خلف الحربي

ملاحظة غير مهمة: كل أحداث هذا الفيلم خيالية، وأي تشابه بينها وبين الواقع هو من قبيل الصدفة المرتبة، وفي نهاية الأمر لن يتم ترشيح هذا الفيلم لجائزة الأوسكار؛ لذلك (مشوا حالكم!).
الرابعة عصرا.. في المطار اتجهت إلى المقهى الأليف ذاته، حيث الألوان الهادئة والعبارات شبه الصامتة، قرأت في الجريدة الخليجية مقالا تسلل عبر الحدود للشاعر والكاتب سليمان الفليح حول مزايا التنقل بالبطاقة الشخصية بين دول الخليج.
الرابعة والنصف عصرا.. تذكرت أن سليمان الفليح كتب قصائد رائعة عن أغلب الحيوانات مثل (الضبع) و(الذئب) و(البطريق)، ولكنه لم يكتب قصيدة في (الكنغر)، وإذا كانت صور سليمان الفليح في تلك القصائد القصيرة قد استمدت من نماذج بشرية حية أسقطها الشاعر على تلك الحيوانات (أو العكس!) فإنه قد تجاهل (الكنغر) مع أنه الوحيد الذي نحتاج إليه كي نقفز فوق هذه الحدود تحقيقا لشعارات التعاون والتواصل والتلاحم.
الخامسة مساء.. أحلم باليوم الذي لا نضطر فيه إلى إبراز بطاقاتنا الشخصية كي نتنقل بين دول الخليج؛ فالإجراءات لم تتغير إلا بتوفير الأختام في صفحات جواز السفر، ولا أظن أن هذا هو المقصود بـ(الحدود المفتوحة).
الخامسة والنصف مساء.. في ممر الطائرة يتحرك أمامي راكب آسيوي يبدو أنه استلهم روح (الحلزون) الذي وصفه الفليح في إحدى قصائده، بينما انشغل المضيفون والمضيفات بإعادة توزيع مقاعد الركاب على أساس (رجال وحريم)، تمنيت من الله أن يكون جاري في المقعد رجلا؛ كي لا أضطر إلى تغيير المقعد! فتحققت أمنيتي حيث كان جاري يشبه (الخرتيت) الذي تحدث عنه الفليح في إحدى قصائده، وكان متحفزا للانقضاض على أي مضيفة تقترح عليه تغيير مقعده.
السادسة مساء.. تبادلت مع جاري المتحفز أحاديث قصيرة لا رابط بينها، ولأنه رجل لطيف فقد بادر بالتعريف بنفسه لأكتشف أن اسمه (بنيه)، رجوته ألا يخبر المضيفة باسمه فأضطر إلى تغيير مقعدي، فانفجر ضحكا حتى خشيت على سلامة الطائرة لحظة إقلاعها.
السابعة مساء.. سألني صديقي (بنيه) إذا ما كنت أعرف سبب تسميته بهذا الاسم، فخمنت أن ذلك عائد لاعتقادات جاهلية عند أسرته؛ حيث كان إخوته الذكور يموتون في سن مبكرة فأسماه أبواه بهذا الاسم ظنا منهما أنهما بهذا الاسم يخدعان الموت، أكد لي صديقي (بنيه) أن تخميني صحيح وأن والديه رزقا بخمسة أولاد بعده، ولكنه الوحيد الذي دفع ثمن هذا المعتقد الخاطئ خصوصا أيام الدراسة، ولكنه اليوم يحب اسمه ولا يفكر في تغييره على الإطلاق، ثم أضاف بخبث: (بيني وبينك أخاف لا جيت أغيره أضطر لعملية جراحية)، ثم أطلق ضحكة مجلجلة أخرى فخشيت على سلامة الطائرة لحظة هبوطها.
السابعة والنصف.. بعد الجوازات كنت أتحدث مع صديقي (بنيه) حين رن جرس الجوال، كان على الطرف الآخر حرمنا المصون سألتني عن سبب ضحكي، فقلت:
ـ أضحك مع بنيه.
ـ أي بنيه؟!
ـ اللي جنبي في الطيارة.
(تم حذف مشاهد العنف في نهاية الفيلم!).