تركي الدخيل
مليون باكٍ يبكيون شاعر المليون، ومليون الشاعر، بين قائل إنها مؤامرة، وراءٍ أنها استغلال لشعراء السعودية، ورافض للبرنامج، حتى ملأ البرنامج الدنيا، وشغل الناس، لكن مهند جبريل أبو دية، لا بواكي له!
دعوات للمقاطعة، وأخرى للاحتجاج، وثالثة تحلل، ورابعة تنقد، وعاشرة تنتصر، وتشجب وتستنكر... أما مهند، فلم يتذكره إلا بضعة أشخاص!
مهند الشاب الذي وصفه صديقنا المثقف الجميل نجيب الزامل بأنه quot;شابٌ من عباقرة الأرضquot;، مؤكداً أنه يعني هذا اللقب تماماً، فمهند فاز على مجموعات ذكاء من شباب الدنيا بمسابقات عالمية، ومخترع لعدة اختراعات منها الغواصة التي سماها quot;صقر العروبةquot; تيمناً بعاهلنا عبدالله بن عبدالعزيز.
بترت قدم مهند، العشريني الذي يفوح ذكاء وشباباً وحباً للوطن، بسبب تلكؤ المسعفين، وتأخرهم في بلوغ المستشفى المناسب، فتأخر وصوله للمستشفى المجهز 60 ساعة، مما استلزم بتر الساق!
دفع مهند رجله اليمنى ثمنا للامبالة، وهل يعوض الأسف والاعتذار رجلاً قدمه؟!
فسدت الدماء في رجل المخترع الصغير، وازرق اللحم مع تأخير الإسعاف، فلم يكن من دواء إلا البتر!
لك الله يا مهند، فلا بواكي لك، ولو كنت في مجتمع طبيعي لبكاك ربع الذين بكوا شاعر المليون، ولكنها صناعة الأهمية!
من يضمن لنا ألا يتعرض مهند الآخر، والثالث، والعاشر، اليوم، وغداً وبعد غد، لما حدث لمهند جبريل أبو دية؟!
بل من يعتذر أصلاً لما حدث للشاب النابغة؟!
من يعتذر له، ولنا، وللشعب، وللأمة؟!
إن الإشكالية في التعاطي السلبي مع الحالات الحرجة عند إسعافها، تقع مع كل حالة إنسانية، وحديثنا عن النابغة أبو دية، أقال الله عثرته، وإن كان لخصوصيته، إلا أنه حديث يجب أن نقوله مع كل حالة إنسانية تتعرض لإهمال كهذا.
الأزمة تتماثل في إسعاف الإنسان، إن كان غبياً أو ذكيا، فالغباء لا يلغي الإنسانية!
التعليقات