فما كان ممكناً قبلها لن يكون ممكناً بعدها

بيروت - quot; الراي quot;

لم تقتصر laquo;السلبياتraquo; التي ميزت الدعوة السورية للبنان لحضور القمة العربية على laquo;الشكلraquo;، بل اعتبرت في بيروت بمثابة مؤشر لاستمرار موقف دمشق على حاله من الملف اللبناني عشية استحقاقين هما: موعد الجلسة الـ 17 لانتخاب رئيس للجمهورية في 25 الجاري والقمة العربية في سورية في 29 و30 منه.
وبدا ان طريقة الدعوة وتوقيتها وملابساتها، جعل بيروت تدرك ان لا امكان لاحداث اي اختراق ايجابي، اقله قبل القمة العربية، رغم ما اشيع عن احتمال حصول تعديل في موقف دمشق، انطلاقاً من حركة مشاورات اقليمية متنقلة بين اكثر من عاصمة، كان آخرها في قمة دكار الاسلامية.
واللافت كان ان الدعوة التي حملها laquo;معاونraquo; وزير الخارجية السوري السفير احمد عرنوس الى بيروت laquo;على حين غرةraquo; ومن دون موعد، وسلّمها الى وزير الخارجية laquo;المستقيلraquo; فوزي صلوخ قبل ان يخرج من الباب الخلفي للوزارة، جاءت من رئيس الوزراء السوري الى رئيس الوزراء اللبناني، لا من الرئيس السوري الى رئيس مجلس الوزراء اللبناني المنوطة به صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة.
ولهذا السبب قيل في بيروت ان الدعوة تمت على طريقة laquo;تعا ولا تجيraquo; وأشبه بـ laquo;تهريبةraquo; انتظرت وجود رئيس الحكومة فؤاد السنيورة خارج البلاد (في قمة دكار) وسلّمت لوزير laquo;معارضraquo; يتردد الى الخارجية لـ laquo;تصريف الاعمالraquo;، وهو الامر الذي قوبل باستياء عارم من قوى الغالبية البرلمانية (الاكثرية).
وبعيداً عن الشكل، فان اوساطاً سياسية بارزة رأت في هذه الاشارة السورية واحداً من مجموعة عوامل سلبية بدأت ترسم ملامح لوحة قاتمة ينتظرها الوضع في لبنان، والابرز فيها:
gt; سقوط اي احتمال لانتخاب رئيس جديد للبنان في 25 الجاري، ما يعني انه ما كان ممكناً قبل القمة العربية على هذا المستوى لن يكون ممكناً على الاطلاق بعد القمة، وهو ما فسّر كلام الرئيس الايراني احمدي نجاد للرئيس العراقي جلال طالباني بان لا انتخابات رئاسية في لبنان قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية.
gt; الاتجاه المتزايد لمقاطعة لبنان قمة سورية لسببين بارزين، اولهما تحميل دمشق مسؤولية عرقلة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، وثانيهما الطريقة المهينة التي تمت بها الدعوة الى القمة.
gt; توقع خروج قمة سورية بانقسامات اكثر حدة على المستوى العربي، الامر الذي قد يترجم في لبنان عبر التصدع المتزايد لـ laquo;الفراغ الملغومraquo;.
gt; احتمال laquo;تحميةraquo; سورية وايران للموقف في المنطقة مع وصول نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني الى المنطقة، على غرار ما رافق جولة جورج بوش اخيراً.
gt; الكلام المتزايد عن انفجار الموقف بين laquo;حزب اللهraquo; الذي كان توعد بالرد على اغتيال قائده العسكري عماد مغنية واسرائيل التي اعلنت صراحة رغبتها في شنّ حرب تتحضر لها.
gt; تقارير تتحدث عن حشود متقابلة، اسرائيلية على الحدود مع لبنان، وسورية في محاذاة البقاع اللبناني، لا سيما البقاع الغربي.
