بن كسبيت - معاريف

33 سنة بالضبط تفصل بين العملية امس في quot;مركاز هرافquot; في القدس والعملية في فندق سافوي في تل أبيب. كان هؤلاء في حينه رجال ابو جهاد الذين تطلعوا للثأر من عملية quot;ربيع الشبابquot; في بيروت.
فقد تسللوا الى تل أبيب عبر البحر، سيطروا على الفندق ولم يُقتلوا الا بعد بضع ساعات، ولكن ليس قبل أن يقتلوا رهائن واثنين من مقاتلي الجيش الإسرائيلي. ليس واضحا بعد من نفذ العملية أمس ومن بعثهم. ولكن المبدأ مشابه جدا. الثأر. لغزة، ولعماد مغنية، للعملية في سوريا، ولشيء ما. وزير الدفاع اليوم هو ايهود باراك، باراك عملية quot;ربيع الشبابquot; نفسه. وهكذا فان البحر بالفعل هو البحر ذاته. العرب واليهود ـ أيضا. لا شيء حقيقيا تغير منذئذ وحتى اليوم.
العملية في سافوي وقعت بعد حرب يوم الغفران، التي كانت آخر الحروب الكبرى التي حاولت فيها الدول العربية الانتصار على دولة إسرائيل. منذئذ، مرت 35 سنة، أُغلق هذا الخيار في وجه العرب. فقد فهموا بانهم لن يهزموا إسرائيل من خلال الحرب. وتوجهوا الى طريق الارهاب. والعرابة الكبرى للمجهود الارهابي هي بالطبع ايران، التي تستخدم وحداتها المتقدمة في لبنان، في غزة وفي سوريا ايضا. الطريقة: الحرب النفسية، الضعضعة المتواصلة للاحساس بالامن الذاتي، المس الجسدي من خلال الصواريخ ومنفذي العمليات الافراد، استغلال نقاط الضعف والخوف لدى الطرف الاخر وبالاساس حقيقة أن الحديث يدور هنا عن مجتمع غربي، ليبرالي نسبيا، حساس تجاه حياة الانسان، حتى لدى الطرف الاخر، ومكشوف امام الاعلام.
إسرائيل غير قادرة حتى على اطلاق النار نحو اولئك الذين يطلقون الصواريخ على مواطنيها. هذه المواجهة quot;غير المتماثلةquot; التي يجد طرف ما فيها يديه مكبلتين، فيما أن يدي الطرف الاخر ملطختان بالدماء.
ثلاثة قادة مناطق من الجيش الإسرائيلي يوجدون في حالة تأهب عليا. يوآف غلانيت، في قيادة المنطقة الجنوبية، حيث توجد حرب. غادي شماني، في المنطقة الوسطى، يُبقي ابو مازن مع الرأس فوق الماء حيال حماس الاخذة في التعاظم. في الشمال، غادي آيزنكوت يجلس على برميل من البارود. الارض تهتز في شمالي البلاد، بهدوء حاليا، ولكن الوضع يمكن أن يتغير في كل لحظة وان يشتعل. سوريا لا تزال تبحث عن ثأر لما حصل في شهر ايلول اياه. حزب الله يشتاط غضبا على عماد مغنية. السؤال الحقيقي هو ليس اذا كان سيحصل شيء وهل يأتي الرد، بل اين ومتى.
أمس عقد لقاء تنسيق امني بين قائد فرقة الضفة العميد نوعام تيفون، ونظرائه الفلسطينيين. ليس لدى السلطة الفلسطينية في الضفة حتى الان قدرة حياة مستقلة خاصة بها. وحدها حراب الجيش الإسرائيلي تمنع حماس من السيطرة العامة على المنطقة التي توجد حول كفار سابا ونتانيا. ما حصل في غزة الاسبوع الماضي أضعف ابو مازن أكثر فأكثر. هذه المفارقة التي لا تطاق، والتي بموجبها اذا كنت لا تعمل حيال حماس، فانت في مشكلة واذا كنت تعمل حيال حماس، فانت في مشكلة ايضا، لان ابو مازن في مشكلة، وبعد ذلك ستتوق اليه.
هذه هي المعضلة التي يقف امامها اصحاب القرار. ايهود اولمرت، ايهود باراك وتسيبي لفني. كيف التصرف الان. ما العمل. هل نعطي ضوءا أخضر لعمر سليمان لمحاولة الوصول الى هذه التسوية أو تلك مع حماس وباقي منظمات الارهاب؟ هل ثمن مثل هذه التسوية مجد ومعقول من ناحية إسرائيل؟ أم هل ينبغي الشد على الشفتين، اغماض العينين، والصلاة ومواصلة الاتجاه الحالي للتصعيد، عملية تتلو ضربة تتلو عملية للجيش الإسرائيلي في أعقاب احباط يأتي بعد تصفية، وهكذا دواليك، الى أن يتحطم احد الطرفين؟
هذا الجدول لـquot;معquot; وquot;ضدquot;، مركب وعسير على الحمل. المسؤولية كبيرة. ولكل هذا ينبغي أن يضاف بالطبع جلعاد شليت، الحي والمعتقل لدى حماس، الادارة الاميركية التي تفقد الصبر تجاه الوضع، المجتمع الإسرائيلي المدمن على هدوئه، حتى وان كان مؤقتا او زائفا، والوضع السياسي الداخلي المعقد.