بوش منح اسرائيل الوقت الكافي لانهاء المهمة
لندن - quot; القدس العربي quot;
استمرت اسرائيل في حملتها لتدمير البنية التحتية في قطاع غزة من وزارات ومؤسسات عمل مدني، ومع بداية ما يعتقد انه استراتيجية جديدة لاستهداف القادة السياسيين لحماس بعد ان لم يعد لدى اسرائيل ما تضربه من اهداف وبنايات، بدأت اسرائيل حملة دبلوماسية دولية لشرح موقفها فيما يراه معلقون امكانية التحضير لهجوم بري على القطاع.
وهناك ملامح لهذا الهجوم ليس من الحشود العسكرية الهائلة حول القطاع بل من خلال سماحها لرحيل الرعايا الاجانب.وكانت وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني قد زارت العاصمة الفرنسية باريس لشرح الموقف الاسرائيلي بعد رفض الحكومة المقترح الفرنسي لهدنة مؤقتة، وقالت ليفني ان اسرائيل تحتاج الى مزيد من الوقت للانتهاء من العملية وتدمير منصات اطلاق الصواريخ المحلية التي تطلقها حماس على جنوب اسرائيل.
وجاءت الحملة الدبلوماسية في الوقت الذي اغتالت فيه اسرائيل قائدا بارزا في حركة حماس هو نزار ريان احد قادة الصف الاول في الحركة وعدد من افراد عائلته معظمهم من الاطفال والنساء.
وجاء رفض اسرائيل هدنة انسانية لانه لا توجد كما تزعم 'ازمة انسانية'. ونقلت صحيفة 'نيويورك تايمز' عن مسؤول اسرائيلي وصفه الخطة الفرنسية بانها غير 'واقعية' و'متعجلة'. ويبدو ان الرفض الاسرائيلي لهدنة مؤقتة جاء لان لديها خطة طويلة الامد حسب ليفني وان العملية ليست عملية قصيرة المدى.
وفي الوقت الذي ظلت فيه اسرائيل غامضة حول الهدف الرئيسي ان كانت ستطيح بحماس او وقف الصواريخ الا ان استهدافها لمؤسسات الحكم يبدو انه يهدف لخلط الاوراق. ونقل عن جمعيات انسانية اسرائيلية قولهم ان اسرائيل سمحت لدخول شاحنات اغاثة طبية وانسانية للقطاع الا ان حجمها يظل صغيرا ومحدودا.
امتحان مبكر لكلينتون
وفي تقرير لها عن التحديات التي تفرضها غزة على الادارة الامريكية القادمة، خاصة وزيرة الخارجية المرشحة هيلاري كلينتون، ترى ان مهمتها لن تكون سهلة. خاصة ان كلينتون اعتمدت في وصولها للكونغرس على الصوت اليهودي في نيويورك. واشارت الى حادث ظلت تحاول شرحه عندما وقفت الى جانب زوجة الرئيس عرفات سهى التي القت كلمة لم تعجب اليهود. واجتهدت كلينتون لكي تؤمن موقعا لدى اليهود وتصبح صديقتهم. وترى الصحيفة ان كلينتون يجب الآن ان تظهر انها وسيط شريف بصفتها وزيرة خارجية وليست صديقة لليهود عندما تواجه ازمة غزة والتي ستكون اول مهمة لها كوزيرة للخارجية. وفي الوقت الذي ستجلب معها نيات حسنة للمنطقة معتمدة على جهود زوجها السابقة، ولكن على كلينتون كما ان تؤكد للفلسطينيين انها ستكون وسيطا مستعدة للعمل مع المصريين والدول العربية، وانها ستقوم بالضغط على اسرائيل عندما يحتاج الامر لذلك.
ونقلت 'نيويورك تايمز' عن محلل في معهد وودرو ويلسون للباحثين قوله ان على كلينتون ان تظهر استقلالية عن اسرائيل. مشيرا ان مصالح امريكا قد تفترق عن مصالح اسرائيل.
