داود الشريان
بعد نهاية حرب تموز (يوليو) على لبنان، افتعل laquo;حزب اللهraquo; حرباً داخلية لتغيير موقعه السياسي، واستبدل نتائج انقلاب بيروت، بنتائج الحرب على لبنان، وفرض واقعاً سياسياً افضى الى اتفاق الدوحة. الأرجح ان laquo;حماسraquo; ستلجأ الى شيء مشابه لتغيير وضعها السياسي، والخروج من مأزق الحرب على غزة الذي يسير في غير صالحها. واسرائيل سترى في تطور من هذا النوع انقاذاً لورطتها العسكرية والسياسية في غزة، وربما تحرض عليه، وتهيئ الظروف لحدوثه.
نحن اذاً أمام احتمال نشوب حرب أهلية في الاراضي الفلسطينية. وهذه الحرب، ان تمت، ستعفي الدولة العبرية من فضائع ما جرى، ومثلما غيب العنف في العراق جرائم الجيش الاميركي، فإن الاقتتال الفلسطيني سيعزز أهداف العملية العسكرية الاسرائيلية المتوحشة، ويكرس تشرذم الفلسطينيين، واستبعاد الاحتلال كسبب رئيس لكل ما جرى ويجري. لكن هل ستحصل laquo;حماسraquo; على ثمن مشابه، او مقارب لذاك الذي حصل عليه laquo;حزب اللهraquo; من وراء حرب بيروت، في حال افتعلت، او جرت الى حرب اهلية؟ laquo;حماسraquo; ستفقد الكثير اذا بقيت متمسكة بقوة لا تملكها. ناهيك عن ان استمرار امد هذه الحرب ليس في مصلحة laquo;حركة المقاومة الاسلاميةraquo;، والناس ستفقد بعد قليل حماستها لموقف laquo;حماسraquo; مع تزايد عدد الشهداء والجرحى والدمار، فكيف اذا دخلت laquo;حماسraquo; في حرب اهلية.
لا شك في ان التخبط السياسي الذي تعيشه الساحة الفلسطينية اوصل laquo;حماسraquo; الى موقف لا تحسد عليه، وجرى تصوير الحركة على انها تستخدم شعار المقاومة للوصول الى الحكم، اضافة الى ان تداعيات هذه الحرب على الساحتين الفلسطينية والعربية شوهت القضية الفلسطينية، واسقطت جدار فلسطين في دواخلنا، وأدخلتها في الخلافات والسجالات العربية - العربية، ونقلتها من قضية احتلال الى مسألة معابر وحدود، فأصبحنا للمرة الاولى منقسمين امام ما يجري في فلسطين، وحين نهدأ سوف نلوم السياسيين الفلسطينيين، فالتطورات السياسية والاعلامية، وان شئت الثقافية، اوجدت انقلاباً على ثوابت عشنا معها على مدى ستين سنة، لكنها اليوم تتهاوى امامنا، ولن نستغرب ان تخلق هذه الحرب تشويهاً عميقاً لمفهوم المقاومة وصورة المقاوم، تماماً كما حدث في العراق.
- آخر تحديث :
التعليقات