حسان يونس

تؤرخ غزة لفصل جديد من فصول الاجرام الإسرائيلي، وما فعلته تل ابيب لم يكن العمل الشنيع الاول، او الاكثر فظاعة، لذلك سيكون من قبيل التهرب من المسؤولية، توجيه اصابع الاتهام اليها وحدها، وتجاهل ان هناك العديد من الاطراف التي تكاتفت معا للدفع باتجاه هذه المذبحة الجديدة.

أول من يتحمل مسؤولية ما حدث، بعد إسرائيل، هو النظام الفلسطيني، وهذا كان على الدوام أقل من طموحات وتطلعات الفلسطينيين، وكنا قد تابعنا جميعا استعداء السلطة الفلسطينية العالم بأسره ضد laquo;حماسraquo;، لقد أعطى ذلك إشارات في غاية الوضوح مفادها ان هذه السلطة ربما لا تكون معنية بأي اجراء إسرائيلي عنيف من شأنه تدمير هذه الحركة وسحقها، وهذا لا يمكن ان يتم الا عبر هجوم يتسم بالاجرام سوف تكون كل غزة ضحية له.

الآن، لا تستطيع السلطة الفلسطينية أن تتملص من مسؤولية ما فعلته إسرائيل، فهي تريد ازالة حماس بأي طريق، لذلك فإن ما شهدناه تتحمل هذه السلطة جانبا مهما من مسؤوليته، ومع ذلك فان ما حدث يستدعي التوقف عنده طويلا من أجل استنباط الدروس الملائمة، واهمها ان قيادة وفصائل الشعب الفلسطيني بمختلف اتجاهاتها أثبتت افلاسها وفشلها الذريع، وان الوقت حان للبحث عن بديل قادر على جمع هذا الشعب، بعيدا عن laquo;الاسماء اللامعةraquo; التي قادت الى مجموعة هائلة من الخيبات، دفع ثمنها الشعب الفلسطيني باهظا، وما رأيناه في غزة هو مجرد صفحة دامية من صفحات كثيرة ومؤلمة.

القيادة الفلسطينية تعيش في مأزق حقيقي، وهي غير قادرة، ولا تملك المقومات لاصلاح الاوضاع، فبينما كانت الحرائق تشتعل في غزة، سمعنا رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يوجه اللوم ضمنيا الى حركة حماس، عندما أعلن انه كان في مقدورها تجنب ما حدث، وهو عندما كان يتحدث بهذا المنطق، كانت الشرطة التابعة للسلطة تصادر اعلام حركة حماس خلال تظاهرة تضامن مع غزة في رام الله، بينما انشغلت قوات أمنية اخرى بإطلاق النار في الهواء لتفريق تظاهرة لحماس في الخليل.

هذا هو المشهد، دون زيادة او نقصان، لذلك لا معنى على الاطلاق لتوجيه اللوم الى الانظمة والحكومات العربية، فالعلة الاساسية تكمن في السلطة الفلسطينية ذاتها وليس في أي سلطة عربية اخرى.

إن ما يحدث في غزة هو حرب هدفها اقصاء حماس، واعادة القطاع الى مظلة السلطة الفلسطينية، وهكذا فان إسرائيل ليست وحدها من يضرب، وليست وحدها صاحبة المصلحة في تدمير حركة حماس، ومسحها من على وجه الارض كما قال أكثر من مسؤول إسرائيلي، وفي اكثر من مناسبة.