نواف الزرو

لا يزال الرئيس الأميركي جورج بوش يصر في كل مناسبة على أجندته الايديولوجية ـ السياسية ـ الاستراتيجية المتعلقة بما عرف عالميا بlaquo;الحرب على الإرهاب الدوليraquo;، ويصر كذلك على laquo;مشروع الشرق الأوسط الكبير ـ الجديد ـ المتجددraquo; باعتباره الطريق إلى القضاء تماما على الإرهاب.

ويوظف كل ما بين يديه من إمكانات إعلامية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية وغيرها من اجل تكريس ومواصلة هذه الحرب التي لا يبدو وفقا للمعطيات المتراكمة انها على وشك التوقف أو الاستراحة حتى، بل إن ميكانيزم هذه الحرب يتحرك على مدار الساعة وعلى نحو خاص ومبيت جدا في منطقتنا العربية والشرق أوسطية.

ولذلك فإن الأسئلة الكبيرة التي تطرح نفسها هي: إلى أين وصلت هذه الحرب المفتوحة على الإرهاب، وهل نجحت الإدارة الأميركية بتحقيق أهدافها يا ترى، وما دور الإعلام الأميركي والإسرائيلي في ترويج وتسويق هذه الحرب؟

مفكرون جلهم أميركيون شككوا في الأيام الأخيرة ونحن أمام الذكرى السابعة للتفجيرات في الرواية الرسمية الأميركية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر ـ أيلول 2001 ووصفوا تلك الرواية بlaquo;الزائفةraquo; كما جاء في كتاب laquo;الحادي عشر من سبتمبر والإمبراطورية الأميركيةraquo; الذي شارك في تأليفه 11 مؤلفاً.

وقال محررا الكتاب laquo;ديفد راي جريفينraquo; وlaquo;بيتر ديل سكوتraquo;: laquo;إن باحثين لا ينتمون إلى التيار السائد توصلوا إلى أدلة تفند الرواية الرسمية بشأن المسؤول النهائي عن تلك الهجمات التي أصبحت بمثابة الأساس المنطقي وراء ما يقال إنها حرب عالمية على الإرهاب استهدفت حتى الآن كلا من أفغانستان والعراق، وكانت بمثابة المبرر وراء laquo;التدني المسرفraquo; في سقف حريات الأميركيينraquo;، وأكد الباحثان أن اكتشاف زيف الرواية الرسمية بشأن أحداث 11 سبتمبر laquo;يصبح أمرا غاية في الأهميةraquo;.

وفي قصة laquo;الحرب على الإرهابraquo; أيضا كانت صحيفة laquo;برجكت سندكتraquo; قد نشرت في عددها الصادر يوم / 2006/9/2 مقالا بمناسبة انقضاء خمس سنوات ـ آنذاك ـ على تفجيرات نيويورك وواشنطن وlaquo;الحرب على الإرهاب الدوليraquo; يكشف لنا الكاتب فيه حقيقة كبيرة قائلا:raquo; أثبتت لنا الأعوام الماضية أن تعبير laquo;الحرب ضد الإرهابraquo; ليس سوى استعارة زائفة قادت العالم إلى انتهاج السياسات الهدامة وسياسات الدفاع عن الذات، إنها استعارة مضللة تم تطبيقها حرفياً بغرض شن حرب حقيقية على عدة جبهات، منها العراق، وغزة، ولبنان، وأفغانستان، والصومال، وكانت النتيجة خسارة الآلاف من أرواح المدنيين الأبرياء، وإثارة غضب وحنق الملايين من الناس في كافة أنحاء العالمraquo;.

إذن ـ يقول لنا الكاتب وهو laquo;جورج سوروسraquo; بشكل صريح أن الإدارة الأميركية وظفت الإعلام الأميركي وغيرها من وسائل الإعلام المسيطر عليها من قبلها في تسويق خطابها الحربي وشعاراتها التضليلية على الرأي العام الأميركي والدولي بغية تبرير الحروب الأميركية والإسرائيلية العدوانية في المنطقة العربية، أي أن الإدارة الأميركية حولت الإعلام الأميركي إلى إعلام حربي جند تماما بالكامل إلى حد كبير للعب دور مركزي في تبرير وتمرير laquo;أكذوبة الحرب على الإرهابraquo;، في الوقت الذي عملت فيه تلك الادارة على اعتقال الإعلام الآخر المحايد ومصادرة الحريات الإعلامية...؟!!!

ولعل تقرير معهد laquo;كارنغيraquo; للسلام الدولي في واشنطن كان من أهم التقارير والشهادات التي أدانت إدارة الرئيس بوش بالكذب والخداع، حيث جاء فيه: laquo;إن إدارة الرئيس بوش لجأت إلى المخادعة والأدلة المختلقة للمبالغة في حجم الخطر العراقيraquo;، لتأتي بعد ذلك شهادة الرئيس الأسبق laquo;جيمي كارترraquo; .

حيث قال بوضوح: laquo;ان الحرب على العراق قامت على الأكاذيبraquo;، ثم تلحق بها شهادة مستشار الحكومة الأميركية سابقاً وخبير مكافحة الإرهاب laquo;ريتشارد كلاركraquo; الذي أكد laquo;أن الأميركيين صليبيون جدد... ودخولهم العراق كان بالمنشورات والأعلامraquo;.

لنأتي في هذا السياق إلى أهم الشهادات الأميركية حول الإرهاب في وسائل الإعلام وحول الخطاب الإعلامي الأميركي وهي شهادات المفكر الأميركي laquo;نعوم تشومسكيraquo;، الذي قال في كتابه laquo;السيطرة على وسائل الإعلامraquo;: laquo;ان التضليل الإعلامي صناعه أميركيةraquo;.

وأكد: laquo;ان وسائل الإعلام الأميركية تختلق وتزيف الأعمال، تثبت المعطيات والوقائع حقيقة كبيرة ملموسة تتمثل في laquo;أن الماكينة الإعلامية الغربية تسيطر عليها إلى حد كبير اللوبيات اليهودية التي تتغلغل في وسائل الإعلام الغربية، وعلى وجه خاص في الولايات المتحدة، وهناك دراسات كثيرة ظهرت أبرزها كتاب laquo;الخداعraquo; لبول فندلي يتحدث فيه عن سيطرة laquo;ايباكraquo; داخل الولايات المتحدة وعن الهيمنة على الماكينة الإعلامية الخطيرة...!

وهكذا ـ وبينما نتابع تداعيات هذه laquo;الاستعارة المضللةraquo; على الأمة العربية، نتابع في الوقت ذاته كيف تستطيع الدولة الصهيونية تجنيد الإعلام الغربي إلى حد كبير مذهل وراءها ووراء حملاتها الموجهة ضد laquo;الإرهاب العربي laquo;أو laquo;الإرهاب الإسلامي laquo;أو laquo;الإرهاب الفلسطيني laquo;أو laquo;الإرهاب اللبنانيraquo;...!

ولكننا ـ نرى أن الإعلام الرسمي العربي يغيب إلى حد كبير في هذا الإطار، ما يدفعنا للتساؤل حول أهم ملامح الدور الإعلامي العربي في التعاطي مع عملية الخلط المبرمجة ما بين مفاهيم ومضامين وأبعاد laquo;الإرهابraquo;؟!.