سعد محيو

الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يريد ldquo;القضاء التام على الإدارة الفاسدة للعالمrdquo; وإقامة إدارة جديدة مكانها، كما قال في مشهد.

ما الترجمة العملية لهذا الشعار ldquo;العالميrdquo;؟

ثمة ترجمة واحدة: القضاء على النظام الرأسمالي العالمي، الذي باسمه ومن أجله تخوض زعيمته أمريكا مجابهاتها مع إيران وثمة طريقة واحدة: التخلي عن سياسة الوفاق مع الغرب ومواصلة نهج المجابهة، انطلاقاً، كما يقول الرئيس الإيراني، ldquo;من حقيقة وجود حرب تاريخية بين المضطِهدين( الغرب) وبين عالم الإسلام. والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي في الخط الأمامي لهذه الحربrdquo;.

بيد أن دارسي خطاب نجاد وسياساته، خاصة منهم ldquo;مجلس العلاقات الخارجيةrdquo; وrdquo;مجلس السياسة الخارجيةrdquo; الأمريكيان، يعتقدون أن الجذر الحقيقي لاندفاع نجاد نحو نهج المجابهة، يكمن في نزعته الإيديولوجية الثابتة منذ وصوله إلى الرئاسة.

لكن، وحتى مع هذه النزعة الإيديولوجية العميقة، لا يختلف الرئيس نجاد بشيء في الواقع عن بقية سرب قادة العالم الثالث الذين رفعوا شعاري الكرامة والاستقلال عن الهيمنة الغربية. حقبة الخمسينات والستينات كانت تعج بمثل هؤلاء القادة، من ناصر وبن بيلا إلى نهرو وغاندي ومن نكروما ولومومبا إلى سوكارنو وجيفارا، الذين حاولوا هم أيضاً ldquo;تغيير إدارة العالمrdquo;. وقد امتلك هؤلاء القادة آنذاك ميزتين: وجود الاتحاد السوفييتي كداعم لهم من وراء الكواليس، وتبلور حركة عدم الانحياز كلاعب رئيسي في الشؤون الدولية.

هاتان الميزتان يفتقدهما نجاد معاً. فحركة عدم الانحياز باتت هيكلاً عظمياً لا يكسوه ولو إنش واحد من اللحم. وروسيا والصين أصبحتا رأسماليتين ولا تطمحان سوى إلى مشاركة الغرب في قضم جزء من كعكة النظام الرأسمالي المتعولم. وهذا ما يجعل ldquo;تغيير إدارة العالمrdquo; في هذه المرحلة من رابع المستحيلات. فماذا سيفعل نجاد؟

لا شيء في الواقع، عدا مواصلة خطبه اللاهبة ضد ldquo;الإدارة العالمية الفاسدةrdquo;. ثم انه ليس مضطراً لفعل أي شيء. فالقرار الحقيقي في السياسة الخارجية ليس في يده بل في جيب مرشد الثورة خامنئي. الذي يدير موتور هذه السياسة منذ 18 عاماً ليس بوقود الإيديولوجيا، بل بزيت ldquo;الكتمانrdquo;. وهذا ما جعله يبرع في التعاطي مع الغرب وفق ما تقتضي الظروف، مرة بوجه براغماتي(كرفسنجاني) أو إصلاحي(كخاتمي) حين كانت موازين القوى لغير مصلحة طهران، ومرة بوجه متصلب (كنجاد) حين انقلبت الموازين نسبياً إلى جانبها العام 2004.

الآن، الموازين لا تزال تبدو لصالح طهران. ولذا ثمة فائدة من توجهات رئيس ناري كنجاد. لكن هذا شيء، وتغيير ldquo;إدارة العالمrdquo; شيء آخر مختلف تماماً. فخامنئي البراغماتي لا تراوده قطعاً مثل هذه الطموحات.