راشد محمد الفوزان
الآن يعيش الجميع أزمة ارتفاع الأسعار للغذاء وغير الغذاء، ولكل يطرح الآن الأسباب لهذا الارتفاع للأسعار ولكن وسأركز على أزمة ارتفاع الغذاء فقط، والتي نلحظ الآن تبريرات بالأسباب أو من هم المتسببون بارتفاع الغذاء، فمرة التجار ومرة العملة ومرة الوقود العضوي أو ارتفاع مستوى الدخل في دول لم تكن تستهلك كما تستهلك الآن مثال الصين والهند، وهذا صحيح ولكن هذه ليست أسباب هذه نتيجة تحدث لأن السبب الرئيس الأساسي هو قلة الإنتاج . والنظرية الاقتصادية البسيطة التي تتحدث عن قانون العرض والطلب تفسر ذلك، فحين يزيد الطلب ويقل العرض يؤدي لارتفاع الأسعار، وزيادة العرض وقلة الطلب تخفض الأسعار . هذا مبدأ بسيط لنظرية الطلب والعرض، الآن العالم يعيش مشكلة الندرة أو بمعنى أدق شح الإنتاج في الغذاء، وشح الغذاء يأتي بعدة أسباب، منها الجفاف وقلة المياه، وتحسن القوى الشرائية في دول كبرى . وقلة الإنتاج هي الأساس الذي خلق الأزمة العالمية في الغذاء، مع تزايد سكاني لا يتوقف ومتسارع جدا، لن تجدي سياسة الدعم التي تمارسها الدول، فهل كل الدول لديها القدرات المالية لتستمر في الدعم المالي؟ بالطبع غير موجود هذه القدرة وهي غير مستدامة فلا بد أن يأتي يوم وتتوقف أو تقل لسبب زيادة الدخل وارتفاع الإنفاق . ان نقص الإنتاج لأسباب كثيرة، فنضرب مثال لدينا بالمملكة نتجه إلى وقف زراعة القمح خلال ثماني سنوات إذا توقف إنتاج ما يقارب 2.5مليون طن من القمح، مصر أوقفت التصدير للأرز والقمح، استراليا انخفض إنتاجها بسبب الجفاف، زاد الطلب في الهند والصين وكثير من الدول بسبب تحسن الدخل، الولايات المتحدة وجهت للزراعة العضوية للقمح، ارتفاع أسعار الطاقة فاتجه المزارع الأمريكي للبديل الوقود من زيت الصويا وغيره . إذا مشكلة انتاج سببها نفط مرتفع جفاف مياه وزيادة استهلاك، فماذا يجدي الدعم الحكومي في ظل قلة الإنتاج، بل الدول ستخلق أزمة إضافية بسبب الدعم، لأن ميزان العرض والطلب يعاني الخلل وهذا هو أساس المشكلة . حين كانت بلادنا تنتج القمح والأعلاف والأمطار تغطي البلاد بحمدلله لم نكن نعاني من مشكلة شح الأعلاف أو الدقيق كما هو الآن، ولكن حين حصلت أزمة المياه لدينا واكتشفنا أن المياه لدينا تهدر وتتناقص توقف الزراعة، وهذا مثال ينطبق على العالم ككل، أي أزمة الإنتاج لا أزمة أموال أو غيرها.
على الدول الآن أن تبحث عن فرص جديدة في الزراعة زيادة الإنتاج، كتبت سابقا هنا، أن على الشركات الزراعية والمستثمرين السعوديين أن يستثمروا في البلاد الغنية بالمياه والأرض الخصبة كما هي السودان مثلا الذي يفتقد لرؤوس أموال واستثمارات مالية وهي المتوفرة لدينا، فهل فكرنا بهذا الشيء؟ وهي البلاد التي تستوعب أكبر الاستثمارات . الدول لن تحل مشكلتها بالدعم ما لم تحل مشكلتها بزيادة الإنتاج وفق المعطيات التي نعيشها، فلا دعم ولا جميعات ستحل فكلها مسكنات لمشكلة أكبر وأعمق مستقبلا كما هي مشكلة الرهن العقاري التي لا يعرف أين تتوقف.
التعليقات