كل هذه المعطيات بدأت تؤخذ في الحسبان، في الوقت الذي استمرت في بيروت تداعيات الدعوة السورية laquo;الملتبسةraquo; للبنان الى القمة.
وكانت مصادر مرافقة للرئيس فؤاد السنيورة إلى دكار قالت إن تسليم دعوة لبنان الى القمة العربية لوزير الخارجية المستقيل laquo;تذاكٍ ولعب على التناقضات وتركيز على الشكل لا على المضمونraquo;، مشيرة الى أن laquo;الدليل هو أن دمشق اختارت التوقيت الذي يكون فيه السنيورة مسافراً لتسليم الدعوة لوزير خارجية مستقيل هو في صف المعارضة، فيما لو صفت النيات لكان في إمكان سورية أن تسلم الدعوة للسنيورة عن طريق نائب الرئيس السوري فاروق الشرع الذي يمثّل بلاده في القمة الإسلامية والذي صافح السنيورة داخل قاعة الاجتماعاتraquo;.
ولفتت الى laquo;ان سورية وجهت الدعوات الى الدول العربية الاخرى بطريقة مختلفة عن دعوتها لبنان، اذ كانت الدعوات من الرئاسة السورية الى الدول العربية، اما في حال لبنان فوجهت الدعوة من رئيس الوزراء السوري الى رئيس الوزراء اللبنانيraquo;.
في المقابل، رأت أوساط رئيس البرلمان نبيه بري في الأسلوب السوري لدعوة لبنان إلى القمة laquo;أمراً طبيعياًraquo;، معتبرة أن laquo;الخطوة السورية كانت مخرجاً ذكياً لأزمة توجيه الدعوة وفق الأصول المتبعةraquo;. وأشارت إلى أن laquo;الكرة أصبحت في ملعب الفريق الحاكم لتقرير المشاركة في القمة العربية أم لاraquo;، مذكّرة بموقف بري الذي كان قد أعلنه قبل أسبوعين بأنه لا يمانع مشاركة السنيورة في قمة دمشق laquo;لأن الحكومة حكومة أمر واقع على الرغم من عدم شرعيتهاraquo;.
وكشفت أوساط بري أن أسلوب توجيه الدعوة نُسِّق سورياً مع جامعة الدول العربية.
في موازاة ذلك، كان لافتاً الموقف الأميركي الذي صدر بعيد توجيه الدعوة الى لبنان اذ دعت الولايات المتحدة الدول العربية الى laquo;التروي قبل اتخاذ قرار بالمشاركة في القمة العربية في دمشق بسبب المشاكل التي تعترض انتخاب رئيس جديد في لبنانraquo;.
وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك: laquo;لا نريد السعي الى ان نملي على المشاركين طريقة تصرفهم (...) الا انهم عندما يفكرون في المشاركة في اجتماع سورية من الواضح انه سيكون من مصلحتهم ان يبقى في ذهنهم الدور الذي قامت به سورية حتى الآن لمنع العملية الانتخابية في لبنان من المضي قدماraquo;.
واضاف: laquo;اسجل ان الدعوة وجهت الى السنيورة الذي يتولى بحكم الامر الواقع صلاحيات الرئيس بالوكالة (...) في امكانكم ان تسألوني: لماذا هو رئيس انتقالي؟ لأنه لم تحصل انتخابات رئاسية في لبنانraquo;.
ولم يتهم ماكورماك سورية مباشرة بمنع حصول الانتخابات، لكنه قال: laquo;يجري الكلام كثيرا على قوى خارجية تمنع بشكل او بآخر هذا الانتخاب من الحصول... كثيرون سموا سورية بين الذين يعرقلون اجراء هذه الانتخاباتraquo;.
