رندة تقي الدين

laquo;يجب توقف العنف ويجب أن تسهل اسرائيل دخول المساعدات الانسانية الى غزةraquo;. بهذه الكلمات توجه الرئيس الفرنسي الى القيادة الاسرائيلية وفي الوقت نفسه حمّل laquo;حماسraquo; مسؤولية معاناة الشعب الفلسطيني بإيقافها الهدنة وعودة صواريخها الى المدن الاسرائيلية.
مشكور الرئيس الفرنسي لتحركه السريع الى الشرق الأوسط وحض أصدقائه في اسرائيل على وقف إطلاق النار والقبول بهدنة انسانية. إلا أن المبادرة الفرنسية أتت متأخرة لأن اسرائيل لا تسمع ولا تنفذ ما يطلب منها من دول صديقة مثل فرنسا كونها تدرك أن لا أحد في الغرب يضغط عليها. فإسرائيل منذ 40 سنة لم تشهد ممارسة أي ضغط فعلي من أصدقائها لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، لا في اطار اتفاق أوسلو ولا في اطار خريطة الطريق ولا في اطار مساعي اللجنة الرباعية. فالضغوط كانت كلها مواقف كلامية ولم يتجرأ يوماً رئيس غربي على معاقبة اسرائيل لأنها لم تنفذ ما طلب منها. فكم ردد رؤساء فرنسا وآخرهم ساركوزي ان على اسرائيل أن توقف الاستيطان وأن ترفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، حتى أن ساركوزي تجرأ على القول أمام laquo;الكنيستraquo; إنه ينبغي أن تكون القدس عاصمة الدولتين والشعبين الاسرائيلي والفلسطيني. ولكن طالما لم تنفذ القيادة الاسرائيلية كل ذلك وطالما بقي الأوروبيون والأسرة الدولية على مواقفهم الكلامية فآلية الضغط غير واردة. وبالعكس حصلت اسرائيل خلال رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي على رفع علاقتها مع الاتحاد الى شراكة مميزة.
واليوم والقيادة الاسرائيلية تشن حرباً على المدنيين الفلسطينيين في غزة وتقتل الضحايا الأبرياء وتستمر في القصف وفي حربها بالطائرات والدبابات، الى أين كل هذا الدمار، مرة جديدة في تاريخها؟
فمثلما فعلت في 2006 في لبنان ها هي تحول laquo;حماسraquo; الى مقاومة فلسطينية لها شعبية في كل الشوارع العربية التي تشعر بتضامن معها. فالأسرة الدولية التي حاربت وعاقبت laquo;حماسraquo; وأوروبا التي وضعتها على لائحة الإرهاب قد تجد نفسها بعد هذه الحرب على غزة مجبرة على تحويل laquo;حماسraquo; الى محاور للأسرة الدولية التي تبحث عن وقف لاطلاق النار.
وعلى رغم كل المساعدات التي قدمتها الأسرة الدولية للسلطة الفلسطينية خلال مؤتمر باريس حيث تمكنت السلطة بفضل فعالية وشفافية ونزاهة رئيس حكومتها سلام فيّاض من تمويل التطور في المناطق الفلسطينية واستخدام هذه الأموال، إلا أن ذلك لم يكف. فالمساعدات المالية كان ينبغي أن تكون مقترنة بضغوط حقيقية على إسرائيل لرفع الإغلاق وتفكيك المستوطنات ورفع المعاناة اليومية عن الشعب الفلسطيني. فهذا كان أساسياً لمساعدة القوة المعتدلة في الأراضي الفلسطينية، إلا أن الإغلاق بقي والاستيطان زاد وتفاقم الفقر والبؤس في غزة وخطر التطرف تعزز. فمحاولة وقف الحرب الإسرائيلية على غزة تأتي لسوء الحظ متأخرة لأن إسرائيل أصبحت مدركة أن حقوقها محفوظة في الغرب الذي لن يعاقبها مهما فعلت.
والخوف اليوم هو أن تؤدي هذه الحرب على غزة إلى المزيد من التطرف في الشرق الأوسط وتقوية laquo;حماسraquo; مقابل انهاء دور القوى المعتدلة المتمثلة بالسلطة الفلسطينية. وإسرائيل اليوم تشن هجوماً وحشياً على الشعب الفلسطيني ونتائجه مضمونة مع قتل الأبرياء الفلسطينيين وجعل laquo;حماسraquo; والقوى المتطرفة أكثر شعبية في العالم العربي من دون أن يوفر ذلك حماية للشعب الإسرائيلي مثلما تدعي إسرائيل. فالشعب الإسرائيلي لن يجد أمنه وسلامه إلا عن طريق التنازلات الإسرائيلية الفعلية وتطبيق الاتفاقات الدولية التي وافقت عليها ولم تنفذها.
واليوم والرئيس الفرنسي يردد في كل محطة من جولته في الشرق الأوسط أنه جاء للبحث عن حل ولم يمكنه الانتظار وراء مكتبه وهو يرى ما يحصل من دون التحرك، فإن جهوده مشكورة. ولكن صراع الشرق الأوسط ومعاناة الفلسطينيين يحتاجان إلى موقف يقوم على الضغط الفعلي على إسرائيل كي تنفذ ما طلبته منها القيادات الفرنسية، وما وافقت عليه من دون تنفيذه لأنها مدركة أن اصدقاءها لن يعاقبوها يوماً.