعاف ما ينفق على التعليم ؟ ولا يسعى لتصعيد اساليب الحرب أكثر من سعيه لتطوير سبل المعرفة.
مذ غدت السياسة هي اللعبة المفضلة في دول العالم الثالث شعوبا وحكومات ولغة التفاهم بالسلاح تغوي افئدة الحكام وتسلب ألبابهم وتستدرجهم لإتمام اللعبة حتى النفس الأخير .
الدول المبتلاة ndash; التي اسمها الدول النامية ndash;غدت مسرحا لتجارب الدول الكبرى. عمليا ونظريا،،سرًا وجهراًً.قسراً او رضاً، لا ينشغل المرء باستنطاق العلوم، ولا بتنمية المعارف ولا تطوير المهارات، ولا.. ولا، بل غدا شغلهم الشاغل : كيف احصل على سلاح اقتل به جاري الذي يخالفني الرأي او تخويفه، او الدفاع عن النفس عندما يجد الجد.
الغريب في الأمر ان الدول المتقدمة التي تصنع السلاح والتي تسعى لتحديثه وتطويره بجعله اشرس فعالية وأشد فتكا وتجهد محمومة لخلق اسواق دائمة لاستيعابه وافتعال اساليب ذكية لتصريفه...هذه الدول هي نفسها التي توفر للبحاثة والعلماء على اراضيها كل ما يحتاجونه من مراكز بحوث مذهلة التقنية وتضمن لهم ظروف عمل وامتيازات لا يمكن توفيرها الا في جنات النعيم ،لينصرفوا لإثراء العلوم والمعارف ،وإغناء الحقل البشري بالمزيد من الاكتشاف والاختراع ،ابتداء من التدخل بهندسة الجينات الى تصعيد الذكاء الصناعي في أجهزة الكومبيوتر الى محاولات زرع الدماغ، الى النزوع المتعاظم لغزو الفضاء واستكناه سر الكون الى..
أوردت إحدى النشرات المناهضة للحروب أن الدول المنتجة للسلاح، تنتج سنويا ما يكفي لتدمير الكرة الأرضية بما عليها من زرع وضرع وبشر . ولأن هذه الكميات الهائلة لا يمكن خزنها لأكثر من سنتين او ثلاث (لدواع عديدة) اذن..لا بد لهذا السلاح من سوق للتصريف ولا بد بعد التصريف من عمليات للتجريب ولا بد بعد التجريب من محاولات للتحديث وهنا يكمن جوهر المأساة......
الدراسات التحليلية التي تجريها مراكز الاستطلاع المعتمدة استبعدت قيام حرب بين اميركا وروسيا. وامكانية اندلاع حرب بين بريطانيا،معدوم وبين المانيا والسويد ،مستحيل، وبين اميركا ودول اوروبا بعيد الاحتمال ،وبين اليابان والصين مؤجل، فإن التنور المسجر في لعبة السلاح ..صانعين وبائعين، وسطاء ومشترين، حكاما ومحكومين، سيكون بالتأكيد العالم الثالث، موارد وبشرا ومستقبلا،
لا مفر من الانصياع - كما يبدو - وما من خيار امام حكومات دول العالم لعقد صفقات أسلحة تنتحل أسماء شتى، لا تعدو بعد ان ننزع عنها غلالاتها وبراقعها ndash; ان تسفر عن وجهها الحقيقي دون مساحيق او ألوان.. فإذا هي عقود إذعان . مع سبق الإصرار.
امام هذه المعضلة الشائكة ،، ماذا لو تنادى الحكماء في تلك البلدان على عقد صفقات ( جنتلمان ) يستعيضون بها عن استيراد اجهزة الموت والدمار والتخريب، بأجهزة لإدامة الحياة وعمارة الأرض والإنسان ....مستلزمات مدارس ..مستشفيات .. مراكز ابحاث ..مختبرات .. مبيدات قوارض.. جرارات ..محطات توليد الكهرباء..مبازل وسدود ومعامل تحلية المياه، ملاعب.. أندية ..وسائل تقنية..و..و..
أمّنا الأرض تستغيث، وتستجير بالحكماء والعقلاء من الأبناء والأحفاد ان يعيدوا للأراضي المنتهكة حرمتها وقدسيتها . وللإنسان آدميته المستلبة
أمنا الأرض تتمخض فلنجنبها عاقبة ولادة متعسرة لمواليد لا أكثر من مسوخ قردة، أو فئران تجارب.














التعليقات