واشارت الى ما اسمته الموقف الحذر الذي اتسمت به السياسة الخارجية الامريكية تجاه الازمة الحالية، ففي الوقت الذي شجبت فيه حماس، دعت وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس اسرائيل الموافقة على تهدئة.
وحتى الآن رفضت التعليق على ما يجري في غزة، مؤكدة موقف الادارة القادمة ان هناك ادارة واحدة في وقت واحد وهي ادارة جورج بوش. ولكن سجل هيلاري يشير الى انها شجبت حماس والصواريخ التي تطلقها على اسرائيل. واكدت في خطاب امام مجموعة ضغط يهودي بعد خسارتها ترشيح الحزب انه يجب على الرئيس القادم ان لا يتفاوض مع حماس لانها حركة ارهابية ومدعومة من ايران التي تريد تدمير اسرائيل.
وكانت كلينتون في اثناء حملتها قد هددت بمحو ايران ان تجرأت على ضرب اسرائيل. وتتلقى كلينتون النصح من مارتن انديك، سفير امريكا السابق في ادارة كلينتون لاسرائيل، وانديك من الاسماء التي ذكرت كمبعوث خاص للشرق الاوسط. ويعتقد محللون ان كلينتون قد تضطر لمعالجة ملف غزة بنفسها وانها قد تعطى فرصة لانها تمثل ادارة جديدة لم تختلف في موقفها من حماس عن موقف الادارة السابقة. ويقول محللون ان التحدي الاكبر امام كلينتون هو تأكيد دعمها لاسرائيل في الوقت الذي ستعمل فيه مع المصريين من اجل التوصل لوقف اطلاق نار دائم في غزة.
واشارت 'واشنطن بوست' الى ان تحسن الجو يهيء الظروف امام الجيش الاسرائيلي لدخول غزة، ونقل عن المتحدثة باسم الجيش ان القوات الاسرائيلية موجودة على الحدود مع غزة وهي جاهزة لاي شيء. واشارت الى الاهداف الاسرائيلية غير الواضحة من العملية التي يعتقد محللون انها تهدف لنزع هدنة من حماس بشروط تفضيلية من تلك التي تم توصل اليها عبر المصريين. واشارت الى الفكرة التي تم تعويمها من قبل وزير الخارجية المصري عن مراقبين دوليين وترحيب اسرائيل بمراقبين مدنيين. وقالت الصحيفة ان هناك ضغوط من داخل اسرائيل لتدمير حماس وهذا يعني عملية برية سيرتفع فيها عدد الضحايا. ونقل عن مسؤول اسرائيلي قوله ان اية عملية لتدمير حماس تحتاج الى دخول غزة والسؤال هنا عن الثمن. وقال ان كل اللاعبين في المنطقة يتساءلون عن ترددنا حتى الآن اذا كنا اقوياء.
هدية اسرائيل لاوباما
في صفحة الرأي بصحيفة 'واشنطن بوست' كتب تشارلس غروثمار مقالا عن ما اسماه 'الوضوح الاخلاقي' الذي تمارسه اسرائيل في العملية الاخيرة من ناحية تحذير السكان قبل قصف بيوتهم. وان حماس لا تحب اكثر من رؤية الموتى الفلسطينيين كحبها رؤية اليهود موتى. وقدم الكاتب رؤية اسرائيل بما فيها عن غزة وحماس قائلا: ان اسرائيل اعطت اهل غزة فرصة لبناء دولة ومع ذلك لم يقيموا شيئا وان حماس بعد ثلاثة اعوام اعطت برفضها تجديد الهدنة اسرائيل المبرر لاعادة الوضع والهدوء الذي ارادته مع جيرانها من اهل غزة ووقف الصواريخ. وقال ان نهاية الحرب يجب ان لا تكون اقل من وقف اطلاق نار دائم وبدونه تكون اسرائيل خسرت حربا اخرى. وختم قائلا: ان السؤال هو ان كانت اسرائيل لديها الارادة والمبرر الاخلاقي للانتصار. وفي مقال مشابه قال مايكل غيرسون ان اسرائيل لم تكن عشوائية في قصفها وان العملية التي اعلنتها على حماس مبررة وان اسرائيل لن تقبل بسلام طالما ظلت الصواريخ تسقط عليها.