وفي المواقف، اعلن وزير الاتصالات مروان حماده laquo;ان الحكومة ستجتمع لتتخذ القرار المناسبraquo; بالمشاركة في قمة دمشق او عدمها، وقال: laquo;في الاصل، لا نرى ان ملف لبنان من الممكن ان يفتح ويناقش ويبت في اجتماع يترأسه (الرئيس السوري) بشار الاسدraquo;.
واكد حماده بعد استقباله القائمة بالأعمال الاميركية ميشيل سيسون وسفيرة بريطانيا فرنسيس ماري غاي laquo;اننا نصر على انتخاب رئيس كي يكون جالسا في مقعد لبنان ويمثل الدولة المؤسسة لجامعة الدول العربيةraquo;، مضيفاً: laquo;لا يمنن احد بحضور القمم. فالمؤسسة هي ملكنا، وشاركنا في القمم العربية منذ بداياتها، وتاليا ليس الامر في يد الرئيس السوري كي يتصرف بلبنان وبسيادته على الطريقة التي تصرف بها حتى الآنraquo;.
ورأى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية جان أوغاسابيان laquo;أننا كنا نتمنى أن تأتي دعوة لبنان إلى القمة العربية وفق الأصول المعتمدة في الجامعة العربية، أي ان تكون موجهة من الرئيس السوري الى رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي تناط صلاحياته اليوم وكالة بمجلس الوزراء نظرا لحال الفراغ القائم. ولكن، كان هناك انتظار ليكون دولة الرئيس فؤاد السنيورة في الخارج لتوجيه الدعوة، فضلا عن أن وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ كان قد بُلغ بأن يتحفظ عن الطريقة التي وجهت فيها الدعوة، ولكن هذه الأمور لن تكون مؤثرة في القرار الذي سيُتخذ في عملية حضور لبنان أو غيابه عن هذه القمةraquo;.
ولفت إلى أن laquo;ثمة من يسعى الى جر البلاد الى سجال حول طريقة دعوة الحكومة بهدف إنهاء المبادرة العربية والقضاء عليها والتأكيد انها اصبحت امام طريق مسدودraquo;، موضحاً أن laquo;الحكومة لن تستبق الدول الشقيقة التي تقف الى جانب لبنان فيما خص انجاز هذا الاستحقاق الرئاسي، ونحن في انتظار التشاور مع هذه الدول والتنسيق في شأن مستوى تمثيلها في القمة، إنما وفي حال عدم انتخاب رئيس جديد للبنان لا يجوز أن يكون لبنان حاضرا في هذه القمة وتصوير الأمر على ان دعوة الحكومة اللبنانية تكفي لإنجاز القمة ورفع مستوى التمثيل العربي (...) وثمة وتوجه عام لدى العديد من الوزراء لعدم حضور لبنان لتأكيد أن الوضع غير طبيعي في لبنان، ويجب تغييرهraquo;.
ووصف الوزير السابق غسان سلامة الذي كان يتحدث من نيويورك الى برنامج laquo;كلام الناسraquo; من laquo;المؤسسة اللبنانية للارسالraquo;، الدعوة السورية الى السنيورة بأنها laquo;مهينةraquo;. وقال ان رأيه laquo;في المطلق انه يجب عدم مقاطعة القمة العربية لتكريس هذا الانجاز الدوريraquo;. لكنه انتقد تحوّل القمم العربية laquo;لياقات للداعي والمدعوين وتفخيم للأدوار وحفلة شايraquo;، مضيفاً: laquo;ان الطريقة التي وجهت فيها الدعوة (السورية) مهينة فعلا، إذ انتظروا غياب السنيورة وارسلوا مندوبا هو من غير مستوى الموفدين الآخرين، كما وجه الدعوة رئيس الحكومة السوري في حين يجب ان يوجهها رئيس الدولةraquo;.
ونصح سلامة السنيورة بعدم التفكير في الذهاب الى القمة laquo;إن لم يُدع بالطريقة التي تحترم كرامة جميع اللبنانيينraquo;.