وقال ان اقتلاع المشكلة وهي حماس ليس عائقا للسلام بل شرطا للعودة اليه. وقال انه ليس مصادفة توقيت العملية في نهاية ولاية جورج بوش، والتي يجب ان تكون ادارة اوباما ممتنة لاسرائيل فاذا انتهت العملية مع يوم تنصيب اوباما في 20 من كانون الثاني (يناير) الحالي فاوباما سيكون قادرا على البدء بعملية سلام جديدة.
ولكن الكاتب اشار الى المخاطر الناجمة عن تعريف ماهية الانتصار مشيرا الى ان قادة اسرائيل لم يكونوا ليتخذوا قرار الحرب بدون ان تكون لديهم الرؤية الواضحة لانهائها. وقال ان امريكا تواجه حكما اخلاقيا تجاه الصراع يتعلق بالتفريق بين القتلة والضحايا ودعم حليف حتى يتم تحقيق نصر واضح ضد الارهاب.
وترى صحيفة 'الغارديان' ان الرسائل المتضاربة من ادارة بوش تعني ان هذه الادارة في حساباتها ترى ان اسرائيل يجب ان يكون لها الوقت المتاح لانهاء المهمة التي لا تقتصر على وقف الصواريخ بل قتل قادة الحركة وتدمير البنية التحتية لغزة وتدمير مخازن السلاح.
وعن ماهية المخاطر التي اشار اليها الكاتب، احتلال طويل المدى او دخول مكلف، اشارت 'لوس انجليس' الى ان وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك هو من سيفوز او يخسر من العملية فان نجح في وقف الصواريخ فالراي العام الاسرائيلي سينظر اليه كزعيم تحتاج اليه اسرائيل وان فشلت العملية فسيكون الخاسر. واشارت الى الثلاثي الذي يقود العملية، رئيس الوزراء ايهود اولمرت ووزيرة الخارجية تسيفي ليفني وهو ثلاثي كل فرد فيه يكره الآخر. ومن هنا يتساءل الاسرائيليون ان كان الثلاثة سيتفقون على سياسة واضحة للقضاء على حماس. مثلا ترغب ليفني بانشاء حقيقة جديدة في غزة اما باراك فيدعم الابقاء على الحصار والقيام بغارات محددة والتعاون مع المصريين لمراقبة الحدود. ومن هنا جاء دعمه للاقتراح الفرنسي الذي رأى فيه نهاية سريعة للعملية لاعتقاده ان حماس بالضربة المفاجئة خسرت الكثير. والمعركة لحماس تمثل لباراك فرصة استعادة شعبيته التي خسرها اثناء توليه الحكومة عام 2000.
واشارت روزا ب بروكس في افتتاحية 'لوس انجليس تايمز' الى ان ضرب حماس له علاقة بالتنافس السياسي داخل الاحزاب الاسرائيلية. ودعت لعودة قوية للولايات المتحدة الى العملية السلمية والانخراط في المنطقة.
واشارت الى انه طالما وجد بوش في البيت الابيض، فاسرائيل لم تكن لتعتمد على دعمه بل على الدعم الاعمى وغير العاقل. ولان اوباما قد لا يكون مستعدا لهذا الدعم جاء توقيت العملية قبل تنصيبه وقبل الانتخابات الاسرائيلية.
وقالت انه في الحسابات العسكرية المجردة فاسرائيل ستنتصر على حماس الضعيفة، لكن تدمير غزة لن يقود للسلام وضعف حماس سيكون مؤقتا، كما ان الدمار لن يكون على اسرائيل وحماس وحدهما بل على القوى والدول المعتدلة التي تواجه جماهير غاضبة بسبب العملية، كما ان الغضب سيكون مسؤولا عن تأجيج المشاعر المعادية للغرب وامريكا.
وقالت انه حان الوقت لكي تستفيق من سباتها العميق وتعود للانخراط بقوة في المنطقة وتدفع اسرائيل لاتخاذ قرارات صعبة تتعلق بامنها.
التعليقات